كتب علي الشاهين (*) :
حول ما أطلق من شتائم في بيروت خلال تظاهرات ٦/ ٦ نسجل التالي من النقاط:
١_ من يقنعنا أو أن يقنع الناس أن هذه الشتائم ولدت بنت ساعتها، و لم تكن بتدبير من جهات ما ، من أجل إيصال رسالة سياسية ما أو تحقيق هدف سياسي ما؟
٢_ المشهد السياسي في لبنان حاليا و تداعيات لما يحصل في الإقليم، هو بمثابة كومة قش يابس حوله حرائق عديدة مندلعة.
٣_ من أدوات منظمو " حروب الاخرين على أرضنا " عادة هو ولوجهم التباينات المذهبية و الطائفية ، و استخدامها لتمرير مشاربعهم ، ناهيك ايضا و على المستوى الداخلي قد يكون لاحد اهل السياسة مصلحة لهم في مكان ما و عملا بمفهوم شد العصب يستغلون الامر للحفاظ على مواقعهم و مصالحهم ، و هنا قد يستحضرنا مقال لهنري كيسنجر نشر في ٢٠٠٥ و يتحدث عن " حرب مذهبية بين السنة و الشيعة لمائة عام كالحرب الدينية بين البروتستانت و الكاثوليك في أوربا دامت مائة عام " .
٤_ أن شتيمة ما لا تؤثر على امة ، بل هي تدل على جهل " مكدس" لمطلقها ، انما اذا كانت هذه الشتائم مسألة عقيدية فهنا الخطورة الكبرى، و تستلزم المعالجات الجادة .
٥__ سلاح حزب الله، و لنكن صريحين و منطقيين و واقعيين ، و لعوامل عديدة و بعد عام ٢٠٠٠ ، أصبح يتسم بنقطتين و هما :
أ- لتجاذبات و معادلات اقليمية و دولية متشابكة تدخل فيها المصالح و النفوذ،أصبح مسألة لها جوانب إقليمية .
ب_ لذا بعد ال٢٠٠٠ و ما تبعها من أحداث هائلة، أصبح مسألة شائكة و ضاغطة و مربكة على صعيد التوازنات الداخلية و السلم الأهلي ، و انعكس على أمان و ثقة معظم المكونات اللبنانية فيما يتعلق بالخطر الوجودي، ، و ما زاد توجسا عند معظم اللبنانيين هو تجذير هذه المخاوف و الهواجس عند اللبنانيبن وخصوصا ان حزب الله نجح في هذا التجذير من خلال عدة ممارسات و خطوات قام بها تجاه المكونات الأخرى ( تحالفات، سرايا المقاومة، استقطاب نخب ، إعلام و اعلام و غير ذلك ) .
٦_ لا شك أن حزب الله خصوصا و الثنائي الشيعي عموما وصلوا إلى مرحلة من المكتسبات و النفوذ و الإمكانيات اصبح الحفاظ عليها يتطلب الكثير منهم من رفع منسوب القلق الطبيعي المستديم، إنما في ذات الوقت قد يدخلهم هذا الأمر في دائرة المخاطر و الخسارة المفاجئة، إذا لم يستخدموا الحنكة و العقلانية و الحكمة و الواقعية السياسية و الأخذ بعين الاعتبار لخصوصيات لبنان العديدة .
٧_ لا شك أنه بعد الانتخابات النيابية الأخيرة و بعد خروج الحريري من السلطة و بعد التغيرات الإقليمية في المشهد السوري فيما يتعلق بنفوذ اللاعبين هناك و خصوصا روسيا و إيران و مسار التغيير السلطوي في سوريا ذاتها، لا شك كل ذلك يضع حزب الله في خانة الترقب المتواصل ، و الاستعداد لأي تطور، و تتسائل دوائر الدراسات و المشورة و القرار عنده، اين الآن نحن ؟ . و هذه الحالة قد تجعله يستخدم أساليب عديدة يستفز بها الاخرين في الوطن .
٨_ انما رغم كل ما جاء أعلاه عليه أن يدرك حزب الله خصوصا و الثنائي الشيعي عموما ، أن الدورة السياسية مثل الدورة الاقتصادية، و انه مهما امتلك من أدوات و أسلحة و سياسات إعلامية و استقطابية و تحالفات، فإن الأمر المنطقي و ارجحية العقل هو المطلوب في بلد مثل لبنان، بلد طائفي تعددي ، ناهيك أنه بلد يمر بأزمة اقتصادية حادة تكاد توصله إلى الانهيار التام، و أوضاع سياسية عزلته عن محيطه و عن العالم، و لا يمكن أن يستمر الوصع إلى ما شاء الله على ما هو ، حتى لو كانت هناك معتمديات غيبية
تأسيسا على ما جاء أعلاه نسأل و نطرح التالي :
١_ ما علاقة السيدة عائشة رضي الله عنها بمسائل البلد العديدة (،و الثورة ) ، هل هي صنعت قرار ١٩٥٩ ؟
٢_ رهان حزب الله على حالة الأرباك و الضعف السني رهان خاطىء جدا .
٣_ هذه الممارسات المرفوضة ( الشتائم ) تزيد من مساحة الاحقاد و السخط و الشحن المذهبي، و لا ندري إلى أين تاخذ البلد.
ما المطلوب من بري و جنبلاط و الحريري ؟
المطلوب من المعنيين عموما، و من الثنائي الشيعي تحديدا ، عدم الاكتفاء ببيانات رفض و استنكار ، المطلوب الكثير و أولها على الإطلاق مراجعة نقدية حقيقية لكافة الملفات و خصوصا العلاقة مع الآخر و في طليعتها السنة أكبر طائفة في البلد ، و في قراءة علمية لرأي العام للشارع ، ترى ضرورة و أهمية إصدار فتاوى تحرم شتم اي رمز ديني، و اتخاذ إجراء قانوني تجاه كل من قام أو يقوم بها .
المطلوب من المرجعيات السنية و تحديدا من دار الفتوى و سعد الحريري تحديد و اتخاذ خطوات و إجراءات محددة تجاه حقوقها و كرامتها، و بقراءة علمية لرأي عام الشارع لا يد لدار الفتوى من العمل و التنسيق مع كل معني و حريص و مخلص للوحدة الوطنية و الإسلامية و درءا لأي فتنة ، أن تقام محاكمة الفاعلين حسب القوانين المرعية ( هذا ما يراه رأي عام الشارع ) .
المطلوب من وليد جنبلاط و نبيه بري استخدام تجربتهم السياسية الطويلة، المطلوب منهما دراسة الأوضاع و الاتيان بأفكار حلول تضع حدا لهذا التدهور الأخلاقي السياسي الاستراتيجي الذي يتجه اليه البلد ، و الا طوفان الجهل " المكدس" و الحقد و مآرب لعبة الامم تجرف الأخضر و اليابس في هذا الوطن الصغير و الجميل لبنان.. بلد التنوع و التعددية و الرسالة الحضارية. و لا ينفع عند ذلك لا السلاح مهما علا و تنوع ، لأن الكرامات بين البشر متساوية ناهيك ان البلد لا يتحمل أي خسارة جديدة ومقومات المعالجة و الصمود قليلة و خصوصا ان الاخرين ، في الإقليم والخارج " مش فاضين لأحد " بعد كورونا .
(*)إعلامي وباحث في الشؤون السياسية
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.