أسعد حيدر

11 حزيران 2020 | 13:52

كتب أسعد حيدر

‎ ‎بين الخلافة والولاية ضاع العرب‏‎ -‎‏٣‏‎ ‎

‎ ‎سوريا _ الاسد تصرخ "أني اغرق" وما من منجد لها، والقادم مع قانون "قيصر" ‏اخطر لانه سيكون مثل الكرة الحديدية التي تربط بطالب النجدة، ليغرق بسرعة اكبر . الجمهورية ‏الاسلامية في ايران لم يعد بامكانها نجدة الرئيس بشار الاسد حتى لو ارادت لانها بحاجة للمال ‏اكثر منه. محمد باقر نوبخت مساعد الرئيس حسن روحاني لشؤون الميزانية اعترف أن: "حصة ‏النفط في ميزانية إيران تراجعت الى اقل من عشرة بالمئة". أمام هكذا اعتراف فإنه مهما بلغت ‏طموحات المرشد اية الله علي خامنئي في دعم الاسد باعتباره في قلب محور المقاومة، فإنه لن ‏يتمكن إلا إذا أراد مواجهة انتفاضة جوع "الان وليس غدا ". لكن هذا لا يعني ابدا خلاص سوريا ‏من طموحات "الولاية" في المواقع والقواعد والمرافئ، ولا شك أنها ستبذل جهودا مكثفة للبقاء ‏حتى ولو اقتضى ذلك التفاوض عاجلا أم آجلا مع "الشيطان الأكبر"، علما أن واشنطن تؤكد ‏حصول مفاوضات عبر سويسرا لتسوية ملف السجناء من الطرفين‎ . ‎

‎ ‎ما يزيد من تعقيد وضع سوريا أن موسكو بدأت تعيد حساباتها من الاسد وسوريا ، ذلك ان ‏القيصر بوتين لم يدخل ويحارب ليخرج \، ولانه بحاجة الى حجة الوجود الشرعي الذي منحه ‏الاسد له عندما طلب منه القدوم بقواته ومن ثم وافقت طهران وشاركت في تثبيت هذه"الشرعية" ‏‏…المشكلة الآن أن الاسد ومعه سوريا يغرقان وان البديل غير معروف وغير جاهز ، ‏والاحتجاجات السلمية ترتفع وتيرتها شعبيا ويتسع انتشارها مناطقيا . ولذلك كله يجب الإسراع ‏بالحل الذي ستكون بدايته كما تكتب الصحف الروسية في تقديم بديل يوقف التدهور ويبقي على ‏الانتشار الروسي بموافقة اميركا وإسرائيل‎ … ‎

‎ ‎ليبيا الممزقة تبدو في "عين إعصار" "الخلافة" . حتى الآن حقق" الخليفة" اردوغان ‏جزءا مهما من طموحاته فهو عمليا أطاح بالجنرال حفتر (الذي اثبت أنه لا شيء وانه ليس أكثر ‏من ظابط لم يتعلم شيئا في إدارة الحرب ولا التنظيم ولا المفاوضات)، ومن ثم بتدخله العسكري ‏بالتحالف مع جبريل الذي يرأس حكومة الوفاق المعترف بها شرعيا رغم ان قواتها الاساسية ‏مجموعات اسلامية اخفها تشددا التابعة للقاعدة، وعبر المرتزقة السوريين الذين استقدمهم ‏اردوغان، والطائرات المسيرة … طبعا هذه الانتصارات ليست نهائية ذلك لان لواشنطن كلمتها ‏وطبعا موسكو التي تراجعت تكتيكيا مع فشل حفتر ،وايضا للقاهرة التي وان كانت مشغولة بهم ‏سد "النهضة" الإثيوبي فان من المستحيل ترك أمنها القومي سائبا على جبهتها الغربية في ليبيا . ‏يضاف الى ذلك فرنسا والجزائر والمغرب التي لكل منها اسبابها‎ … ‎

‎ ‎قوات حكومة الوفاق تتقدم بمساعدة ودعم تركيا باتجاه سرت الغنية بالنفط والمرفأ الأساسي ‏لتصديره. عسكريا ومع التقدم الحاصل وصولا الى ترهونة فإن اردوغان الذي يتكلم عن ‏‏"الخلافة" وتاريخها لن تتوقف طموحاته عند ليبيا وهي لا شك ستتمدد باتجاه تونس خصوصا ‏بوجود راشد الغنوشي وحزب "النهضة" وما لم تتدخل فرنسا مباشرة فان الخليفة اردوغان ‏سيقرع بابها بقوة‎ … ‎

‎ ‎يبقى وقد يستغرب الكثيرون وجود مثل هذا التوجه عن محاولة قفز "الخلافة " الى لبنان ، ‏خصوصا أن "الولاية" موجودة في حضنها الشعبي أي "المقاومة" فهل "الخليفة " مستعد للتورط ‏في" عِش الدبابير " هذا‎ ‎؟‎ ‎

‎ ‎لا شك أن الامر ليس بسيطا ولا سهلا، لكن ليس على طموحات اردوغان سوى الصبر ‏من باب التأني ، ذلك ان لبنان يغرق بسرعة ولا يبدو احد من العرب الذين كانوا يتبنونه ‏اوينجدوه مستعدا للتقدم خطوة واحدة خصوصا بعد ان فقد لبنان موقعه وأهميته ( ولو مؤقتا في ‏افضل الحالات) وأصبح متهما بان حكومته هي حكومة " حزب الله". يبقى السؤال كيف ومتى ‏يمكن أن يندفع اردوغان نحو لبنان‎ ‎؟‎ ‎

‎ ‎لبنان في خطر، والاخطر أن كل القوى تدرك ذلك و"حزب الله" أكثر العارفين والمطلعين، ‏رغم ذلك فإن كل من هؤلاء يحمل عود الثقاب وهو واقف على برميل البارود ولا يتراجع سوى ‏كلاميا … حزب الله الذي يقول ليلا ونهارا انه ضد الحرب الأهلية ويعترف سرا بالخطر التركي ‏البعيد نسبيا، لكنه عمليا لا يفعل شيئا فعالا . يقال اليوم أن لبنان مر في الاسبوع الماضي بقطوع ‏فماذا فعل حتى لا يتكرر سواء الذين شتموا اوهاجموا عين الرمانة ؟ لا شيء. لا تكفي الادانة ‏وبوضوح شديد وموجع فإن كل صواريخ الحزب لن تنقذه من الحصار بين اسرائيل في الجنوب ‏والعداء العلني والمستتر من السنة من عكار الى صيدا مرورا ببيروت والذي يجري تغذيته يوميا ‏‏… للأسف أي صدام مذهبي ستتدخل فيه قوى ودوّل تنتظر اللحظة المناسبة وستكون الولايات ‏المتحدة الاميركية سعيدة مع حليفتها اسرائيل … تركيا تعمل منذ سنوات على وضع مداميك ‏لوجودها وهي أرسلت قبل أعوام قليلة فريقا من مركز "اورسام" الى لبنان حيث عمل ورسم ‏خريطة كاملة لوجود التركمان على مساحة لبنان وتبين من الدراسات انتشار تركماني وإن كان ‏محدود العدد في ثمانية مواقع تمتد من عكار والضنية الى بعلبك … واذا ما نزلت تركيا في ‏المستنقع اللبناني فان المرتزقة السوريين الذين ذهبوا الى ليبيا سيكونوا أعدادا مضاعفة في لبنان‎ ‎‎… ‎

‎ ‎أي حرب مثل هذه لن ينتصر فيها أحد سوى الدمار والأجنبي مهما كانت هويته … ما ‏زال بالإمكان الرجوع عن حافة جهنم. ولا شك أن المسؤولية تقع على الجميع خصوصا الشرائح ‏الواعية من السنة والاهم على "حزب الله"، فهي كبيرة ودوره أساسي ومركزي فيها . والبداية ‏في تخفيضه لمنسوب الاستقواء والقوة لدى مجموعاته وقاعدته في الداخل وحصرها في مواجهة ‏اسرائيل العدو الاول والأساسي والأخير‎ … ‎

‎ ‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

11 حزيران 2020 13:52