27 أيار 2020 | 15:16

منوعات

شيرلي المر تراجع "عونيتها": وضعت ثقتي بالشخص الخطأ!

المصدر : نبض - طوني هيكل


شيرلي المرّ، الاعلامية الجريئة التي تعبر عن قناعتها وارائها وافكارها بحرية، من دون ان تخشى لومة لائم، فمبدأها ان الحق احق ان يتبع.

لها بصمة وتأثير في أي مكان تحل به، فهي دائما في سعي دؤوب لتحقيق أحلامها، ودائما لها رؤية ثاقبة في الأمور والأشياء، بدليل انتصارها على مطبات عديدة حيكت ضدها.

تقبل المخاطرة والمجازفة، وتعرف حدود وأبعاد قدراتها، لأنها تدرك أن أكثر ما يعرقل تطورها هو العقبات الذهنية، ولم تتأثر بخوف من شئ أو شخص، وتسعى لتحقيق الثبات النفسي والهدوء دائما.

المرّ خصّت موقعنا بحديث مطوّل بعد غياب محدود عن الاعلام.

اين كنت طوال هذا الوقت ولماذا ابتعدتِ عن الاعلام؟

كنت منشغلة بعملي ومع عائلتي. اهتميت بشركتي الخاصة وعملت على توسيع نشاطها ومؤخراً عملت مع بعض الأصدقاء والمتخصصينلإطلاق "نزاهة" جمعية هدفها مكافحة الفساد وحماية المبلغين عنه. كما أني اليوم بصدد إطلاق جمعية أخرى "hope" أهدافها إنسانية.

ابتعدت عن الإعلام لظروف خاصة أولها لأبني عائلة ولانشغالي في عملي الخاص فكنت بحاجة لفرصة طويلة نسبياً من الإعلام لكي أتفرغ للإنجاب ومتابعة أولادي في السنوات الأولى كما أن الفرص المتاحة كانت خارج لبنان وهذا لا يتناسب مع وضعي العائلي وعملي.

لاحظنا مؤخراً مواقف بارزة لك متناغمة مع الحراك الشعبي. هل أنت مؤيدة للثورة وكيف تابعتِ أحداثها؟

اكون ناكرة لتاريخي وقناعاتي إن لم أكن مع الناس التي تطالب بالمحاسبة وبمستوى حياة أفضل. اذا سميتها ثورة او انتفاضة او اي تسمية اخرى هي بالنهاية صحوة شعب نأمل أن تكون صادقة وحقيقية وتستمر وأن لا يتم استغلالها من جهات سياسية تتقلب حسب الظرف ومتطلبات اللحظة. لا يهم اذا كنت موافقة على كل ما حدث او يحدث او اذا كان هناك جزء من مؤامرة كما يعتبر البعض او غيره، انما الاهم هو أننا أخيراً شهدنا على انتفاضة ضد الظلم الذي يعيشه اللبنانيون وهذا الجزء من قصة هذه التحركات الشعبية هو الأصدق وهذه النظرية هي الأقرب الى الحقيقة.

أنا اليوم مع الناس مثلما كنت دائماً عندما كنت أفتح ملفات الفساد ومثلما كنت دائماً مؤمنة بأن الشعب هو مصدر السلطة.

ألم تخيفك التحليلات التي تحدثت عن احتمال نشوب حرب وان هذه مؤامرة على لبنان وكيف يمكن استبعاد هذه الاحتمالات؟

ما يجب فعله لنحصل على نتيجة هو تحويل هذه الثورة الى عمل مقاومة حقيقية ضد الفساد، رافض للذل والتبعية والاستزلام. وعلينا أن نعي أن هذه الحرب هي على الفساد وليست على أي طرف محدد ونتائجها ستكون لنعيش معاً بكرامة.

لا يمكن أن نبقي الخوف من الحرب في نفوس الناس ليبقوا خاضعين وإذا وصلنا لسيناريو حرب يكون السبب من لم يفعل اَي خطوة اصلاحية ليتم استغلال هذا الوضع المعيشي الصعب الذي يمكن أن يتحول الى بيئة حاضنة لغضب عارم لا أحد يعلم نتائجه.

المتخوف من الحرب ماذا فعل لغاية اليوم لتفاديها؟ وكيف تصرف مع مسبباتها؟ كيف عمل على تحصين وضعنا الداخلي كي لا يكون الشعب عرضةً للإستغلال؟ ما نعيشه اليوم أقسى من الحرب. الجوع والعوز اقسى على الإنسان من الحرب. الموت على أبواب المستشفيات، السعي للهجرة خوفاً من المستقبل المجهول، الضعف أمام متطلبات الحياة، حتى التعليم لم يعد بمتناول الجميع. الذل موجعوالكرامة غالية والإهانة كالرصاصة تصيب وتقتل. أليست هذه الحرب الحقيقية!

طيّب ماذا حققت الثورة حتى الآن؟ ألم تفقد وهجها بعد فترة؟ أولم تكن هي أيضاً السبب في الوصول الى هنا؟

أهم ما حققته هذه التحركات الشعبية أنها دفعت السلطة الى الإعتراف بالإنهيار الذي كانوا ينكرونه وبالتالي البدء بالبحث عن حلول. الإعتراف بالأزمة وبالإفلاس لم يكن ليحصل لولا الضغط الشعبي.

ليس المطلوب من الناس أن تبقى في الشوارع لتبقى هذه الثورة حية. المظاهرة الكبرى التي شهدناها في ١٧ تشرين كافية لأن تطبع تاريخ المرحلة الجديدة. تذكر عندما نزل الناس الى الشارع في ١٤ اذار ٢٠٠٥، لم يبقوا في الشارع بل سجلوا موقفاً مرة واحدة جنت ثماره الأطراف السياسية على مدى السنوات التي تلت. وكذلك بالنسبة لهذا الحراك الشعبي. ليس عليه ان يثبت نفسه كل يوم. الرسالة وصلت للداخل والخارج ولا جدوى من التأكيد عليها كل يوم بل يجب استثمارها في الإستحقاقات المقبلة.

ليس غضب الناس من سرقة أموالهم من أوصلنا الى هذا الوضع بل من سرق أموالهم هو من أوصلنا الى هنا والشعب هو من تحمّل العواقب.

ألم تبدأ الاصلاحات بنظرك؟ فتح ملف الفيول المغشوش مؤشر؟

فتح الملفات استنسابياً ولتصفية حسابات سياسية ليس إصلاحاً بل عراضات إعلامية وابتزازا سياسيا. نحن يجب ان لا ندخل في هذه البزارات ويجب ان نصرّ على فتح جميع الملفات ومنها ملفات المجالس والصناديق، الهيئات الرديفة في الوزارات، المؤسسات التابعة لرئاسة الحكومة ومنها مجلس الانماء والاعمار، الهيئة العليا للإغاثة، المجلس الوطني للسلامة المرورية، الخ...

أما في هذا الملف بالتحديد، لنصدق أن المحاسبة جدية علينا أن ننتظر النتيجة ولنلمس هذه الجدية بعيداً عن الاصطفافات السياسية، علينا أن نطبق ما كان يقوله دوماً

رئيس الجمهورية: يجب "شطف الدرج من فوق"، يجب أن تشمل المحاسبة الوزراء المعنيين لأنهم وافقوا ووقعوا. طبعاً لا ننسَ مسؤولية مجلس الوزراء مجتمعاً الذي وافق أيضاً. نبدأ من الوزير ونكتشف تباعاً من تعاون معه في الإدارة ومن تواطأ وخالف وتورط ونفذ.

لغاية الآن الواضح من فتح هذا الملف هو أنه لتصفية حسابات سياسية وليس للمحاسبة الجدية والدليل أنه تم تجديد العقد في مجلس الوزراءوتم تظهير الاتهامات على أنها مجرّد تلاعب في دوام العمل والمعلومات المتاحة تعتمد على التسريبات الإعلامية وعلى ما يبدو سيتم حفظ الملف وهذا معيب!

لكن ليست الكهرباء فقط المشكلة في هذه الوزارة إنما لفتني ملف السدود الخالية من الماء والتي كلفت الشعب الملايين بسبب تجاهل الوقائع الجيولوجية. من يتحمّل المسؤولية؟ ومن يعوّض الخسارة؟ لماذا لا يفتح القضاء هذا الملف؟

هناك محاولات للإصلاح تواجَه بالرفض من جهات سياسية مثل محاولة اقالة حاكم مصرف لبنان. ماذا يمكن للحكومة ان تفعل؟

ما جرى في موضوع محاولة إقالة حاكم مصرف لبنان هو نفسه ما جرى عند التمديد له. قوى سياسية أثبتت أن تعاطيها مع المواقع ومع المسؤولية هو رهن اتفاقات ظرفية. عندما تم التمديد للحاكم كانت خاضعة وعندما أرادت جعله محرقة بقيت خاضعة وعاجزة.

من جدد له؟ رئيس الجمهورية طرح الموضوع في الدقائق الأخيرة من جلسة مجلس الوزراء عام ٢٠١٧ وفريقه السياسي وافق. لا يمكن إقناع الناس بأن كل أفعالك أنت مجبر عليها وتقوم بها تحت ضغط القوى السياسية الأخرى وفي الوقت نفسه تريد إقناعهم بأنهم يعيشون في ظل العهد القوي. القوي لا يرضخ لرغبات الآخرين. القوي يفرض إرادته.

ما يجب أن تفعله الحكومة هو كل ما لم تفعله حتى الآن، وضع خطة إصلاح جدية، البدء بالمحاسبة الفعلية والجدية، العمل جدياً علىاسترجاع الأموال المنهوبة، تفعيل دور الهيئات الرقابية، دعم إستقلالية القضاء بدل عرقلة التشكيلات الخ...

لكن ألا يعني ذلك أنك انقلبت على مواقفك السياسية السابقة؟ ألم تعودي عونية؟

على العكس هذا يؤكد أني كنت وما زلت على نفس الموقف وأؤمن بنفس المبادئ وأناضل لأجل قناعاتي وفي طليعتها الدولة المدنية. أنا لم أؤيد شخصاً بل حملت مبادئ وقناعات عبّر عنها هذا الشخص لمرحلة طويلة الى أن اكتشفت أنه لم يعد يعبر عن قناعاتي. أنا لم أتغيّر لكني وضعت ثقتي في الشخص الخطأ. وللأسف خذلني كما خذل كثيرين. ربما لا يجرؤ الآخرون على البوح بما أقول أو يفضلون تحييد الشخص ورمي المسؤولية على محيطه أو على الظروف، لكن أنا كنت دوماً صريحة وصادقة مع نفسي والآخرين ومن يعرفني جيداً يعلم أني كنت لا أخفي امتعاضي وانتقادي لهذا الأداء الذي لا يشبه نضالنا مذ كنت على شاشة التلفزيون وقلته اكثر من مرة للمعنيين به مباشرة ولا أخفي ذلك. على الأقل أنا املك ذهنية الرفض عندما أرى الأخطاء تتراكم ولا أقبل أن أكون من الذميين وهذا الأمر جعل مني هدفاً لكثر واضطرني الى اللجوء للقضاء الذي أنصفني في النهاية.

البعض ربما يتغاضى طمعاً بمنصب أو دور أو لتخفيف وقع الصدمة عن نفسه. للأسف السنوات الأخيرة أثبتت أن كل الذين ناضلوا في الأحزاب من أجل الحرية تحوّل نضالهم لاحقاً للحفاظ على موقع أو مكان داخل أحزابهم.

كيف ترين أداء العهد اليوم؟ أليس هذا العهد القوي؟

الأخطر من سرقة الأموال هي سرقة نضال الناس وأحلامهم وسنوات عمرهم التي ضحوا بها إيماناً منهم بأن التغيير آتٍ. ما جرى هواستغلال لنضال هؤلاء الناس وتضحياتهم.

الذين ضحوا بحياتهم واستشهدوا والذين تحملوا الخسارة والذين رهنوا مستقبلهم، لم يفعلوا كل ذلك ليروا هذا الأداء اليوم.

نحن نعيش في زمن تبرير الإخفاقات بدل عد الإنجازات.

لا يمكن أن تقول للناس يستطيع العالم أن يسحقني لكن لن يأخذ توقيعي وتوقّع مراسيم تجنيس.

لا يمكن أن تقول للناس الوجود خارج إطار الحرية هو شكل من أشكال الموت وتقمع حرية التعبير وكلما عبّر أحد عن رأيه تستدعيه للتحقيق.

لا يمكن أن تقول للناس الذي يشارك فاسدين يكون فاسداً مثلهم ثم تتشارك الحكم مع كل الذين كنت تتهمهم بالفساد ....

لا يمكن أن تعتلي المنابر وتقول لشخص one way ticket ثم تكون أنت من يؤمن له ال return ticket مقابل تقاسم المواقع.

لا يمكن أن تنادي على مدى سنين باعتماد الكفاءة بالتعيينات ثم تكون أول من يعتمد الولاء والتبعية والطائفية في التوظيف.

لا يمكن أن تنادي كل هذه السنين بالمحاسبة والشفافية وتوقف إقرار الموازنة لأنها دون قطع حساب وعندما تؤتمن على الدستور تخالفه وتقرموازنات دون قطع حساب.

لا يمكن ان تطالب ال١١ مليار وتنسى أمرها عندما تصبح في سدة المسؤولية.

لا يمكن أن تنادي بالدولة المدنية وتتصرف بطائفية.

لا يمكن أن تكون ضد الإقطاعية وتتصرف أسوأ من الإقطاعيين

لا يمكن أن تكون مع استقلالية القضاء وترفض التشكيلات

لا يمكن أن تكون القوي وتقول "ما خلوني" و "كنت مجبور وافق"...

بالآخر الحكم هيبة مش تشريفات! والقوي هو من يجعل الآخرين يصفونه بالقوي وليس فقط من يرى نفسه قوياً. اليوم سقطت نظرية الرجلالقوي وأصبح علينا أن نطالب بالرجل الكفوء.

لماذا تركزين دائماً على التيار الوطني الحر؟ ألم يكن الآخرون فاسدين؟

غير صحيح. على مدى ثماني سنوات أدرت حلقات تدين جميع الذين هم في السلطة وقدمت ملفات فضائح وفساد موثقة. لكن أنا في الأساس أنتمي لهذا الخط السياسي وناضلت في صفوفه وكنت دوماً على خصومة سياسية مع الآخرين. لذا عتبي الأكبر هو على الجهة التي اعتقدتُ أنها تعبر عن مبادئي وقناعاتي. الآخرون لم ينادوا بالتغيير والإصلاح ولم يدعوا العفة يوماً لذلك كنا على خصومة معهم، أما الذي رفع هذه الشعارات ماذا حقق منها؟ لا شيء. بل خذلنا وانضم الى نادي الذين كان يتهمهم بالفساد. أنا لست من الذميين عندما أرىالخطأ أجاهر برأيي ولا أحب صمت الضعفاء.

من الطبيعي أن تذكر التيار ورئيس الجمهورية عندما تتحدث عن مكافحة الفساد لأنهم من رفعوا هذا الشعار لكن من غير الطبيعي أن يتم تبرير الإنخراط في الفساد باتهام الآخرين بأنهم أيضاً أفسدوا.

ألا يزعجك أحياناً هجوم جمهور التيار الالكتروني؟

أبداً. إنما يؤسفني المستوى الأخلاقي ومستوى التخاطب الذي وصل إليه بعض هذا الجمهور. التيار الذي أعرفه هو حالة شعبية راقية انطلقت من الجامعات اعتمدت الرقي في التعاطي حتى مع خصومها. كانت حالة فريدة في المستوى العلمي والأخلاقي والثقافي للمنتمين، إليها أما ما أشاهده اليوم، ولا أريد التعميم، لا يشبه أبداً هذه الحالة ولا يشبه التيار الذي أعرفه. نحن من زمن الإنتماء فيه قناعة وليس بطاقة. ما تعكسه مواقع التواصل الإجتماعي هو كمية كبيرة من الإنحطاط في التفكير والتعبير وهذا لا يخدم أي حزب أو جهة إنما يعكس المستوى الفكري والأخلاقي لمؤيديه. فإما يرتقوا به أو يحطوا من شأنه. هم يعكسون صورتهم وصورة تيارهم.

لماذا لم تحملي بطاقة تيار؟

لأني أومن أن الإنتماء قناعة وليس بطاقة. كما أني لا أحبذ الإنخراط في أي تنظيم حزبي حفاظاً على حريتي. ألم ترَ كم بطاقة تم الإستغناء عنها لأن المنفعة منها انتهت صلاحيتها! نحن ناضلنا لقناعاتنا وليس لأشخاص ولا لأحزاب ومازالت قناعاتنا نفسها ونضالنا مستمر بينماالتنظيمات الحزبية أصابها الإنهيار وتخلى عنها الظرفيون.

انت لست ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي لماذا؟

اولاً لأن وقتي لا يسمح لي بذلك وبعض المواقع مثل انستاغرام لا تستهويني لاني لا احب اخذ الصور ولا احب مشاركة حياتي الخاصة فأنا متمسكة جدا بالخصوصية. اما المواقع الاخرى كفيسبوك او تويتر ارى انها مستباحة ومستغلة من جيوش الكترونية تتحكم بها للتسويق لفكرة او لخلق تراند. وعندما تعبّر عن رأيٍ ما، يتدخل المعني وغير المعني الذي يفقه او لا يفقه المطلع وغير المطلع وكل يريد ابداء رأيه وكثر يتخطون حدود اللياقة والأخلاق في التعبير ولست مضطرة ان اعرّض نفسي لهذه السخافات. معظم الاحيان اعتمد البلوك ولكن الخيار الآخرهو ان لا اعبر عبر هذه المواقع اصلا.

ألا تعتقدين أنك تسرعت بالحكم على أداء الحكومة ورئيسها؟ أنت تظلمينهم؟

إطلاقاً. أنا كنت واثقة منذ اللحظة الأولى أن حكومة باهتة بقناع الاستقلالية ،لن تستطيع فعل شيء وها هي الأيام تثبت ذلك بالرغم من الخطابات الفارغة ومحاولة ابتداع انجازات وهمية. هل تعتقد أن حكومة ظرفية من هذا النوع يمكنها أن تكون المنقذ في هذه المرحلة! وهل تعتقد أن تغيير الوجوه مع المحافظة على الولاءات والإنتماءات يمكن أن يغيّر الأداء! والدليل أن معظم الوزارات تعمل كشبه تصريف أعمال، لا إنجازات ولا خطط ولا حتى إدراك للواقع باستثناء وزارة الصحة لنكن منصفين بتعاطيها مع كورونا.

رئيس الحكومة يعتبر محافظ العاصمة كأنه فرد من طاقم عمله ويتصرف مع الموقع على أنه ملكية خاصة لدرجة أنه اعتبر أنه "لا يقبل الإنكسار" إذا لم يتم تعيين مستشارته. هل هذا هو الإصلاح؟ هل هذه هي آلية تعيين الأكفأ والمستحق التي يعتمدها رئيس الحكومة؟ هذا مثال على كيفية تعاطي رئيس الوزراء مع التعيينات. كيف يمكن أن نثق أنه سيحقق الإصلاح! لكن لا بد من استخلاص عبرة من هذا الملف أيضاً وهي أن كثرة التعنت تجعل صاحبها عرضة للإنكسار المتكرر وتفقده هيبته. فمن أوجدته الصدفة لا يجب أن يعتمد عليها في كلالظروف. قد تخذله!

ما هو الحل اليوم؟

على المدى المتوسط والبعيد الحل هو الدولة المدنية.

دولة تعتمد مبدأ المواطنة. الفرد فيا لا يُعرف بمهنته أو بدينه أو بإنتماءو أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات. دولة لا تخلط الدين بالسياسة. دولة تعتمد مبدأ "الديمقراطية" تمنع من أن تؤخذ الدولة غصبا من خلال فرد أو عائلة أو نزعة أيديولوجية أو غيرا.

أما على المدى القريب، الحل

أولاً في إحترام استقلالية القضاء وتفعيل دوره. ثانياً إقرار قوانين تسهّل المحاسبة واسترجاع المال العام مع تفعيل عمل الجهات الرقابية. ثالثاً وضع خطة سريعة للخروج من هذه الأزمة. وبما أن الدولة تلجأ في بعض الملفات الى شركات التدقيق العالمية كما في مصرف لبنان وغيره من المؤسسات، وبما أن الثقة معدومة بين السلطة والشعب، وبالتالي لا أحد من الطرفين يثق بالحلول التي يطرحها الآخر، يجب اللجوء الى احدى شركات التدقيق العالمية لوضع خطة كاملة وشاملة للخروج من الأزمة التي نحن فيها، على أن تكون هذه الخطة ملزِمة. أي بدل اللجوء الى هذه الشركات بالمفرّق إما كوزارات أو كمؤسسات، نلحأ اليها كدولة بكل قطاعاتها كما فعلت دول عدة قبلنا عندما شعرت أنها على حافة الإنهيار. شرط أن نتفق على إلزامية التقيد بالنتائج وتطبيقها مهما كانت. وهكذا نكون قد لجأنا الى طرف ثالث متخصص يمكنه المساعدة وتخطينا مسألة عدم الثقة.

هناك العديد من الدول اليوم التي تسعى الى تطوير منظومتها واقتصادها تلجأ الى هذه الشركات من أجل وضع استراتيجيات لها.

كلمة أخيرة:

الكلمة الأولى والأخيرة هي تحية الى الجيش الذي نحب وقائده الذي جمع الحكمة والصلابة في كل المراحل، ولشعبنا العظيم الذي رفض الذل وأثبت أنه مقاوم في كل الميادين.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 أيار 2020 15:16