خلال شهر آب/أغسطس 1831، قاد العبد ذو الأصول الأفريقية نات تيرنر (Nat Turner) ثورة ضد العبودية هزّت مقاطعة ساوثهامتون (Southampton) بولاية فرجينيا وغيّرت مجرى تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
فعلى الرغم من استمرارها لفترة وجيزة، أسفرت هذه الثورة عن مقتل نحو 55 من السكان البيض بالمنطقة وإعدام العشرات من مؤيدي نات تيرنر على يد ميليشيات من البيض.
وقد جاءت ثورة العبيد التي قادها نات تيرنر أثناء فترة الرئيس الديمقراطي أندرو جاكسون (Andrew Jackson) لتعيد خلط الأوراق وتتسبب في إقرار جملة من القوانين القاسية تجاه العبيد الذين منعوا من تنظيم التجمعات وحرموا من تعلم القراءة والكتابة.
وعلى الرغم من اقتراحات مناهضي العبودية بضرورة تحرير العبيد تدريجيا، عملت فرجينيا والولايات الجنوبية على إبقاء نظام العبودية وإحكام السيطرة على حياة ذوي الأصول الأفريقية بالبلاد وحرمانهم من حق التعلم.
فخلال تلك الفترة، تحدّث المؤرخون عن قدرة 10 بالمائة من العبيد الجنوبيين على القراءة والكتابة وهي النسبة التي اعتبرها الأسياد البيض مرتفعة وخطيرة حيث صنّف العديد من البيض العبيد المتعلمين كتهديد مستقبلي لهم.
ومن خلال ثورة عام 1831 تحققت هذه النبوءة حيث تمكن المبشّر والعبد نات تيرنر من جمع العديد من المؤيدين حوله بفضل قدرته على قراءة الإنجيل وحديثه عن قصص مقدسة أيدت تحرير العبيد ورفضت ما جاء به المبشرون البيض المؤيدون للعبودية.
من جهة ثانية، جاءت القوانين الرافضة لتعليم ذوي الأصول الأفريقية كرد على تزايد التيارات المطالبة بإجهاض العبودية بالشمال. ومن ضمن أخطر الشخصيات المقيمة بالشمال والمطالبة بتحرير العبيد بالنسبة للجنوبيين، يذكر التاريخ اسم الرجل الأسود الحر ديفيد والكر (David Walker) المقيم بنيو إنجلند حيث وزّع الأخير كتيّبه المعروف باسم المناشدة الذي دعى من خلاله للثورة لإنهاء العبودية.
وقد سجّل هذا الكتيب ظهوره بالولايات الجنوبية بفضل البحارة السود الذين عمدوا لإخفائه بين طيات ثيابهم ونقله نحو العبيد بالجنوب.
وعلى الرغم من عدم وجود دلائل على دورها أثناء ثورة نات تيرنر عام 1831، أثّرت هذه الكتيبات بشكل هام على أهالي جزر الكاريبي وساهمت في ثوراتهم على العبودية واستغلالهم بمزارع قصب السكر.
وعلى مدار سنين طويلة، استغل الأسياد البيض بالولايات المتحدة الأميركية عامل قدرتهم على القراءة والكتابة لتبرير استعبادهم وتفوقهم على السود الأميين ووصفهم بأسوأ الألفاظ.
ومع بداية تعلم ذوي الأصول الأفريقية، اتجه البيض لخسارة هذا العامل فما كان منهم إلا أن سنوا قوانين ضد تعليم السود للحفاظ على تفوقهم.
فخلال شهر نيسان/أبريل 1831، أعلنت ولاية فرجينيا التجمعات التعليمية للسود، سواء كانوا أحرارا أو عبيد، غير قانونية وبألاباما فرضت مثل هذه القوانين غرامات مالية بلغت قيمتها 250 دولارا ضد كل من يتجرأ على تعليم رجل أسود القراءة والكتابة.
وأثناء الحرب الأهلية الأميركية، تغيّر الوضع للأفضل بالنسبة لذوي الأصول الأفريقية. فعقب دخول قوات الإتحاد لفرجينيا وخطاب تحرير العبيد للرئيس الجمهوري أبراهام لنكولن، سارع العديد من ذوي الأصول الأفريقية الأحرار لفتح مدارس للسود.
عام 1870، قدّرت نسبة السود القادرين على القراءة والكتابة بنحو 20 بالمائة وعام 1910 ارتفعت هذه النسبة لتقارب 70 بالمائة.
العربية.نت
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.