كتب مايز عبيد (*):
كان متوقعاً لحكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة (إلى العمل) أن لا تستمر حتى نهاية عهد ميشال عون، وكان متوقعاً أيضًا أن تسقط التسوية برمّتها. إذ لا مجال للتعايش بين بنّاء وهدّام، بين كريم وطمّاع، بين زاهدٍ بالسلطة متمسكٍ بالوطن، وبين ممسكٍ بالسلطة جاحدٍ بالوطن.
مع اندلاع ثورة 17 تشرين كان لا بدّ من تضحية تُقدّم في السياسة إلى الشعب الثائر. ومَن غير سعد الحريري ليفعلها، وليس عن ضعف، إنما عن إيمان بأن للشعب الحق بتحديد مسارات السلطة..فربما تكون هذه الإستقالة أيضًا والتحضية، منطلقًا جديدًا يشعر به الممسكون بالسلطة، أن الأمور (ما عاد فيها تكمل هيك).. لكن ولغيّهم ونكرانهم، اعتبروا الإستقالة هروبًا من تحمّل المسؤولية ووضعوا كل الأزمة وتبعاتها عند الحريري. أتوا إليه طمعًا أن يعود إلى السلطة من جديد بشروطهم، فكان جوابه: أنا أعود بشروط الشعب وخياراته. شكّلوا الحكومة من دوني بل أكثر من ذلك أعطيكم الفرصة للعمل وسنراقب ونواكب وإذا نجحتم فسنبارك النجاح.
كل هذه كانت تسهيلات من الحريري حتى "يمشي البلد"، فيخرج من الدوامة التي وضعوه فيها. لكن الحكاية أن عون وباسيل ومن ورائهما حزب الله، يريدون سعد الحريري في سدّة الحكم بشروطهم أما سعد الحريري فاحتكم إلى الناس ولن يشكّل حكومة إلا للناس.
تشكلت حكومة اللون الواحد وبدل أن تنكبّ على الملفات الإنقاذية التي قالت أنها أتت لأجلها، ونتيجة ضعفها وانعدام الثقة الدولية والمحلية بها وبقراراتها، ولما كانت مهلة الـ 100 يوم التي أعطتها لنفسها الحكومة والسلطة من ورائها، عادوا إلى نغمة بالية وسياسة خاوية، يستعملها خصوم الحريرية السياسية القدماء الجدد، كلما أُحرجوا أمام إنجازاتها وتضحياتها ولاحَ فشلهم واستبدادهم. وإذا كان كل هذا التصويب والإستهداف وصولًا حتى الإغتيال السياسي هدفه الخفي أن يعود الحريري إلى السلطة التي أدركوا وأوضحوا للداخل والخارج، أنهم لا يُجيدون تحمّلها، فإن وصول الأمور إلى حدّ دخول قنواتهم ووسائل إعلامهم وأبواق السياسة والإعلام من أتباعهم، إلى حدّ الدخول على خط خلاف البيت الواحد ومحاولة تكبيره وتدبيره، وصولًا إلى مرحلة الإغتيال السياسي الكامل لسعد الحريري الذي لم ينصاع لإرادتهم وشكّل خط الدفاع الأول عن خيار الدولة التي قوّضوها وهدّوا دعائم بناها رفيق الحريري لها، فهذا الأمر لم ولن يمر لا عند سعد الحريري ولا عند أصدقاء سعد الحريري في الخارج والداخل.
إن ما شهده "بيت الوسط" في الأيام الأخيرة، من حركة سفراء وموفدين، قطعت الشكّ باليقين، وأكّدت المؤكد ومن كانت له آذانٌ صاغية فليسمع. "إنّ سعد الحريري بما يمثّل من عمق وطني وسياسي، ضمانة وطنية للإستقرار السياسي في لبنان وأيُ استهداف له سنعتبره استهدافًا لخطِّ الإعتدال والإنفتاح والنأي بلبنان عن صراعات المنطقة، الأمر الذي لن نقبل به أن يحصل في لبنان.. إن استهداف رمز الإعتدال سعد الحريري يضرب فكرة وجود لبنان في صميمها وهذا ما لن نسمح به على الإطلاق".
(*) مسؤول شؤون الإعلام في منسقية "تيار المستقبل" في عكار
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.