10 حزيران 2020 | 11:23

هايد بارك

كتاب من الشارع - علي الشاهين

كتاب من الشارع - علي الشاهين

كتب علي الشاهين (*) :

حول ما أطلق من شتائم في بيروت خلال تظاهرات ٦/ ٦ نسجل التالي من النقاط:

١_ من يقنعنا أو أن يقنع الناس أن هذه الشتائم ولدت بنت ساعتها، و لم تكن بتدبير من جهات ما ، من أجل إيصال رسالة سياسية ما أو تحقيق هدف سياسي ما؟

٢_ المشهد السياسي في لبنان حاليا و تداعيات لما يحصل في الإقليم، هو بمثابة كومة قش يابس حوله حرائق عديدة مندلعة.

٣_ من أدوات منظمو " حروب الاخرين على أرضنا " عادة هو ولوجهم التباينات المذهبية و الطائفية ، و استخدامها لتمرير مشاربعهم ، ناهيك ايضا و على المستوى الداخلي قد يكون لاحد اهل السياسة مصلحة لهم في مكان ما و عملا بمفهوم شد العصب يستغلون الامر للحفاظ على مواقعهم و مصالحهم ، و هنا قد يستحضرنا مقال لهنري كيسنجر نشر في ٢٠٠٥ و يتحدث عن " حرب مذهبية بين السنة و الشيعة لمائة عام كالحرب الدينية بين البروتستانت و الكاثوليك في أوربا دامت مائة عام " .

٤_ أن شتيمة ما لا تؤثر على امة ، بل هي تدل على جهل " مكدس" لمطلقها ، انما اذا كانت هذه الشتائم مسألة عقيدية فهنا الخطورة الكبرى، و تستلزم المعالجات الجادة .

٥__ سلاح حزب الله، و لنكن صريحين و منطقيين و واقعيين ، و لعوامل عديدة و بعد عام ٢٠٠٠ ، أصبح يتسم بنقطتين و هما :

أ- لتجاذبات و معادلات اقليمية و دولية متشابكة تدخل فيها المصالح و النفوذ،أصبح مسألة لها جوانب إقليمية .

ب_ لذا بعد ال٢٠٠٠ و ما تبعها من أحداث هائلة، أصبح مسألة شائكة و ضاغطة و مربكة على صعيد التوازنات الداخلية و السلم الأهلي ، و انعكس على أمان و ثقة معظم المكونات اللبنانية فيما يتعلق بالخطر الوجودي، ، و ما زاد توجسا عند معظم اللبنانيين هو تجذير هذه المخاوف و الهواجس عند اللبنانيبن وخصوصا ان حزب الله نجح في هذا التجذير من خلال عدة ممارسات و خطوات قام بها تجاه المكونات الأخرى ( تحالفات، سرايا المقاومة، استقطاب نخب ، إعلام و اعلام و غير ذلك ) .

٦_ لا شك أن حزب الله خصوصا و الثنائي الشيعي عموما وصلوا إلى مرحلة من المكتسبات و النفوذ و الإمكانيات اصبح الحفاظ عليها يتطلب الكثير منهم من رفع منسوب القلق الطبيعي المستديم، إنما في ذات الوقت قد يدخلهم هذا الأمر في دائرة المخاطر و الخسارة المفاجئة، إذا لم يستخدموا الحنكة و العقلانية و الحكمة و الواقعية السياسية و الأخذ بعين الاعتبار لخصوصيات لبنان العديدة .

٧_ لا شك أنه بعد الانتخابات النيابية الأخيرة و بعد خروج الحريري من السلطة و بعد التغيرات الإقليمية في المشهد السوري فيما يتعلق بنفوذ اللاعبين هناك و خصوصا روسيا و إيران و مسار التغيير السلطوي في سوريا ذاتها، لا شك كل ذلك يضع حزب الله في خانة الترقب المتواصل ، و الاستعداد لأي تطور، و تتسائل دوائر الدراسات و المشورة و القرار عنده، اين الآن نحن ؟ . و هذه الحالة قد تجعله يستخدم أساليب عديدة يستفز بها الاخرين في الوطن .

٨_ انما رغم كل ما جاء أعلاه عليه أن يدرك حزب الله خصوصا و الثنائي الشيعي عموما ، أن الدورة السياسية مثل الدورة الاقتصادية، و انه مهما امتلك من أدوات و أسلحة و سياسات إعلامية و استقطابية و تحالفات، فإن الأمر المنطقي و ارجحية العقل هو المطلوب في بلد مثل لبنان، بلد طائفي تعددي ، ناهيك أنه بلد يمر بأزمة اقتصادية حادة تكاد توصله إلى الانهيار التام، و أوضاع سياسية عزلته عن محيطه و عن العالم، و لا يمكن أن يستمر الوصع إلى ما شاء الله على ما هو ، حتى لو كانت هناك معتمديات غيبية

تأسيسا على ما جاء أعلاه نسأل و نطرح التالي :

١_ ما علاقة السيدة عائشة رضي الله عنها بمسائل البلد العديدة (،و الثورة ) ، هل هي صنعت قرار ١٩٥٩ ؟

٢_ رهان حزب الله على حالة الأرباك و الضعف السني رهان خاطىء جدا .

٣_ هذه الممارسات المرفوضة ( الشتائم ) تزيد من مساحة الاحقاد و السخط و الشحن المذهبي، و لا ندري إلى أين تاخذ البلد.

ما المطلوب من بري و جنبلاط و الحريري ؟

المطلوب من المعنيين عموما، و من الثنائي الشيعي تحديدا ، عدم الاكتفاء ببيانات رفض و استنكار ، المطلوب الكثير و أولها على الإطلاق مراجعة نقدية حقيقية لكافة الملفات و خصوصا العلاقة مع الآخر و في طليعتها السنة أكبر طائفة في البلد ، و في قراءة علمية لرأي العام للشارع ، ترى ضرورة و أهمية إصدار فتاوى تحرم شتم اي رمز ديني، و اتخاذ إجراء قانوني تجاه كل من قام أو يقوم بها .

المطلوب من المرجعيات السنية و تحديدا من دار الفتوى و سعد الحريري تحديد و اتخاذ خطوات و إجراءات محددة تجاه حقوقها و كرامتها، و بقراءة علمية لرأي عام الشارع لا يد لدار الفتوى من العمل و التنسيق مع كل معني و حريص و مخلص للوحدة الوطنية و الإسلامية و درءا لأي فتنة ، أن تقام محاكمة الفاعلين حسب القوانين المرعية ( هذا ما يراه رأي عام الشارع ) .

المطلوب من وليد جنبلاط و نبيه بري استخدام تجربتهم السياسية الطويلة، المطلوب منهما دراسة الأوضاع و الاتيان بأفكار حلول تضع حدا لهذا التدهور الأخلاقي السياسي الاستراتيجي الذي يتجه اليه البلد ، و الا طوفان الجهل " المكدس" و الحقد و مآرب لعبة الامم تجرف الأخضر و اليابس في هذا الوطن الصغير و الجميل لبنان.. بلد التنوع و التعددية و الرسالة الحضارية. و لا ينفع عند ذلك لا السلاح مهما علا و تنوع ، لأن الكرامات بين البشر متساوية ناهيك ان البلد لا يتحمل أي خسارة جديدة ومقومات المعالجة و الصمود قليلة و خصوصا ان الاخرين ، في الإقليم والخارج " مش فاضين لأحد " بعد كورونا .

(*)إعلامي وباحث في الشؤون السياسية

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

10 حزيران 2020 11:23