26 نيسان 2020 | 20:09

هايد بارك

"مذلة" دياب .. وفوبيا "الحريرية" - هدى علاء الدين


كتبت هدى علاء الدين:

فعلها حسان دياب مجدداً، وأطلّ من خلف المنابر مهولاً بعد جرعات من الحقد والكيدية مستقاة من داعميه، فنطق بكل ما هو انتقامي وانقلابي ليبرر فشله وقصر نظره وقلة حيلته في تعاطيه مع الوضعين الإقتصادي والمالي.


في كل مرًّة، يثبت رئيس الحكومة أنه رئيس تابع لا متبوع، وأنه رئيس عاجز عن الإصلاح أو حتى المبادرة في القيام بأي خطوة إنقاذية إيجابية. أكثر من 100 يوم من العجز والفشل لن تمحوها نبرات عالية وعبارات حادّة وكلمات ساخطة، بل ستترسخ في الأذهان 100 يوم من الحملات الحاقدة والبيانات العبثية والمتعجرفة.


كان من المفترض به أن يأتي بخطة يقطع بها يد الفساد ليمد بالأخرى يد الإصلاح، لا أن يمد يديه الإثنتين للتطاول والتشفي من مسيرة عمرها ثلاثة عقود يحتاج هو ومن يحاربها عقوداً من الزمن لمجاراتها أو خلق مسيرة تشابهها. كان من المفترض به أن يحاسب من عاث في الكهرباء والتهرب الجمركي والضريبي والمعابر الغير الشرعية هدراً وفساداً، وأن يباشر بإصلاح القطاع العام والحدِّ من التوظيف العشوائي والمحسوبية والزبائنية.

إن الفجوات الكبرى في مصرف لبنان بحسب دياب في الأداء والإستراتيجيات والصراحة والوضوح وفي السياسة النقدية وفي الحسابات، تقابلها فجوات أكثر إيلاماً واستنزافاً في قطاع الكهرباء، سرقات مكشوفة وهدر على عينك يا تاجر لا تحتاج صراحةً ولا وضوحاً. وإن كان المطلوب اليوم رأس الحاكم، فالمطلوب في المقابل رأس الفساد في الكهرباء صانع نصف الدين العام.


لقد تخطى خطر حسان دياب على الجمهورية كافة الخطوط الحمراء، لكن خطر الجياع عليه وعلى حكومته ستتعدى كل الخطوط. إن الوقوف في وجه من يحاول السيطرة على ما تبقى من الدولة هو أمر مشروع لا بل حتمي، وإن تخويف اللبنانيين بأموالهم ولقمة عيشهم سياسات فاشلة يُراد بها باطلاً. وإن العبث بموقع رئاسة الحكومة وجعلها منبراً لضعاف النفوس ولأصحاب النهج الانتقامي والتخريبي هو انتكاسة لهذا الموقع الوطني الذي يحتاج تحريره واسترجاعه لمؤتمنيه. صحيح إن إعادة الهيكلة الاقتصادية حاجة ملحّة، إنما تبقى إعادة هيكلة الأداء السياسي الذي لا يزال الفريق المسؤول عنه يكابر في فشله وفي اتخاذ قرارات وإجراءات تصب في مصلحته فقط هي الأكثر إلحاحاً.


لو أن حسان دياب قرأ في التاريخ، لأدرك أن تصفية الحسابات وسياسة التشفي والانتقام والخطط البعيدة كل البعد عن الاصلاح والنهوض بالاقتصاد لن تكون وسيلة مجدية لإنقاذ لبنان، وأن تحقيق الأهداف السياسية تحت غطاء إقتصادي، يتجلى في محاولة لإنهاء نموذج لبنان المالي القائم منذ 30 عاماً، وفرض نموذج جديد سيغير الكثير من هوية لبنان المالية واقتصاده الحر هو رهان خاطئ.


لو أن حسان دياب قرأ في التاريخ، لأدرك أن حكومته ليست الأولى في انتهاج هكذا سياسة وهكذا نهج، فقد فعلتها حكومة الحص قبلها وفشلت في ذلك فشلاً ذريعاً. لكن، إن كان يريد دخول التاريخ من باب الكيدية والتشفي، ووجد في محاربة "الحريرية السياسية" الطريق الأقصر لذلك، فعليه أن يدرك أنه دخل تاريخاً أسوداً في حقبة لبنان الحديث، تماماً كما فعل من سبقه عهداً وحكومةً.

ستبقى الحريرية السياسية "فوبيا" تجعله إن قرأ التاريخ لا يعتبر، وستبقى مهمته المستحيلة في إنهائها مهما سعى إليها حلمه الضائع، فالمجد على حساب الحريرية... مذلة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

26 نيسان 2020 20:09