5 أيار 2020 | 07:55

هايد بارك

للعقول الراقية - محمد نديم الملاح


كتب محمد نديم الملاح: 

للحقيقة والتاريخ اقول....

الدكتور سليم الحص اللبناني و العربي المثقف و المحاور اللبق الذي قيل عنه سليم الحص قامة وطنية وأخلاقية واسعة الأفق"....

وذاك على ضوء ما نشاهد من حجم الاسفاف في الشكل و المضمون لمسار الأمور التي تجرى ، و لابد لي الا ان اقول للتاريخ اذا انصف، ان الرئيس سليم الحص هو الذي رفض الانقسامات الطائفية والمذهبية والاملاءات التي كانت تفرض من دول القرار، وهنا اذكر على سبيل المثال، عندما كانت هناك حكومتان سنة ١٩٨٨ واحدة في بيروت والثانية في بعبدا، وكان المطلوب انذاك إنهاء مايسمى حكومة التمرد على الشرعية التي رفضت القبول باتفاق الطائف الذي أوقف الحرب الأهلية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية،وحل الميليشيات المسلحة، وهنا حازت السلطة السياسية انذاك على دعم غربي واوروبي وعربي ،لإنهاء هذهِ المرحلة، يومها رفض الرئيس الحص مبدأ استعمال القوة والخيار العسكري للأطاحة بحكومة بعبدا، والتي كانت يعتبرونها في الأساس انها غير ميثاقية بسب عدم التمثيل فيها لبعض مكونات المجتمع اللبناني ، هو من رفض التنازل عن حقوق الناس في الحرية والديمقراطية وحق التعبير السلمي، والدفاع عن حق الشعوب في النضال و العيش الكريم.

أليس هو الذي تعرض لعدة محاولات اغتيال ونجا منها ،وهو الذي رفض التوقيع على حكم سلب الروح وقال إن الروح هي من عند الله فمن نحن حتى نسلب ماوهب الله واعطى، أليس هناك صيغة راقيه في دول العالم المعاصر لتنفيذ القانون على مستحقيه ، عندما تسلم الرئيس سليم الحص الحكومة سنة ١٩٩٨، بعد اعتذار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان واقع البلد غير واقع هذه الأيام، كانت انذاك للمعارضة نكهة وطابع وطني وليس طابعا طائفيا ومذهبيا، وكانت الأمور طيبة مع العالم العربي والمجتمع الغربي و الأوروبي، لم يكن الوضع الاقتصادي ينذر إلى تأزم مثل يومنا هذا ، حافظ على هيبة الرئاسة الثالثة، كل من خلال دعوة مجلس الوزراء للاجتماع في المتحف المقر المخصص لاجتماعات مجلس الوزراء ، الذي يحضرها كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، حفاظاً على صلاحيات الرئاسة الثالثة ،و بالرغم من ذلك بقيت السهام تطلق عليه، من الحلفاء قبل المعارضين، وعمل قدر المستطاع، للوقوف على خاطر الطوائف و المذاهب، و حاول أن يلبي مطالب الناس، في الإصلاح وملاحقة المرتشين ووضع خطة خمسية لمعالجة الوضع الإقتصادي وخفض الدين العام ، برغم من كل ذلك تم تحميل حكومته الاخطاء التي ارتكبت من قبل الوصاية والازلام والمنتفعين من كل العهود وما اكثرهم ، وقد دفع الرئيس سليم الحص و المخلصون وحدهم الثمن عندما رفضوا الانقسامات، والاملاءات، والسير في قانون الانتخابات النيابية، المفروض من قوى الأمر الواقع، وتم تسجيل اعتراضه داخل مجلس الوزراء أثناء التصويت عليه هذه هي ديمقراطية الرئيس الحص ، وعندما زاره في منزله عرابو ومهندسو القانون الأنتخابي ، يتمنون عليه اخذ احد الطامحين ، على اللائحة التي كان يرأسها و يضمنون له الفوز بانتخابات النيابية، على أساس قانون عام ٢٠٠٠ قال لهم لن اصوت على هذا القانون.

ورفض التخلي عن احد رفاقه من أجل فرض اخر على الائحة التي يرأسها ، وهنا لا احب ان ادخل في لعبة الأسماء، بالرغم من سير المعارضين له وحلفاء الخط ففاز القانون بالتصويت عليه واجريت الانتخابات النيابية سنة ٢٠٠٠ باعتراض الرئيس الحص و بعض الوزراء ، واجريت الانتخابات، وتم اسقاط الرئيس الحص ولائحته في الانتخابات النيابية، وقال كلمته الشهيرة ألناس انتخبت وانا اخضع لحكم الناس سوف اعتزل العمل السياسي، وامارس العمل الوطني والقومي، انا ورفاقي في ندوة العمل الوطني، و سأبقى مع الناس والتفاني في خدمتهم، بيتي مفتوح لهم كما كان دائماً شكرا".

لم يجرح الرئيس الحص بأخصامه السياسين، لابالشخصي ولم يتحامل عليهم، بقى متعاليا على الضغينة، وصغائر النفوس، بقي كما هو كبير في كل الميادين، ينصح ويوجه البوصلة كلما آتت رياح عاصفة تهدد وحدة البلد، وتقلق مستقبل ابنائه ،حاور الجميع وكان يكن كل الاحترام والتقدير للمقامات و المرجعيات الروحية من كافة الانتمأت الطائفية والمذهبية، ام لدار الفتوى المرجعية الدينية الإسلامية، كان لها في قلبه ووجدانه احترام وتقدير ومحبة كبيره، ولا يسمح لأحد ان يتخطى حدود الأدب مع المقام الديني، وقف بجانب اهلها في السراء والضراء هذه هي مدرسة للرئيس سليم الحص، هي مدرسة السلام الوطني، والأخلاق والمبادئ والمروءة والتسامح، و التعالي على الانقسامات، و صغائر الإمور والشتيمة، والحقد، والكراهية، والاستهتار بكرامة الخصم مهما كان.

ان مدرسة الرئيس الحص هي الحب، والسلام، والتفاؤل، والأمل، بغد مشرق، مهما كانت الظروف، مدرسته، هي لمن عملوا معه في لجنة الرقابة على المصارف، و رئاسة الحكومة، و ندوة العمل الوطني، و منبر الوحدة الوطنية، وكل الأوفياء والأصدقاء الذين تعاقبوا على المرحلة الذهبية لرئيس سليم الحص لم ينحازو عن طريقه من أجل وحدة لبنان واللبنانين ، فيلعلموا علم اليقين ، انه لا يوجد له شبيه، لا في الشكل ولا في المضمون، ولايوجد في المشهد السياسي اللبناني سليم الحص آخر ولا حتى في العمل الوطني والديموقراطي ، من هنا اقول وليسمع من يريد أن يسمع، انا الذي ضحيت من ربيع عمري وزهره شبابي، وترعرعت ونهلت من منهله، وكان الأب و الموجه لي، ولو لم يكن على هذه الصفات لما كنت معه طول هذه الحقبة ، حين كان البعض يصفقون ويتزلفون للسلطة القائمة، كنا نعمل من دون اي ثمن ولا لأهداف شخصية حتى لا أقول اكثر ، ولن احيد عن قول الحق والحقيقة مهما كانت الظروف، من أجل كل هذا اقول اليوم لمن لا يجيد قراءة التاريخ ان رئاسة الحكومة كانت تأتي له تشريفاً وليست تكليفاً، هذا هو سليم الحص رئيسا" و انسانا"..

للحقيقة والتاريخ اذا أنصف.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

5 أيار 2020 07:55