27 نيسان 2020 | 15:23

هايد بارك

تخبط باسيل .. ومسؤولية "حزب الله" - بكر حلاوي

كتب بكر حلاوي: 


حزب الله و تجربة النظام السوري ٢٠٠٤

بمناسبة ذكرى انسحاب الجيش السوري من لبنان، قد ينفع تشبيه الظروف و الاسباب التي كان يعيشها النظام السوري آخر ايام احتلاله للبنان صيف ٢٠٠٤، بالظروف التي تحاصر حزب الله اليوم على مشارف صيف ٢٠٢٠... بأدوات و أطر زمنية متشابهة لحد كبير بالمنظار العام، ولكن متفاوتة بالوسائل و الأحداث.


آخر ايام الوصاية السورية للبنان -٢٠٠٤:

لعبت عدة عوامل دوراً في تسريع انهيار حكم الاسد للبنان، قد يُذكر منها:

-الازمة الدولية: في العام ٢٠٠٤، و بعد طوي صفحة غزو العراق، اصبح جلياً تموضع النظام السوري الى قسم الأنظمة "المغضوب عليها" اقليمياً و عالمياً. و كان لبنان و طريقة ادارته احد ابرز "مشاكل" سوريا لدي دول مجلس الامن، في الكواليس قبل العلن في مرحلة لاحقة.


-الحلفاء: برز ضعف حلفاء الاسد و تشتُّتهِم في ادارة لبنان، حيث ارتاب التردد على الرئيس السوري لدى سعيه لايجاد البديل للرئيس اللبناني اميل لحود اواخر ولايته. و قد نصحه احد حلفائه حينها -الرئيس الفرزلي- بغض النظر عن التمديد، لكن بشار كان خائفاً من جان عبيد و غير واثق تماما من سليمان فرنجية، فأخبر الفرزلي انه سيطلب حضور الشخصيات اللبنانية لإبلاغهم بالتمديد للحود... و كان اللقاء الشهير مع رفيق الحريري.


-معاداة المجتمع اللبناني: بممارساته لأساليب القمع التي لا تنتهجها سوى الأنظمة الشمولية، و بإبعاده و ترهيبه بعض قيادات الاحزاب اللبنانية، انتهى النظام السوري بمعاداة القسم الاكبر من أطياف الشعب اللبناني. خصوصاً بعد ما بدأت المعارضة حينها اللعب على المكشوف في مؤتمر "البريستول" و قد سقط حين ذاك شبح الخوف لدى اللبنانيين و أخذ الاعلام يتحدّث بطلاقة عن مساوئ النظام و اعوانه في لبنان.


التمديد و "حجر الدومينو الاخير": بعد التمديد، اصبح صوت المعارضة مدوّياً لدى دمشق، كما العواصم المؤثرة كواشنطن و باريس. ازداد الضغط الدولي و اللبناني على سوريا و ادواتها الرسمية و المخابراتية. فبدأ جنون النظام في حفلة انتهت باستشهاد رفيق الحريري و سقوط معه الحجر الاخير لدومينو الوجود السوري في لبنان.


حزب الله في ٢٠٢٠:

تتشابه عدّة عوامل ذُكرت مسبقاً لدى النظام السوري، بما يحاصر حزب الله الآن، يُذكر منها:


-الحصار الدولي: حيث اصبح حزب الله الآن المنظمة الارهابية التي يُضرب بها المثل بعد: النظام العراقي في التسعينات و تنظيم القاعدة في مطلع الألفية و تنظيم "داعش" في العقد الثاني من القرن. بالإضافة لكونه الذراع الايرانيّة الاقوى، فالحصار عليه يُعتبر بديهياً لسد اي فجوة يمكن ان يساعد الحزب فيها إيران في التهرّب من العقوبات الدولية.


-الحلفاء: لا ضرورة للتذكير كم تصدّعت الحلقة المتحالفة بالحزب. فهناك خصوم لم و لن يلتقوا مع بعضهم لحسابات رئاسية (باسيل و فرنجية)، و برودة جليّة في العلاقات على كافة المستويات التشريعية و التنفيذية (باسيل و بري)، و هناك حلفاء للحزب ارادوا الابتعاد عن خياراته الحكومية تحديداً(القومي و اسامة سعد)...الخ. يكاد المرء يتخيّل الآن ،و بالممارسة الحكومية، ان الحزب "باع" الجميع مقابل جبران باسيل و عمّه اللذين لم يتبقّ لولايتهما سوى سنتين و نيّف.

-معاداة الداخل اللبناني: في النظر للاصطفافات السياسية منذ ال٢٠٠٥، يتضّح لنا معادات قسم كبير من اطياف الشعب اللبناني لممارسات الحزب التي ساهمت في التدهور الاقتصادي الحالي من خلال العقوبات المصرفية، و ترحيل اللبنانيين من دول الخليج...الخ. كما سعيه لكبح اي صوت معارض لسطوته على الدولة كما فعل مع مظاهرات ١٧ تشرين. لكن ما قد يكون مستغرباً هو تسعير الحزب بنفسه لمعاداة اللبنانيين -المتبقيّين- له عبر الابتعاد الغير منطقي مؤخراً عن ابن بيئته الرئيس برّي في الخيارات السياسية، و تفضيله لباسيل عليه. كما يبدو شديد الاستغراب الحفر بالخندق المذهبي مع الدروز و السنة عبر تسليطه "جميل السيّد" و منشدي الحزب للتطبيل للحكومة و رئيسها حسان دياب و من يقف خلفه و هو ايضاً جبران باسيل، و الطلب منهم الاقتصاص من الوجود الجنبلاطي-الحريري في مسالك الدولة و رؤيتها و ممارستها. هذا مع العلم ان جنبلاط و الحريري آثروا حتى اليوم لتحييد الحزب عن هجماتهم المركّزة فقط على العهد بعكس رغبة ٩٩٪؜ من بيئتهما.


-مصرف لبنان والحجر الأخير: قد يكون مصرف لبنان و الهجوم عليه و محاولة تحميله أوزار الازمة، كما محاولة تبخيس النظام الحر الذي أرسيَ في البلد مطلع الخمسينات، و أُعيد تأهيله اوائل التسعينيات، الحجر الأخير و الأخطر بدومينو حزب الله. محاولة الحزب الآن بالهجوم، او تغطية الهجوم العوني، على النظامين الاقتصادي و السياسي الذين رسموا صورة العيش المشترك اللبناني بعد الطائف، قد تنقلب عليه.

يشبه تخبّط باسيل و جنونه الآن و ممارساته الغير محسوبة، تلك التي فعلها النظام السوري آواخر العام ٢٠٠٤. لكن باسيل، لا كان ليذهب بعيدا بدون غطاء حزب الله ، الذي بدوره يجب ان يُدرك ان الثمن عندما يستحق، لن يدفعه التيار الوطني الحر بل حزب الله.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 نيسان 2020 15:23