24 أيار 2020 | 12:48

هايد بارك

الفرصة الضائعة - نديم محمد الملاح

الفرصة الضائعة - نديم محمد الملاح

كتب نديم محمد الملاح: 

فيما كانت ٩٧٪ من الأنظار متوجه نحو جامع الإمام علي عليه السلام في طريق الجديدة حيث كان الرئيس سعد الحريري يؤدي صلاة العيد، كان الرئيس حسان دياب يصلي في جامع محمد الأمين حيث امّ سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان صلاة العيد.


الى هذا الحد كل شيء طبيعي ومتوقع، فأينما حلّ الحريري حلّت معه الأنظار حتى ولو لم يدلِ بكلمة،تحركاته وحدها حديث البلد بعيداً عن اي موقع سياسي كان فيه ، لكن ليس هذا حديثي ولا اريد ان ادخل في نقاش المقاربات والمقارنات،حديثي عن فرصة دياب الضائعة.


لا يختلف اثنين حول مسألة شرعية دياب داخل البيئة السنية، فمنذ قبوله التكليف لتشكيل الحكومة و هناك حالة نفور منه داخل البيئة ،فعلى الصعيد النيابي حاز دياب على ٦ اصوات سنية من اصل ٢٧ نائب سني في سابقة لم يعرفها لبنان في تاريخه الحديث.


ورغم محاولة الحريري تبريد الخلاف مع دياب عبر سحب فتيل غضب الشارع ثم تأمين نصاب جلسة الموازنة و نصاب جلسة الثقة، حتى استقباله بعيد التكليفه ووضع مستشاريه تحت تصرف دياب ، و إعلانه انه سيكون معارض ضمن الأطر القانونية لمافيه مصلحة للبنان، الا انه لم يحصد الخير الذي زرعه، بل على العكس ذهب دياب الى التلميح بأن الحريري يحرّض عليه في الخارج، و حمّل سياسات الحكومات "٣٠ سنة" المسؤولية غامزاً بها سياسات الحريرية المالية والإقتصادية وغيرها من الزكزكات الغير مسؤولة في ملف التعينات.


اليوم سقط آخر قناع من قناعات ما يسمى بالوسطية، واعلن دياب اتخاذه طرف في الصراع، فمساعي البعض لتجميل صورته داخل البيئة السنية تحت عباءة سماحة المفتي خلال ترتيب الإفطار في السراي و صلاة العيد اليوم ضربها دياب في عرض الحائط، فزيارة دياب لضريح الشهيد لو حصلت لكانت وحدها كفيلة بتهديم حواجز كثيرة وكمت افواه لطالما اتهمها دياب بمساعيها للتفرقة ،وكانت ستبدي عن حسن نية دياب و بمصداقية كلامه بضرورة وضع الخلافات جانباً و التضامن لمصلحة لبنان وعلها كانت باب امل لفك عزلة لبنان العربية والدولية لما يمثله الشهيد من مكانة كبيرة ووزانة في المجتمع العربي و الدولي.

دكتور دياب دعني اخبرك بأن المسجد الذي اديت به صلاة العيد اليوم هو من تشييد الرئيس الشهيد، والطرقات التي تسلكها هو من شقها والمستشفى الذي يعالج بها مصابي الكورونا وتوسعة المطار الذي هو عليه الآن والمدارس الرسمية والجامعات التي كنت مسؤولاً عنهم ذات يوم في وزارة التربية والتعليم كلها بفضل مشاريع رفيق الحريري، والجامعة الأميركية التي عملت بها كان للحريري الأب مساهمة كبيرة في استمراريتها في الظروف الحالكة، حتى الجناح الذي تسكنه الآن في السراي الكبير هو من بناءه، وعندما سأل وقتها عن السبب أجاب :


"ربما يوماً ما يكون رئيس حكومة من خارج بيروت فلا يجد سكناً مناسباً في العاصمة فيجد هذا "، كل هذا هو نقطة في بحر انجازات رفيق الحريري، فإن كنت تعلم فتلك مصيبة وان كنت لاتعلم فالمصيبة اعظم.


اليوم اثبت بأنك ملك في تضييع الفرص، فمثلما زرت رؤساء الوزراء السابقين، كانت زيارة رئيس الحكومة الحالي لضريح رئيس حكومة لم ولن يعرف لبنان مثله كانت ستكون بادرة طيبة، لكن وللأسف فعلاً انها سقطة سياسية و شعبية بكل المقاييس وربما تكون الفرصة الأخيرة التي لن تجد مثلها او نصفها في الأيام القادمة .

ختاماً إن الرد على هذه الأفعال تتلخص في جملة واحدة خالدة و محفورة على باب السراي الكبير" لو دامت لغيرك ما وصلت اليك".

والتاريخ لا يرحم. 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 أيار 2020 12:48