اعتباراً من يوم الاثنين، سيصبح شراء الخبز ومشتقاته من الافران حصراً، بعدما أعلنت نقابات المخابز والأفران في لبنان عدم قدرتها على تحمّل أكلاف التوزيع والعرض من دون أي زيادة في سعر ربطة الخبز. فهل تحرم المناطق النائية من الخبز؟ وهل تعمّ الفوضى في تسعير الخبز اذا تأمّنت من قبل المحال التجارية بحيث نصبح امام تسعيرتَين للربطة؟
لم يُفضِ الاجتماع الذي جمع وزير الإقتصاد والتجارة راوول نعمة مع اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان الى أي نتيجة لحل الأزمة الناجمة عن ارتفاع كلفة إنتاج الرغيف نتيجة تدهور سعر صرف العملة، لذلك عقد الاتحاد اجتماعاً أمس شارك فيه نائب رئيس الاتحاد علي ابراهيم، رئيس نقابة صناعة الخبز في لبنان انطوان سيف، رئيس نقابة تجمع اصحاب الأفران والباتيسري رياض السيد ورئيس نقابة أصحاب الأفران في الشمال طارق المير، أُعلن في نهايته انّ «المفاوضات مع وزير الاقتصاد والتجارة لم تؤد الى اتفاق حول كلفة ربطة الخبز مما يؤثّر سلباً على قدرة الأفران على توزيع الخبز خارج الفرن».
وقرّر «وقف توزيع الخبز الى المناطق اللبنانية كافة، والإبقاء على بيعه في صالات الأفران دون سواها، اعتباراً من صباح يوم الاثنين 20 نيسان 2020 بالسعر والوزن الحالي». كما أعلن عدم مسؤوليته «عن الاكتظاظ الذي سيحصل أمام الأفران».
وفي السياق، عَزا النقيب سيف لـ»الجمهورية» هذا القرار الى ارتفاع كلفة المواد الأولية والكلفة التشغيلية في وقت يتدهور سعر صرف الليرة وقد تخطّى 3000 ليرة مقابل الدولار. هذه العوامل أدّت بطبيعة الحال الى ارتفاع في كلفة إنتاج الرغيف ونحن غير قادرين على تحمّلها، تُضاف اليها أعباء كلفة توصيل منتجات الافران الى مختلف المناطق، والعمولة التي ندفعها الى السوبرماركات والمحلات التجارية لعرض منتجاتها. أصبحنا غير قادرين على تحمّل كل هذه التكاليف، لذلك اتخذنا قراراً ببيع منتجاتنا في أفراننا حصراً. وأكد انّ الخبز سيؤمّن 24/24 مع التزامنا بالسعر الرسمي لربطة الخبز المحدّدة من قبل الوزارة وهي 1500 ليرة لـ900 غرام ربطة خبز. امّا عن تكاليف توزيع الخبز الى خارج صالات عرض الافران فنأمل من الوزارة ان تحلّ هذه المشكلة.
وأكد سيف ان لا خلاف بين الاتحاد ووزارة الاقتصاد إنما هناك اختلاف في وجهات النظر، ففي السابق كنا نقسّم هامش ربحنا بين البيع بالمفرّق في صالات العرض خاصتنا وبين البيع بالجملة الى المناطق النائية والمحال التجارية. لكنّ هامش الربح هذا، وفي ظل كل العوامل التي ذكرناها، ما عاد موجوداً لذا اتخذنا هذ القرار، خصوصاً انه لا يمكن تحميل المواطن اليوم أي زيادة في سعر ربطة الخبز في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها، رغم انّ أسعار المواد الغذائية ارتفعت ما بين 60 الى 70 في المئة.
وعمّا اذا كانت صالات عرض الافران متوفرة في كل المناطق، قال: لا وجود للأفران في كل المناطق اللبنانية، هناك نقص خصوصاً في المناطق النائية، لكن لا شك انّ الافران منتشرة في بيروت وجبل لبنان.
تابع: لم نكن نتمنّى اتخاذ هذا القرار لكن لم يعد في مقدورنا التحمّل لأنه لم يعد لدينا هامش ربح من إنتاج الخبز، لافتاً الى انّ الافران ستواصل بيعها الخبز لمَن يرغب من أصحاب المحلات لكن بسعر 1500 ليرة ومن صالاتها أي من دون هامش ربح، أما كيف سيحتسب صاحب المتجر ربحه من ربطة الخبز فهذا شأنه.
في المقابل، لوزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة موقف ورواية مختلفين، وهو يصف قرار الافران بالخاطئ، وسينتج عنه سعران لربطة الخبز الأول 1500 ليرة في صالات عرض الافران ويستفيد منه سكان المدن حيث تكثر الافران، والثاني 1750 ليرة لسكان الأرياف والمناطق النائية حيث سيضطرون لشراء الخبز من المتاجر والسوبرماركت لأن ليس هناك انتشار للأفران، وأسوأ ما في الأمر انّ السعر المرتفع سيكون حيث يزداد الفقر وحيث لا قدرة للمواطنين على تحمّل هذا العبء الجديد.
وكشف لـ«الجمهورية» انه بعد الدراسات التي قامت بها الوزارة لكلفة إنتاج ربطة الخبز، وبعد التأكد من الفواتير وتصحيح الكثير من الأسعار الخاطئة التي وضعها أصحاب الافران ومع احتساب سعر الدولار بـ 3100 ليرة، تبيّن لنا انه اذا باع أصحاب الافران كيلو الخبز (علماً انّ ربطة الخبز هي 900 غرام) في صالات العرض بـ1500 ليرة يكون هامش ربحهم 22 في المئة، واذا بيع بالجملة لأصحاب المتاجر والسوبرماركت مع كلفة التوصيل يتراجع هامش ربحهم الى 12 في المئة.
إنطلاقاً من هذه المعطيات، اعتبر نعمه انّ رفع سعر ربطة الخبز لأكثر من 1500 ليرة لـ900 غرام غير مبرر. وكشف انّ أصحاب الافران ابلغوا الوزير انهم يقبلون بالسَّير بتسعيرة 1500 ليرة لربطة الخبز شرط تحديد الوزارة لسعر الجملة على ألّا يكون أقل من 1250 ليرة، ولمّا رفض هذا الشرط انطلاقاً من انّ دور وزارة الاقتصاد هو حماية المستهلك ولا علاقة له بتحديد الأسعار بين التاجر وصاحب الفرن، أبلغ أصحاب الافران أمس وزير الاقتصاد نيّتهم رفع سعر الربطة الى 1750 ليرة. ولمّا لم يتوصّل الطرفان الى أي اتفاق، أعلن أصحاب الافران الإبقاء على 1500 ليرة لربطة الخبز مع حصر بيعها بهذا السعر في الافران.
وعن الحلول المتاحة لهذه الأزمة، قال: حتى يوم الاثنين هناك العديد من الحلول المطروحة لكننا لن نقبل أبداً بسعرين لربطة الخبز، مذكّراً انّ أصحاب الافران يشترون الطحين بالسعر المدعوم من المصرف المركزي وفق سعر 1500 ليرة للدولار، وهذا الطحين المدعوم لا يقتصر استعماله لصناعة ربطة خبز زِنة 900 غرام فقط إنما أيضاً لصناعة خبز زِنة 550 غراماً، كما يدخل في صناعة بقية منتجات الافران.
المصدر: الجمهورية
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.