كتبت ميرنا سرور:
توجه اليوم سهام الغوغائيين، الانعزاليين، والإلغائيين، إلى الحريرية الوطنية. هؤلاء باختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم وتسمياتهم، سواء كانوا من فلول النظام الأمني السوري الذي احتل لبنان ونهب مقدراته على مدى سنوات، أو من "ثوار الغفلة" الذين تعد سهولة غسل أدمغتهم بسهولة خداع طفل بقطعة حلوى، أو ممن هم عالقين "ما بين بين"، يسعون، عن عمدٍ أو من دونه، الى أن يشوهوا نهجًا وطنيًا عريقًا، محى بمسيرته ما اقترفته يد آبائهم من آثام بحق لبنان، بشرًا وحجرًا.
انطلق لبنان منذ اسابيع بمسيرة الالف ميل في مشوار الانهيار الاقتصادي، مع إعلان الحكومة تخلفها عن سداد دفعة اليوروبوند المستحقة، ومن ثم جاء الحديث عن "هير كات" ستقضي على ما تبقى من أمل باسترجاع عافية الاقتصاد يومًا، يضاف إلى كل ذلك المعضلة النقدية المتمثلة بانهيار قيمة الليرة مقابل الدولار، وما لها من آثار كارثية على القدرة الشرائية للمواطن اللبناني.
هذا الوضع بسوداويته لا يعد أنصع بياضًا مما كان عليه حين استلم رفيق الحريري دفة الحكم، واليكم الأرقام والوقائع:
- تعد السنوات الثلاث الممتدة بين ١٩٨٣ و ١٩٨٦ الاكثر تدميرا للاقتصاد اللبناني، وهي التي شهدت انهيارا كاملا لكافة مقوماته
- الناتج المحلي الإجمالي انخفض بحدود ٥٠٪
- تفككت سلطة الدولة المالية بشكل تام، وخرج الانفاق العام عن سيطرتها
- مصرف لبنان بات الممول لخزينة الدولة الموزعة على مناطق قوى الأمر الواقع
- أطلقت السلطات النقدية آنذاك التمويل التضخمي، ما أدى إلى انهيار العملة الوطنية
- بدأت الليرة تفقد قيمتها منذ منتصف العام ١٩٨٥ ووصل إلى الذروة في العام ١٩٩٢
- خسرت الليرة ٤٥٠ ضعفًا من قيمتها
- الانهيار المالي أصاب الخزينة بعجز نسبته ٩٠٪ من النفقات العامة
- فاتورة التضخم وصلت إلى ٩٨٪ من كل ليرة، اي أن قيمة كل ليرة يملكها المواطن اصبحت ٢٪ مما كانت عليه
أنذرت كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المعنية بالملف اللبناني من إمكانية الانهيار النهائي، حينها كانت انطلاقة رفيق الحريري، في ظروف يشهد القاصي والداني بمأساويتها...
كانت البداية في لجم انهيار العملة الوطنية، وتم تثبيتها عند الـ١٥٠٧، ولم يعمد رفيق الحريري الى تثبيت سعر الصرف دون ضمانات، بل عمل على استقطاب الـFDI، اي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفعت قيمة الاحتياطات الأجنبية بـ٣٠ ضعفًا، من نصف مليون دولار، الى ١٥ مليارًا في العام ٢٠٠٤، وكان ذلك بفضل سياسات رفيق الحريري.
أطلقت العجلة الاقتصادية في كافة القطاعات، التي كانت قد تفرملت بشكل كامل، وبالفعل بدأت معدلات النمو تعكس هذا الواقع، ووصلت إلى ١٠٪ في العام ١٩٩٣، وتابعت بمستويات إيجابية بعد ذلك، وانخفضت معدلات البطالة في مطلع العام ١٩٩٣ إلى ٨٪ بعد أن وصلت إلى مستويات كارثية (يحكى عن ٦٠٪ - ٧٠٪).
رفيق الحريري أعاد اعمار ما دمره أمراء الحرب وملوك الطوائف، رفيق الحريري ليس مسؤولاً عما أفسده سواه، وللعلم، لن ينشل لبنان من مستنقع الانهيار هذا سوى "رفيق الحريري" آخر، وإلا فالانهيار النهائي محتم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.