أسعد حيدر

20 نيسان 2020 | 14:55

كتب أسعد حيدر

إيران نحو "عسكرة "النظام

إيران نحو


استغربت جدا وانا استمع لمعارض ايراني وهو يقول : " اغتيال الأمريكيين للجنرال قاسم سليماني بقرار مباشر من ترامب هو اغبى قرار اتخذه رئيس أميركي خلال أربعين سنة من المواجهة بين الولايات المتحدة الاميركية والجمهورية الاسلامية في ايران " . قلت :" اعرفك معارضا للنظام ولست محبا للعسكر فماذا حصل حتى تتأسف على مقتل الجنرال قاسم سليماني وتصفه بالعمل الغبي " أجابني بثقة ووضوح : " المرحلة القادمة تفرض هذا الموقف … اعرف ان الإعمار بيد الله ولكن المرشد خامنئي اجتاز العتبة ولذلك يعمل على التحضير لخلافته وكان يعتمد في عملية الانتقال الهادئ على رجله في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني الذي تدرج حتى اصبح شريكا وليس تابعا له وكان قادرًا على الفعل وضبط الساحة ليس لانه يخيف وانما لأنه كان "العلبة السوداء " التي تختزن اسرار الجميع من قادة ومسؤولين الى جانب اخر مهم انه كان دارسا ممتازا للعلوم الدينية ، ووصيته التي نشرت بعد مقتله رغم وجود فقرات تؤشر الى إمكانية إضافتها بعد وفاته حتى تكتمل وظيفتها تؤكد تعمقه في الدراسة ،وأخيرا كان يمسك باقتدار "فيلق القدس "القوة الضاربة في الحرس والجيش …

قلت للمعارض الإيراني :"هذا لا يكفي لموافقتك على موقفك هذا فماذا جرى او يجري "?اجاب " انا اخاف على إيران من الفوضى خصوصا وان اسبابا كثيرة موجودة حاليا ، وكنت أقول دائما الويل للايرانيين إذا وقعت الفوضى لأنها سرعان ما "ستتسورن " اي على غرار سوريا . توجد قوى عديدة الى جانب واشنطن تتمنى اشتعال الوضع ولكل من هذه القوى أسبابها الخاصة . الجنرال سليماني كان مؤهلا لضبط التطورات مع مجموعة مهمة من قيادات "الحرس " اما الان فان الطامحين للعب دور او حتى للقفز الى السلطة عديدون …

أضاف لا شك أن خامنئي الذي بكل ما يملك من صلاحيات قد صاغ النظام على قياسه سارع الى سد الثغرة وعين قائدا جديدا قويا هو اللواء إسماعيل قاءاني الذي يعرف تفاصيل الفيلق لانه كان نائبا لسليماني الا ان الأسرار الاساسية للفيلق وخصوصا علاقاته بكل ما يتعلق بالخارج دفنت مع سليماني ، ويلزمه الكثير من المهمات واللقاءات ليبني ما له وليس على ما ورثه . لكن لا يجب تناسي أن خامنئي وهو يصيغ الجمهورية على قياسه قد غير الكثير من تركيبة النظام والقوى الى درجة الطلاق مع بدايات الثورة والجمهورية الأولى التي قادها الإمام الخميني .

ارتكز الامام الخميني في إطلاق الثورة ومن ثم في بناء الجمهورية على قوى فاعلة في المجتمع الإيراني أبرزها : المعممون، سواء كانوا من العلماء او الدارسين الملتزمين ،وايضا البازار الذي انتج إضرابه الى منح الثورة قوة دفع ضخمة لما كان له من وجود ضخم على الصعيدين الاقتصادي _المالي والمجتمعي _العائلي . اما الان فان موقع العلماء والمعممين تراجع كثيرا بعد فرض خامنئي نفسه مرجعا لا تراجع كلمته وأمره ومن يطيعه ويلتزم بتوجيهاته يقوى حضوره خصوصا في مؤسسات ومواقع النظام ،وبعد أن ربط العائدات المالية للمراجع به ومن خالفه لم يعد يحصل سوى على القليل من العائدات مما انعكس سلبيا على عدد تلامذته وعلى عدد مقلديه وبالتالي على رأيه وموقفه في كل ما يحدث في البلاد . بهذا تراجع كثيرا عدد المرشحين للخلافة ، بحيث اصبح ابراهيم رئيسي رئيس هيئة القضاء والمرشح الفاشل لرئاسة الجمهورية ، المفضل من خامنئي لخلافته هذا إن لم يكن ابنه مجتبى الأفضل بالنسبة له لولا أن عدم خلافة أحمد ابن الامام الخميني له أصبح مثالا من الصعب جدا القفز فوقه . واي قراءة للعلماء المحيطين لخامنئي تؤكد حجم الفقر في لائحة المرشحين .من ذلك أن أبرز آيات الله في مجلس الخبراء الذي وظيفته ترشيح الولي الفقيه ومراقبته وصولا الى اقالته( وهي مهمة لم يقم بها المجلس ) هم : حسين وحيد خرساني (٩٩سنة) لطف الله كلبكياني ( قريب من المئة عام ) حسين نوري حمداني ٩٤عاما) ناصر مكارم الشيرازي (٩٢عاما موسى زنجاني(٩١ عاما) الخ يبقى أن مرشحين اخرين مثل مصباح يزدي وصادق لاريجاني قد دخلا كما يبدو في حالة الصمت لأسباب مختلفة .

حاليا في "الجمهورية الخامنئية " أصبحت القوة المحركة والفاعلة :مكتب المرشد اية الله خامنئي الذي يضم حوالي ١٢الف "موظف" حسب مختلف التقديرات لان للمرشد ممثلين له يديرون جميع مؤسسات الدولة حسب توجيهات المستشارين من الخارجية الى الحرس والدفاع والأمن . ويتمتع خامنئي بميزانية مستقلة وغير خاضعة للرقابة والمحاسبة ناتجة عن إمساكه بعائدات "العتبة الرضوية "في مشهد "ومؤسسة المستضعفين "و"خاتم الأنبياء "وقدرت ثرواتها المستثمرة بحوالي ٩٦ مليار دولار الى مائتي مليار دولار، وقد عمد خامنئي الى رفد الحرس من هذه الميزانية بالأموال التي يحتاجها خصوصا عندما تشدد روحاني فلم يخصص له ما يريده من الميزانية .

أما القوة الثانية فهي "الحرس الثوري " ذلك ان هذه القوة العسكرية التي أنشئت لحماية الثورة والنظام تحولت مع المرشد آية الله خامنئي الى قوة قابضة على النظام ،فهي تمسك بالجزء الأساسي من الاقتصاد وهو"العمود الأساسي للسياسة " ذلك ان أعضاء أساسيين في كل الحكومات وخصوصا في عهد نجاد هم من ضباط الحرس العاملين أو المتقاعدين وكذلك المحافظين ومسؤولي المقاطعات ،كما أن كتلة الحرس التي يطلق عليها "الصخرة " في مجلس الشورى حاضرة بقوة في كل المجالس …

حاليا تعاني إيران وبقوة من فيروس الكورونا وتدهور الاقتصاد وبالتالي ارتفاع منسوب البطالة مما دفع الرئيس حسن روحاني الى القول : "يجب أن نحارب المرض أي الكورونا والبطالة ". يقال أن خامنئي لم يكن يملك الشروط الواجبة لكي يسمى الولي الفقيه ،ورغم ذلك نجح وقاد وحكم ثلاثة عقود حتى الآن وذلك في معرض التأكيد بان الشروط الواجبة في المرشح ليست ضرورية … صحيح كل هذا لكنه صعد سلم السلطة في ظروف مختلفة جدا عن المرحلة الحالية ، الى جانب ذلك أن خامنئي لم يأت من فراغ إذ تدرج في كل المواقع فحفظ تركيبة الدولة جيدا ،وساعده في ذلك وجود الإمام الخميني في العقد الأول من صعوده ومن ثم وجود هاشمي رفسنجاني الى جانبه ومعه طوال العقد الاول بدون مزاحمة ولا منافسة حتى اذا قوي عوده وتمكن أبعاده رويدا رويدا ، حتى وصل الى مرحلة شارك في إسقاطه على يد مجهول هو أحمدي نجاد .

قد ينجح المرشد خامنئي في هندسة خلافته وقد لا ينجح في كلا الحالتين يبدو جليا تراجع موقع " "العمامة " في الجمهورية لمصلحة " كيبيه أي قبعة الحرس " … حاليا من الصعب تسمية النجم الصاعد من الكولونيلات خصوصا أنه من ضرورات التوازن أن يكون منسجما ومقبولا من قيادات الجيش الذي يعود رقما مهما في تركيبة القوة العسكرية الايرانية …

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

20 نيسان 2020 14:55