سوريا _ الاسد تصرخ "أني اغرق" وما من منجد لها، والقادم مع قانون "قيصر" اخطر لانه سيكون مثل الكرة الحديدية التي تربط بطالب النجدة، ليغرق بسرعة اكبر . الجمهورية الاسلامية في ايران لم يعد بامكانها نجدة الرئيس بشار الاسد حتى لو ارادت لانها بحاجة للمال اكثر منه. محمد باقر نوبخت مساعد الرئيس حسن روحاني لشؤون الميزانية اعترف أن: "حصة النفط في ميزانية إيران تراجعت الى اقل من عشرة بالمئة". أمام هكذا اعتراف فإنه مهما بلغت طموحات المرشد اية الله علي خامنئي في دعم الاسد باعتباره في قلب محور المقاومة، فإنه لن يتمكن إلا إذا أراد مواجهة انتفاضة جوع "الان وليس غدا ". لكن هذا لا يعني ابدا خلاص سوريا من طموحات "الولاية" في المواقع والقواعد والمرافئ، ولا شك أنها ستبذل جهودا مكثفة للبقاء حتى ولو اقتضى ذلك التفاوض عاجلا أم آجلا مع "الشيطان الأكبر"، علما أن واشنطن تؤكد حصول مفاوضات عبر سويسرا لتسوية ملف السجناء من الطرفين .
ما يزيد من تعقيد وضع سوريا أن موسكو بدأت تعيد حساباتها من الاسد وسوريا ، ذلك ان القيصر بوتين لم يدخل ويحارب ليخرج \، ولانه بحاجة الى حجة الوجود الشرعي الذي منحه الاسد له عندما طلب منه القدوم بقواته ومن ثم وافقت طهران وشاركت في تثبيت هذه"الشرعية" …المشكلة الآن أن الاسد ومعه سوريا يغرقان وان البديل غير معروف وغير جاهز ، والاحتجاجات السلمية ترتفع وتيرتها شعبيا ويتسع انتشارها مناطقيا . ولذلك كله يجب الإسراع بالحل الذي ستكون بدايته كما تكتب الصحف الروسية في تقديم بديل يوقف التدهور ويبقي على الانتشار الروسي بموافقة اميركا وإسرائيل …
ليبيا الممزقة تبدو في "عين إعصار" "الخلافة" . حتى الآن حقق" الخليفة" اردوغان جزءا مهما من طموحاته فهو عمليا أطاح بالجنرال حفتر (الذي اثبت أنه لا شيء وانه ليس أكثر من ظابط لم يتعلم شيئا في إدارة الحرب ولا التنظيم ولا المفاوضات)، ومن ثم بتدخله العسكري بالتحالف مع جبريل الذي يرأس حكومة الوفاق المعترف بها شرعيا رغم ان قواتها الاساسية مجموعات اسلامية اخفها تشددا التابعة للقاعدة، وعبر المرتزقة السوريين الذين استقدمهم اردوغان، والطائرات المسيرة … طبعا هذه الانتصارات ليست نهائية ذلك لان لواشنطن كلمتها وطبعا موسكو التي تراجعت تكتيكيا مع فشل حفتر ،وايضا للقاهرة التي وان كانت مشغولة بهم سد "النهضة" الإثيوبي فان من المستحيل ترك أمنها القومي سائبا على جبهتها الغربية في ليبيا . يضاف الى ذلك فرنسا والجزائر والمغرب التي لكل منها اسبابها …
قوات حكومة الوفاق تتقدم بمساعدة ودعم تركيا باتجاه سرت الغنية بالنفط والمرفأ الأساسي لتصديره. عسكريا ومع التقدم الحاصل وصولا الى ترهونة فإن اردوغان الذي يتكلم عن "الخلافة" وتاريخها لن تتوقف طموحاته عند ليبيا وهي لا شك ستتمدد باتجاه تونس خصوصا بوجود راشد الغنوشي وحزب "النهضة" وما لم تتدخل فرنسا مباشرة فان الخليفة اردوغان سيقرع بابها بقوة …
يبقى وقد يستغرب الكثيرون وجود مثل هذا التوجه عن محاولة قفز "الخلافة " الى لبنان ، خصوصا أن "الولاية" موجودة في حضنها الشعبي أي "المقاومة" فهل "الخليفة " مستعد للتورط في" عِش الدبابير " هذا ؟
لا شك أن الامر ليس بسيطا ولا سهلا، لكن ليس على طموحات اردوغان سوى الصبر من باب التأني ، ذلك ان لبنان يغرق بسرعة ولا يبدو احد من العرب الذين كانوا يتبنونه اوينجدوه مستعدا للتقدم خطوة واحدة خصوصا بعد ان فقد لبنان موقعه وأهميته ( ولو مؤقتا في افضل الحالات) وأصبح متهما بان حكومته هي حكومة " حزب الله". يبقى السؤال كيف ومتى يمكن أن يندفع اردوغان نحو لبنان ؟
لبنان في خطر، والاخطر أن كل القوى تدرك ذلك و"حزب الله" أكثر العارفين والمطلعين، رغم ذلك فإن كل من هؤلاء يحمل عود الثقاب وهو واقف على برميل البارود ولا يتراجع سوى كلاميا … حزب الله الذي يقول ليلا ونهارا انه ضد الحرب الأهلية ويعترف سرا بالخطر التركي البعيد نسبيا، لكنه عمليا لا يفعل شيئا فعالا . يقال اليوم أن لبنان مر في الاسبوع الماضي بقطوع فماذا فعل حتى لا يتكرر سواء الذين شتموا اوهاجموا عين الرمانة ؟ لا شيء. لا تكفي الادانة وبوضوح شديد وموجع فإن كل صواريخ الحزب لن تنقذه من الحصار بين اسرائيل في الجنوب والعداء العلني والمستتر من السنة من عكار الى صيدا مرورا ببيروت والذي يجري تغذيته يوميا … للأسف أي صدام مذهبي ستتدخل فيه قوى ودوّل تنتظر اللحظة المناسبة وستكون الولايات المتحدة الاميركية سعيدة مع حليفتها اسرائيل … تركيا تعمل منذ سنوات على وضع مداميك لوجودها وهي أرسلت قبل أعوام قليلة فريقا من مركز "اورسام" الى لبنان حيث عمل ورسم خريطة كاملة لوجود التركمان على مساحة لبنان وتبين من الدراسات انتشار تركماني وإن كان محدود العدد في ثمانية مواقع تمتد من عكار والضنية الى بعلبك … واذا ما نزلت تركيا في المستنقع اللبناني فان المرتزقة السوريين الذين ذهبوا الى ليبيا سيكونوا أعدادا مضاعفة في لبنان …
أي حرب مثل هذه لن ينتصر فيها أحد سوى الدمار والأجنبي مهما كانت هويته … ما زال بالإمكان الرجوع عن حافة جهنم. ولا شك أن المسؤولية تقع على الجميع خصوصا الشرائح الواعية من السنة والاهم على "حزب الله"، فهي كبيرة ودوره أساسي ومركزي فيها . والبداية في تخفيضه لمنسوب الاستقواء والقوة لدى مجموعاته وقاعدته في الداخل وحصرها في مواجهة اسرائيل العدو الاول والأساسي والأخير …
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.