12 أيار 2020 | 16:41

أخبار لبنان

مجد 7 أيار الذميم

مجد 7 أيار الذميم

 النهار -راشد فايد

ما يعيشه لبنان اليوم ليس إلا من ترددات 7 أيار 2008، ومن ينظر إلى ذلك اليوم، من هذه الزاوية، يفهم قول أمين عام "حزب الله" إنه يوم مجيد، وحرصه على ترسيخ ذلك في ذهن الخصم، والحليف، على السواء، على المستوى المحلي، بالطبع، لكن، والأهم، على المستوى الإقليمي. لِم؟ لأن ما حدث كان اغتيالا لما ترمز إليه بيروت من إعتدال، وانفتاح على الغرب والعرب، في آن، وتوق إلى البقاء حاضنة للأصالة العربية، ومتقبلة لكل جديد، من أفكار وانماط. وفوق كل ذلك، هي المدينة السنية، التي لم ترفع سوى علم العروبة من ناصرية وبعثية ويسارية، وعلم المقاومة الفلسطينية، وتضامنت مع كل حركة ثورية في العالم من الجزائر إلى أليندي في التشيلي.

لم يكن 7 أيار سوى استكمالا للهدف المبيّت من اغتيال الشهيد رفيق الحريري يوم 14 شباط 2005، وهو فتح الباب واسعا لهيمنة مشروع الهلال الفارسي على المنطقة. لذا لم تكن التسمية زلة لسان، بل تعبير صادق من صاحبها يعكس المغزى الحقيقي لأهداف الإنقلاب على السلم الأهلي، الذي كان اللبنانيون إفترضوا نهائيته في "اتفاق الطائف"، وعزز الشهيد الحريري، بمشروع النهوض، ايمانهم باستقراره.

كذلك، لم يكن 7 يار اعتراضا مفاجئا على قرار مفاجئ من مجلس الوزراء برفض شبكة اتصالات الحزب، وكاميراته لمراقبة المطار، فالحزب إياه، جاهر بأن ميليشياته أجرت تدريبات من دون سلاح على "إحتلال" بيروت في ليلة واحدة، قبل ذلك بأيام. ولأن الحزب يريد "تأديب" وليد جنبلاط لوقوفه خلف قراري مجلس الوزراء، كان لابد من "غزو" الجبل إلى جانب بيروت. وغزو هي الكلمة الألطف لوصف همجية ما جرى.

كشف اليوم المذكور تضاد عقليتين، واحدة تؤمن بالدولة والمسار الديموقراطي، والثانية جاهزة لاستعمال قوتها الميليشياوية، في كل لحظة، حماية لمشروع الولي الفقيه، ومنه فرض الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية، بعد تعطيل الحياة الدستورية لعام ونصف، وفرض اعتبار الإرغام والإذعان من دروب الديموقراطية. وفي الضفة المقابلة، لا يحسن "السياديون" النصر ولا يتقنون استيعاب الهزيمة: يوم انتصروا بالتفاف الناس من كل لبنان حولهم، إثر اغتيال رفيق الحريري تاهوا في الثروة الشعبية المفاجئة وغرقوا في المكاسب السياسية الذاتية، ونسوا أهمية اللحظة الإستراتيجية لبناء الدولة، فيما كان خصومهم يتلطون خوفا منهم، كما اعترف بذلك أحدهم عبر شاشة تلفزيون، ويوم 7 أيار سارعوا إلى رفع الأيدي استسلاما، بدل أن يظهروا ثقتهم برصيد 14 آذار الوطني ويدعوا إلى عصيان مدني عام، يفرغ احتلال بيروت من مغزاه. منذ ذلك، يستمر استنزاف القوى السيادية وتشرذمها واستلحاق نفسها بالإنجرار وراء خصمها، وما اتفاق الدوحة وانقلاب "الممانعة" عليه إلا نهج يتكرر، وأي تسوية جديدة لن تكون سوى محطة جديدة لاستسلام جديد كقبول زعم كون المعابر الحدودية بندا رئيسا في أمن المقاومة، بينما يهرب عبرها كل شيء، حتى السيادة الوطنية وامن لبنان الغذائي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

12 أيار 2020 16:41