"العهد العوني" يغرق في مستنقع التفليسة بعدما استنفد كل حيله في تقليب صفحات دفاتر "البطولات" القديمة لإعادة إنعاش أنفاسه الأخيرة. وبقيت قوى 8 آذار حتى أمس الأول تناور وتكابر وتأبى الإقرار بهذه الخلاصة إلى أن خرج "شاهد من أهله" بالأمس ليلامس خطوطاً حمراً تطرق فيها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل للمرة الأولى إلى خطر سقوط رئيس الجمهورية ميشال عون، متصدراً بذلك جبهة 8 آذار في إدارة تفليسة العهد عبر سلسلة طروحات لتأمين خروج لائق بأقل الخسائر للجنرال عون من قصر بعبدا بعد نحو سنتين باعتباره ليس من الصنف الذي يستقيل، ومن جهة ثانية لم يخرج باسيل في طروحاته عن "النظام المرصوص" في تأكيد وجوب ذهاب حكومة حسان دياب باتجاه التطبيع مع النظام السوري تحت لواء "كلمة سرّ" موحدة عنوانها "السوق المشرقية" التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله وتوالى تردادها على ألسنة قيادات 8 آذار وصولاً أمس إلى تشديد رئيس "التيار الوطني" على "ضرورة الانفتاح على سوريا... لأنّ السوق المشرقية هو مجالنا الحيوي".
وتعليقاً على هذا "الخيار المشرقي"، طرحت مصادر اقتصادية سلسلة أسئلة تؤكد أنّ الهدف من هذا الطرح لا يعدو كونه سياسياً أكثر منه اقتصادياً بحتاً سيما وأنّ الانفتاح على بلد غارق مستغرق في ديونه كسوريا لا جدوى اقتصادية منه بل هو سيسرّع الانهيار اللبناني وسيبعده أكثر فأكثر عن أي خشبة خلاص غربية ودولية من الممكن أن تنتشله من قعر التفليسة، وسألت المصادر في هذا السياق "ألا يعني الخيار المشرقي أنه نقيض للخيار الغربي؟ فكيف يمكن أن يتواءم الخيار المشرقي مع صندوق النقد الدولي و"سيدر"؟ ثم ما هي كلفة الخيار المشرقي على الجيش اللبناني مثلاً من خلال الابتعاد عن الغرب نحو الشرق خاصةً في ظل القطيعة العربية للبنان وتنامي الصراع الأميركي – الإيراني والأميركي – الصيني؟ هل الخيار المشرقي يقضي بتلزيم الكهرباء لشركات صينية عوضاً عن "جنرال إلكتريك" و"سيمنز" وهل سيؤمن تمويلاً صينياً للخزينة اللبنانية بدل تمويل صندوق النقد و"سيدر"؟، كلها أسئلة تدور في فلك جواب واحد تختم المصادر: "المطلوب ليس إنقاذ لبنان بحسب المنظرين للخيار المشرقي بل المطلوب إنقاذ محور الممانعة ونقطة على السطر".
وبالعودة إلى باسيل، فقد برز بين سطور رسائله أمس الخلاف الآخذ بالاحتدام بين أبناء الصف الحكومي الواحد وقد وصل به إلى حد التلويح بعصا ملف التهريب لـ"حزب الله" من خلال غمزه من قناة تحميل المسؤولية في هذا الملف إلى "قوى الأمر الواقع" وهو ما استوقف المراقبين ووضعوه في خانة الرد من باسيل على وقوف "حزب الله" لافتين إلى أنّ المرحلة المقبلة ستشهد فصولاً متتالية من الكباش بين مكونات الحكومة في إطار "صراع البقاء" الدائر على ساحة السلطة، وهو ما دفع باسيل إلى شهر سلاحه في مختلف الاتجاهات والجبهات في سبيل ضمان تحييد العهد العوني من السقوط حتى لو اقتضى الأمر "ردم البحر لنبيع الأراضي بالمليارات لصالح الدولة" حسبما اقترح أمس في معرض استعراضه الحلول المتاحة للإنقاذ.
صحيفة نداء الوطن
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.