رأى الرئيس سعد الحريري ان الأسلوب التي تقارب فيه الحكومة المشكلة القائمة خاطئ، لان كل وزير او طرف فيها لديه رؤية معيّنة او موقف مختلف عن الاخر. ووصف الوضع السائد في البلد بانه صعب جدا لافتا الى ان نتائج المفاوضات التي نلمسها مع صندوق النقد الدولي تجعلنا لا نفهم شيئا، لان من كانوا ضدّ مؤتمر سيدر في السابق باتوا يعتبرون الان انه هو الحلّ وتساءل قائلا: إذا كان كذلك فلماذا لم نطبقه وننفذ الإصلاحات التي نصّ على إقرارها دفعة واحدة؟ مشيرا الى ان الفريق السياسي الذي عطّل سيدر هو الذي عطّل اجراء الإصلاحات وقال: كيف يطالبون بتطبيق قرارات مؤتمر سيدر ويعادون دول الخليج والمجتمع الدولي، فهناك مشكل سياسي بين أطراف معيّنين في السلطة ودول الخليج.
وأضاف الرئيس الحريري في دردشة له مع الصحافيين عصر اليوم في بيت الوسط: هناك من يلقي كل اللوم على المصرف المركزي والمصارف في المشكلة القائمة ولكن فعليا الدولة هي التي استدانت 90 مليار دولار، وهناك تيار "طويل عريض" تسلم وزارة الطاقة وكلف الخزينة 45 مليار دولار فهل يريدون ان تلقى المسؤولية على المصارف والمودعين؟ كلا كانت هناك خطط موضوعة لا بدّ من تنفيذها وكان يجب تعيين مجلس إدارة وهيئة ناظمة لقطاع الكهرباء فلماذا لم يتم ذلك؟ نحن لسنا ضدّ المحاكمات، نحن نريد سجن الفاسد لا ان يُدخل فاسد شخصا نظيفا الى السجن.
وفي معرض رده على استمرار الهجمة ضدّ الحريرية السياسية قال: هل تريدون ان تحاكموا رفيق الحريري في قبره وسعد الحريري أيضا؟ فلنتذكّر ان المشكلة الحقيقية قائمة منذ العام 1988 حين قصفت بيروت وفي العام 1992 أيضا.
واعتبر الرئيس الحريري ان من يتحدث باستمرار عن انه أعاد حقوق المسيحيين فهذا منطق غير مسؤول وإذا استمر في التركيز فقط على أن هذه هي حقوق المسيحيين وتلك هي حقوق المسلمين، عندها ستضيع حقوق كل اللبنانيين.
استهل الرئيس الحريري الدردشة برده على سؤال حول دعوة الوزير جبران باسيل للحوار برعاية البطريرك الماروني ما بشارة بطرس الراعي أو رئاسة الجمهورية، وتساءل : لماذا هذا الحوار فهل تحدث عن أحد غير المسيحيين؟ فهو ركز على المسيحيين ولا أعرف إن كان يعرف أن هناك مسلمين في البلد.
وقال: "المشكلة في لبنان اليوم هي ما إذا كان سيستمر التركيز فقط على أن هذه هي حقوق المسيحيين وتلك هي حقوق المسلمين، لأنه بذلك ستضيع حقوق كل اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين بسبب هذا التفكير وتلك العقلية والعنصرية. نحن أمام واقع صعب جدا بالبلد. هناك اليوم مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولكن حتى الآن النتائج التي نراها تجعلنا لا نفهم شيئا. فمن كانوا ضد مؤتمر "سيدر" باتوا يعتبرونه فجأة الحل. فما دام هو الحل، لماذا لم نطبقه ولماذا لم تنفذ الإصلاحات؟ السفير بيار دوكان قال بالأمس ان كل الإصلاحات التي أقرت في "سيدر" يجب أن تمر دفعة واحدة، وهذا ما كنا نقوله قبل سنة وسنتين. المشكلة أننا البلد الذي يحب أن يضيّع الفرص. فبدلا من أن نطبق سيدر منذ عامين انتظرنا المصيبة كي تقع. وبدلا من أن يأتينا "سيدر" بـ11 مليار دولار، تم تخفيضه إلى 8 مليار ولا أعرف كيف؟ فمجلس الإنماء والإعمار الذي هو العضو الأساسي الذي كان يجب أن يكون حاضرا باجتماع الأمس، لم يتم الحديث معه ولم تعرض عليه خطة الحكومة ، علما أنه هو الذي وضع كل المشاريع التي تمت الموافقة عليها في "سيدر" من قبل البنك الدولي. كيف تقوم الحكومة بذلك دون العودة الى الجهة المختصة للتنفيذ؟ ينتقدون مجلس الإنماء والإعمار على أدائه، فلماذا اذن عطلوا ضخ دم جديد وكفاءات في المجلس، وحبذا لو تقوم الحكومة بالإصلاحات المطلوبة ، لأننا حاولنا أن نقوم بها، لكن المشكلة في هذه التركيبة هي أن كل واحد منهم يقول أمرا مختلفا عن الآخر.
سئل: النائب جبران باسيل يرفع المسؤولية عن نفسه ويرمها على غيره، وهو يقول أن مشكلة الكهرباء قائمة منذ الـ1994؟
أجاب: صحيح، ولكن المشكلة قائمة منذ الـ1992 أيضا ومنذ 1988 ومنذ قصف بيروت إن كنا سنعود بالتاريخ الى الوراء. فكفى عودة بنا إلى التاريخ لكي لا نعيده إلى التاريخ ايضا. الموضوع ليس من يضع المسؤولية على من، هناك حقائق، هناك "تيار طويل عريض" تسلم وزارة الطاقة وكلف الخزينة 45 مليار دولار، هل يريدون تريد أن ترمى المسؤولية على المصارف والمودعين؟ كلا. كانت هناك خطط لا بد من تنفيذها وكان لا بد من تعيين مجلس إدارة وهيئة ناظمة، لماذا لم يتم تعيينهما ولماذا كل واحد يقوم بما يريد؟ حين ذهبنا إلى "سيدر" قبل عامين وقلنا أن هذه هي خطة الحكومة لإنقاذ لبنان، عدنا إلى لبنان فوجدنا كل طرف يريد أن بقوم بما يحلو له.
سئل: اليوم يدعمون "سيدر" فمن هو الطرف الذي كان يعرقل في السابق ولماذا تغيرت الصورة اليوم؟
أجاب: من عرقل سيدر هم من كانوا ضد الإصلاحات. ولنكن واضحين، ما هي الإصلاحات؟ أنا أتحدى أن يقول أحد ما هي الإصلاحات؟ نحن كنا نقترح يومها أن نستدين الأموال وواجبنا أن نخفض العجز في موازناتنا، وكنا نقترح أن نرفع في العام 2020 و2021 الضريبة على القيمة المضافة 1% وكنا نعمل مع صندوق النقد الدولي حول الخطوات الواجب اتخاذها من أجل معالجة العجز المالي، واتفقنا معهم، وكل ذلك مكتوب في مقررات سيدر. أنا لا أريد أن أعود إلى من عرقل، وصلنا إلى هنا، لكن إذا أردتم أن تقوموا بشيء فقوموا به بشكل صحيح وليس أن تتكلموا بشيء ثم تفعلوا شيئا آخر، ثم يأتي من يعقد مؤتمرا صحفيا ليقول أنه أعاد حقوق المسيحيين. فهل أقول انا انني اريد أن أستعيد حقوق المسلمين. هل بإمكان كل واحد أن يتحدث بهذا المنطق في البلد؟ كلنا لبنانيون، وإلا فلنستغن عن جواز السفر اللبناني وليحمل كل منا الإنجيل أو القرآن وليصبح كل واحد فينا سنيا أو شيعيا أو درزيا أو مسيحيا ولكن ليس لبنانيا. هل هذا كلام مسؤول؟
وتطرق الرئيس الحريري إلى الهجمة على الحريرية السياسية وقال: هل تريدون أن تحاكموا رفيق الحريري في قبره وتحاكموا سعد الحريري؟ ماذا تريدون؟ نحن لسنا ضد المحاكمات، نحن نريد أن يتم سجن الفاسد، ولكن ليس أن يدخل فاسد شخصا نظيفا إلى السجن.
سئل: كيف ترى المفاوضات القائمة حاليا بين الحكومة وصندوق النقد؟
أجاب: بداية، الحمد لله أن الحكومة اقتنعت أنه لا بد من الاستعانة بصندوق النقد الدولي لمساعدة البلد. النقاش بدأ الآن وهو يحتاج إلى وقت وتركيز وأن نكون واقعيين. فالمشكلة الحاصلة اليوم في البلد أننا نلقي كل اللوم على المصرف المركزي والمصارف في حين أنه فعليا، الدولة هي التي استدانت الـ90 مليار، فعلى من يضحكون؟
سئل: هل الأرقام التي تقدمها الحكومة صحيحة؟
أجاب: اسألوا صندوق النقد الدولي.
سئل: في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس حسان دياب الى الاتصال بالسفراء، رايناهم في "بيت الوسط"، فهل هذا يعني أن دولا كالسعودية والإمارات والكويت، والتي هي الأساس بدعم لبنان سابقا، ما زالت غير مقتنعة بحكومة الرئيس دياب؟
أجاب: أنا أرى أن المشكلة هي في أسلوب مقاربة الأمور. لا يمكن اليوم أن نلجأ إلى تطبيق سيدر ومن ثم نعادي دول الخليج أو المجتمع الدولي أو الأوروبيين. أنتم تعرفون أن المسؤولية في ذلك يقع جزء منها على حزب الله ولكن هناك جزء أيضا يقع على فريق سياسي آخر "عم يبهدل باللبنانيين" أمام المجتمع الدولي، وهو التيار الوطني الحر. لذلك إذا أردنا من الناس أن تساعدنا فعلينا أولا أن نساعد أنفسنا بأن نطبق ما نقوله وأن نبني علاقات مع هذه الدول لكي نعمل معها. اذا اردنا ان يسعدنا الاخرون علينا أولا ان نساعد انفسنا ونطبق ما نقوله وان نعمد الى بناء علاقات مع هذه الدول لنتمكن من التعاون معها.
سئل: السيد حسن نصرالله رأى في اخر كلام له افقا مسدودا مع صندوق النقد وان لا احد سيساعدنا خاصة في ظل وباء كورونا وانه لا بد من اللجوء الى أسواق سوريا والعراق؟
أجاب: لماذا؟ لان هذه الأنظمة مثالية اقتصاديا؟ هل يعقل ان نكون جديين بهذا الكلام؟ نعم نحن كنا نستفيد من الأسواق العراقية، كما ان سوق سوريا مهم عندما تكون هناك دولة حقيقية.
سئل: ماذا عن الحلف الثلاثي الذي كان بدا يتشكل بين تيار المستقبل والحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية؟
أجاب: لا وجود لأحلاف الان.
سئل: هل سعد الحريري بمفرده اليوم؟
أجاب: كلا سعد الحريري ليس وحده ولا وليد جنبلاط ولا سمير جعجع ولا سامي الجميل ولا الثوار لوحدهم. هناك ازمة في البلد يجب ان نشارك جميعا في حلّها بطريقة جديدة اذ لا يمكننا ان نستمر في الطريقة نفسها في معاداة كل العالم. هناك طريق جديد على لبنان ان يسير به لنتمكن من الوصول الى برّ الأمان واذا كان هناك فرقاء معينين غير مقتنعين بهذا الموضوع فهم من سيتحملون مسؤولية الانهيار.
سئل: في عهد حكومتك السابقة فتح ملف التهريب الى سوريا ومن ثم اقفل اذ لم يكن هناك قرار سياسي بوضع حد له، واليوم اعيد فتحه من جديد، الا تلام على ذلك خاصة وأنك كنت على راس الحكومة يومها؟
أجاب: صحيح، كنت رئيسا للحكومة والم أكن قادرا على اقفال الحدود بسبب مصالح موجودة على الحدود بين السوريين وبين من يعملون معهم أكبر مني وأنتم تعرفونهم جيدا.
هناك أحزاب تعمل في هذا الإطار وجزء منها حزب الله، وتجار لبنانيون كبار يستفيدون من هذه الحركة لتهريب المازوت والطعام وغيره كما هناك اخرون استفادوا من ذلك. حاولنا في السابق اكثر من مرة والان عسى ان يتمكنوا من وضع حد للتهريب.
سئل: حزب الله لا يستميت في الدفاع عن جبران باسيل والبعض يرى ان ذلك يصب في مصلحتك فلم الهجوم على الحزب والقول انك لم تتمكن من ضبط الحدود لان هناك حزبا اقوى منك؟
أجاب: هذا صحيح ولكن اين هاجمت حزب الله في كلامي؟ قلت انني لم أستطع وقف ذلك.
سئل: انت تستقبل السفراء العرب والأوروبيين فماذا يقولون لك عن سيدر الذي كنت الأساس في عقده؟
أجاب: لم أكن الأساس فانا من خلال سيدر مارست قناعاتي ورأيت انه السبيل لإنقاذ لبنان. المشكلة ان كل فريق سياسي في لبنان يفكر بنفسه فقط، وسبب خساراتي لدى جمهوري هو انني لا أفكر بنفسي بل بالبلد في حين ان الفرقاء الاخرين يريد كل منهم اجراء الإصلاح على طريقته، وهذا امر غير ممكن، فالإصلاح يجب ان يشملنا جميعا. لذا فان دول الخليج تنظر الى هذه الحكومة بطريقة مختلفة جدا عن حكومتي بسبب عامل الثقة.
سئل: هل المجتمع الدولي ينظر الى حكومتك السابقة بغير الطريقة التي ينظر فيها اليوم الى حكومة الرئيس دياب؟
أجاب: لا اعرف اسأليهم.
سئل: هل دول الخليج لا تثق نهائيا بهذه الحكومة؟
أجاب: هناك مشكل سياسي كبير بين دول الخليج وافرقاء في المنطقة، وهذا يظهر في لبنان وسوريا والعراق وغيرها من البلدان وهو يترك تأثيرات بالتأكيد على لبنان.
سئل: استمعت بالأمس الى النائب نهاد المشنوق وكان في كلامه نوع من مد اليد لك من خلال دفاعه عنك؟
أجاب: لا اريد التعليق على مد اليد لأنني اعتقد انني أكثر انسان مد يده للجميع وكنت اعمل بكل نية طيبة لإيصال البلد الى بر الأمان والان هم استلموا الحكم فعليهم هم ان يقوموا بذلك. إذا لم يكن باستطاعتهم عليهم ان يقولوا ذلك وإذا كانوا لا يملكون الإمكانات عليهم ان يقولوا ذلك أيضا.
سئل: ما هو تعليقك على المؤتمر الصحفي الأخير للوزير سليمان فرنجية؟
أجاب: ان الناس تنظر الى الوزير سليمان بك فرنجية على انه صادق فحين يكون مع سوريا مثلا يقول ذلك جهارا فهو صادق ويعطي دائما هذا الانطباع وكل ما قاله في المؤتمر الصحفي صدقه الناس.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.