19 أيار 2020 | 08:22

إقتصاد

آلية ‏‏"تهريب مُنظّم" بين لبنان وسوريا.. وتداعيات "كارثية"

أكد رئيس بلدية القاع الحدودية بشير مطر، أن التهريب على الحدود لا قاعدة ناظمة له، بحيث ‏تتصاعد وتيرته لفترة زمنية معينة ومن ثم تعود مجددا الى الهدوء، علما أن التهريب لا يتم ‏بمبادرات شخصية غير محسوبة النتائج، انما بتغطية من الداخل السوري إما بواسطة مسؤول ‏سياسي أو ضابط أمني فاعل لقاء مبلغ مالي يتفق عليه سلفا مع المهربين، وما يؤكد هذه النظرية ‏هو وجود الأمن السوري بشكل مكثف على طول الحدود السورية.‏

ولفت مطر في تصريح لـ "الأنباء" الكويتية، الى أن ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية ليس ‏بالمهمة الصعبة فيما لو توفرت النوايا لضبطها، بدليل أن التهريب يتم فقط على الحدود المرسمة ‏شرعيا بين لبنان وسورية، بينما بعض النقاط على الحدود غير المرسمة والمختلف عليها تاريخيا ‏والتي تبدأ من القاع مرورا برأس بعلبك وصولا الى عرسال، لا تشهد عمليات تهريب وذلك ‏بسبب تمركز الجيش اللبناني فيها وخضوعها للمراقبة، هذا من جهة، مشيرا من جهة ثانية الى أن ‏المشكلة الأكبر والتي لابد من وضع حد لها تكمن بالإنشاءات السكنية غير الشرعية على الحدود ‏ضمن أراضي القاع حيث الاعتداء على أملاك اللبنانيين يتم دون رادع وحسيب.‏

وردا على سؤال أكد مطر أن التهريب غير محصور بالسلع والمواد الغذائية، بل تطور الى ‏تهريب البشر من عمال وارهابيين ومطلوبين وفارين من وجه العدالة واللائحة تطول، مؤكدا ‏بالتالي أن ضبط الحدود ليس مستحيلا، لكن المشكلة هي عند الدولة اللبنانية التي تترك الملفات ‏على اختلاف انواعها وخطورتها مفتوحة دون حلول، باستثناء مؤسسة الجيش اللبناني التي ‏تحظى بثقة الغالبية العظمى من اللبنانيين.‏

وعليه أشار مطر الى أن المطلوب واحد، ألا وهو إنشاء مناطق عازلة وإعادة الأراضي المحتلة ‏لاصحابها، وما دون هذا الإجراء الطبيعي لدولة تتغنى بالسيادة، سيبقى التهريب سيد المشاهد ‏وستبقى كلمة الفصل للمهربين وحدهم لا غير.‏

استنزاف "الخاصرة الرخوة"‏

وأشارت "نداء الوطن" إلى أن الخبراء الاقتصاديون يقدّرون حجم التهرب الضريبي والجمركي ‏في لبنان بنحو 4.5 ‏مليارات دولار سنوياً، ويراوح حالياً مستوى العجز في ميزان المدفوعات ‏عند نحو 5 مليارات ‏دولار، فإنّ وضع الإصبع على النزيف المستمر في الخاصرة اللبنانية ‏الرخوة يصبح "بيت ‏الداء والدواء" في عملية معالجة التسرّب الحاصل في الخزينة العامة ‏لمصلحة "كارتيل" ‏التهريب عبر المعابر والمرافئ بين لبنان وسوريا. ‏

وتوضح مصادر مواكبة لهذا الملف لـ"نداء ‏الوطن" أنّ حجم تهريب مادتي المازوت والقمح ‏المدعومتين من مصرف لبنان يكبّد وحده ‏الخزينة خسائر سنوية تقدر بـ700 مليون دولار، ‏مشيرةً إلى أنّ المازوت المدعوم بنسبة 85% ‏من مصرف لبنان يكلف دعمه مصرف لبنان ‏‏400 مليون دولار وبالتالي فإنّ تهريب هذه ‏المادة الحيوية من لبنان إلى سوريا يستنزف ‏الاحتياطي الموجود من الدولارات في ‏المصرف المركزي الأمر الذي يؤدي حكماً إلى زيادة ‏الطلب على الدولار لدعم استيراد ‏المواد الأولية في السوق اللبناني ما يرفع تالياً سعر صرف ‏الدولار مقابل الليرة‎.‎‎

أما على خط التهريب من سوريا إلى لبنان، فتؤكد المصادر أنّ عمليات التهريب عبر ‏مرفأ ‏اللاذقية باتجاه مرفأ بيروت تسير كذلك بوتيرة متصاعدة بحيث تدير مجموعات ‏بات ‏اللبنانيون يعرفون هويتها، بعضها متمركز في سوريا والبعض الآخر في لبنان، ‏آلية ‏‏"التهريب المنظم" لمختلف أنواع المواد الاستهلاكية لا سيما منها المواد الغذائية ومواد ‏البناء ‏التي يصار إلى تهريبها وإغراق الأسواق اللبنانية بها من دون إخضاعها لضريبة ‏جمركية، الأمر ‏الذي يخلّف تداعيات كارثية على الصناعات الوطنية ويشكّل منافسة غير ‏مشروعة للمنتجات ‏المحلية وللمؤسسات الوطنية التي تقفل أبوابها الواحدة تلو الأخرى ‏نتيجة هذه المنافسة وغياب ‏الدولة عن حمايتها، وهذا ما سينعكس تباعاً ارتفاعاً في ‏مستويات البطالة وتراجعاً مطرداً في ‏عائدات الدولة الجمركية خصوصاً وأنّ أرقام وزارة ‏المالية أشارت إلى تراجع في هذه العائدات ‏بنسبة تفوق الـ 40% وهو ما يفاقم بطبيعة ‏الحال عجز الخزينة ويدفع الحكومة للجوء إلى فرض ‏ضرائب إضافية للتعويض عن العائدات ‏الضرائبية الضائعة تحت وطأة التهرّب والتهريب ‏الجمركي‎.‎

‏ ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

19 أيار 2020 08:22