30 أيار 2020 | 13:29

فن

الموت يغيب "القشاش" حسن حسني.. الدراما المصرية تفقد إبتسامتها‎!!!‎

الموت يغيب

زياد سامي عيتاني*


وفاته ليست إشاعة هذه المرة، فالموت "قشَّ" "قشَّاش" الفن المصري!!!

لم تشرق الشمس كعادتها هذا الصباح، حاملة معها تباشير يوم جديد يحمل معه التفاؤل(!)، بل سبقها خبر حزين وأليم بوفاة واحد من عمالقة الدراما العربية ونجماً من نجومها الساطعين في سمائها...

لقد غيب الموت الفنان القدير، الممثل المُلهِم عابر الأجيال، حسن حسني عن عمر يناهز ٨٨ عاماً حافلاً ومفعماً بالعطاء الفني الراقي والأنيق، الذي تميز به الراحل الكبير، من خلال أدائه لكل الأدوار المتنوعة التي أداها بحرفية عالية ومشاعر صادقة، جامعاً ما بين اللباقة والظرافة...

**



•خفة دم وخفة حركة:

شغل الفنان الكبير حسن حسني مقاماً رفيعاً في قلوب مشاهديه ومعجبيه في مصر والوطن العربي، من خلال مئات الأعمال المسرحية والسينمائية والدرامية، التي أبدع في أدائها بجدارة وتفوق.

فالفنان القدير حسن حسني، صاحب مسيرة فنية امتدت لأكثر من نصف قرن، قدم خلالها مئات الأعمال التي لا تُنسى للسينما والمسرح والتليفزيون، هو واحد من كبار نجوم الزمن الجميل، كما كان حضوره قاسما مشتركا بين أفلام جيل من النجوم الشباب الذي أعادوا بريق السينما المصرية.

وتمكن حسن حسني من أن ينجح طوال عقود من الزمن في رسم الضحكة على شفاه المصريين والعرب على حد سواء بخفة حركته وخفة دمه المعهودةً و"إفيهاته" التي لا تخطئ هدفها أبداً، فدائماً ما كانت تقتنص ضحكاتنا.

**



•سلاسة التنقل بين الكوميديا والجد:

إشتهر الراحل بتنوع أدواره ما بين الأدوار الكوميدية والجادة. فكان الراحل يتمير بقدرة خارقة على الإنتقال بإنسيابية إبداعية حتى في المشهد الواحد، من الكوميديا إلى التراجيديا، دون تكليف ودون أن يبذل مجهوداً مفتعلاً أو مصطنعاً، بل كان يؤدي أدواره بكل تلقائية وسلالة، تعكس مهاراته وقدراته التمثلية والأدائية، التي أقرب ما تكون إلى صدق شخصيته الحقيقية، التي تعبر عن طبيعة وحقيقة الشخصية المصرية المحببة والراسخة في قلوب كل المشاهدين العرب.

**

•البداية في المسرح العسكري:

منذ نعومة أظفاره أحب التمثيل وشارك في جميع الفرق المسرحية في مدرسته وحصل على العديد من الميداليات وشهادات التقدير من وزارة التربية والتعليم.

في بداية الستينات انتسب إلى المسرح العسكري التي كانت تابعة للجيش، وقدم الكثير من المسرحيات مع الفرقة، بالإضافة إلى مشاركته بأدوار صغيرة في عدة أفلام هي: "لا وقت للحب" عام 1961، "بنت الحتة" عام 1964، و"لا وقت للحب" عام 1967.

*^



•مسيرته الفنية:

على أثر نكسة حزيران/ يونيو عام 1967، تم حل المسرح العسكري بقرار جمهوري فإنتسب الفنان حسن حسني لفرقة حكيم وقدم معها العديد من المسرحيات الناحجة منها مسرحية "عرابي" مع المخرج نبيل الألفي ومسرحية "المركب اللي تودي" مع المخرج نور الدمرداش.

أما في بداية السبعينات شارك في العديد من الأفلام منها: "سوق الحريم"، "حب وكبرياء"، "مدينة الصمت"، "أميرة حبي أنا وغيرهم"...

وبالتوازي مع نشاطه المسرحي، شارك في أدوار صغيرة في العديد من الأعمال، منها أفلام "الحب تحت المطر"، "لا شيء يهم"، "الكرنك"، "قطة على نار"، "المليونيرة النشالة"، ومسلسلات "كيف تخسر مليون جنيه"، "زينب والعرش"، "مفتش المباحث"، بالإضافة إلى مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا" والذي كان دوره فيه نقطة تحول في حياته الفنية، حيث صار معروفًا للجمهور بشكل واسع.

في الثمانينيات شارك حسن حسني في العديد من الأعمال، منها مسلسلات: "الحل اسمه نظيرة"، "جواري بلا قيود"، "غوايش"، وأفلام منها: "وداعا يا ولدي"، "رجل قتله الحب"، "نأسف لهذا الخطأ"، "فيش وتشبيه"، بالإضافة إلى فيلم "سواق الأتوبيس" لعاطف الطيب، وكان دوره علامة فارقة في حياته المهنية والفنية، حيث لفت إليه الأنظار كممثل قادر على أداء أدوار الشر بشكل مختلف.

في التسعينيات، شارك حسن حسني في الكثير من الأعمال، منها مسلسلات: "مذكرات زوج"، "ساعة لكل الناس"، "رأفت الهجان 2"، "النوة"، "بوابة الحلواني"، "عصر الفرسان"، "عروس البحر"، أرابيسك"، وأفلام: "أنا وحماتي "لعبة الانتقام"، "المواطن مصري"، "صبيان المعلم"، "بطل من الصعيد"، "المساطيل"، "القاتلة"،و "أبو كرتونة".

كما قدّم في هذين العقدين العديد من المسرحيات، منها: "سكر زيادة"، "اعقل يا مجنون"، "على الرصيف"، "أنا وهي والكمبيوتر"، "حزمني يا"، "جوز ولوز"، وغيرها...

وعمل مع العديد من المخرجين الكبار، منهم عاطف الطيب في أفلام منها "البريء، البدرون، الهروب"، ومحمد خان في فيلمي "زوجة رجل مهم، فارس المدينة"، ورضوان الكاشف في "ليه يا بنفسج"، وأسامة فوزي في "عفاريت الأسفلت"، وسعيد مرزوق في "المغتصبون"، وداوود عبد السيد في "سارق الفرح".

في الألفية الجديدة، شارك حسن حسني في العديد من المسلسلات، ومنها: "سامحوني ماكنش قصدي"، "حارة الطبلاوي"، "جسر الخطر"، "الفجالة"، "يا رجال العالم اتحدوا"، "وجه القمر"، "زمن عماد الدين"، "جحا المصري"، "طيور الشمس"، "أميرة في عابدين"، "أين قلبي"، و "عفاريت السيالة" وغيرها...

**



•أبرز أعماله:

قدم الفنان مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية خلال مسيرته المظفرة، جعلته علامة فارقة في الدراما المصرية.

نستعرض بعضاً من تلك الأعمال التي أبدع في أداء أدوارها:

-المال والبنون:

جسد حسن حسني في المسلسل التلفزيوني الشهير "المال والبنون" شخصية "الصول شرابي" الذي ينتمي للحارة الشعبية في حي الحسين، ومثله مثل باقي الشخصيات في العمل كل منهم يحمل داخل نفسه أحلام شخصية يتمنى تحقيقها، وحلم شرابي أن يصبح ابنه ضابط شرطة.

المسلسل بطولة: عبدالله غيث، ويوسف شعبان، وأحمد عبدالعزيز، وشريف منير، وفايزة كمال، وحنان ترك، وعبلة كامل، وفادية عبدالغني، ووحيد سيف، وسيد زيان، بالإضافة لنجوم الجزء الثاني وائل نور، وحسين فهمي، وجيهان نصر، وتأليف محمد جلال عبدالقوي، وإخراج مجدي أبو عميرة.

 - رد قلبي:

لعب حسني في المسلسل التلفزيوني المأخوذ عن قصة للكاتب يوسف السباعي، شخصية الريس عبدالواحد، رجل بسيط يعمل جنايني في قصر الباشا، والعمل يحكي عن الفترة التي سبقت قيام ثورة يوليو عام 1952 وسيطرة فئة على الأراضي وتسخير بسطاء الشعب فيها.

وشخصية حسن حسني في المسلسل سبقه في تجسيدها الفنان الكبير حسين رياض في الفيلم المأخوذ عن ذات القصة ويحمل نفس الاسم.

 -أرابيسك:

الرسام وفائي شخصية مليئة بالحزن والشجن قدمها الفنان حسن حسني في المسلسل، وهو رجل قعيد تقوم ابنته الصغرى براعيته ورعاية ابنة أختها الصغيرة بعد وفاة الأم.

المسلسل بطولة: صلاح السعدني، وهدى سلطان، وكرم مطاوع، وهالة صدقي، وسهير المرشدي، وتأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج جمال عبدالحميد.

 - حلم الجنوبي:

للمرة الثانية يشارك حسن حسني في بطولة مسلسل مع الفنان صلاح السعدني ولكن في ثوب وشخصية مختلفة، لعب فيه حسني شخصية عمران الجارحي، رجل صعيدي فقير يقع بالصدفة في قطع أثرية ويصبح من أغنياء المدينة من التجارة في الآثار، ويمثل السعدني على الجانب الآخر مدرس التاريخ الذي يحاول الحفاظ على تراث بلده فيدخل في صراع مع الجارحي.

 - بوابة الحلواني:

مسلسل يدور في حقبة تاريخية أثناء فترة حكم الخيديوي إسماعيل وحفر قناة السويس، ويحكي عن مجموعة من العائلات من بينها عائلة الكاشف التي ينتمي لها حسن حسني حيث جسد شخصية شريف الكاشف.

 المسلسل ضم مجموعة كبيرة من الفنانين مثل عبدالله غيث، وخالد النبوي، وسميرة عبدالعزيز، وليلى طاهر، وصلاح قابيل، وسعاد نصر، وعلي الحجار، وسمية الألفي، ومن تأليف محفوظ عبدالرحمن، وإخراج ابراهيم الصحن.

- أم كلثوم:

هو عمل تلفزيوني يحكي السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، ولعب فيه حسني شخصية والدها -إبراهيم البلتاجي- المنشد في الموالد وصاحب الصوت الأصيل الذي ورثه لابنته وكان إحدى المحطات الهامة والدافعة في نجاحها الأول.

المسلسل بطولة صابرين، وكمال أبو رية، وأحمد راتب، وسميرة عبدالعزيز، ورشوان توفيق، وعبدالعزيز مخيون، ورياض الخولي، وتأليف محفوظ عبدالرحمن ونعمات أحمد فؤاد، وإخراج إنعام محمد علي.

**

مع غياب "القشاش" سيفقد المشاهد العربي الكثير من الفكاهة الراقية التي زرعها في نفوسه وذاكرته بكثير من الحب والشغف الفنان الراحل حسن حسني، وستفقد الكوميديا العربية والمصرية علماً من أعلامها، وقامة فريدة وإستثنائية من نجومها الكبار، الذين أرخوا بفنهم لحقبة من تاريخ زمن العمالقة من خلال مسيرته الحافلة التي إمتدت لأكثر من نصف قرن...

فبعد نحو 300 عمل على مدى أكثر من 50 عاماً، لم يكتف الفنان القدير حسن حسني بالانفراد بالنجومية، بل آختار أن يسخرها لدعم جيل الفنانين الشبان في فترة التسعينيات، قائلاً: "لقد منحني عماد حمدي فرصة في سواق الأتوبيس غيرت مجرى حياتي، فلمَ لا أقف إلى جوار هذا الشباب الصاعد؟"، لتصبح مشاركته في أفلام الشباب بمثابة صك للنجومية....















*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

30 أيار 2020 13:29