أسعد حيدر

25 حزيران 2020 | 18:55

كتب أسعد حيدر

بين الخلافة والولاية ضاع العرب -٤

اخيرا وصلت السكين الى مصر "القلب" من الجسد العربي . سوريا تمزقت وبقي الرئيس بشار الاسد ، حتى اصبحت مثلا دوليا لمصير دول اخرى ، مثلما قال الرئيس إيمانويل ماكرون "لا اريد ان ارى ليبيا بعد عام او عامين مثل سوريا اليوم "، كذلك انضم التعريف الذي ولدته الحالة السورية الى ما سبقه في لبنان فأصبح يقال " السورنة" على مثال "اللبننة" . مصر كانت قد انكفأت ووأدت دورها رغم ذلك يبدو انها ما زالت تقلق وتخيف خصوصا اذا ما قامت وقالت انا موجودة . "الاخوان المسلمون" فشلوا في "اسلمة" النظام وحتى الالتحاق بالتجربة الايرانية ، فحضرت "الخلافة "من البوابة الليبية ومن الجنوب اثيوبيا التي تمسك بالنيل الوريد المائي لمصر والسودان وتحوله الى حبل مشنقة يمكنها تهديدهما بالعطش وحتى الجوع متى ارادت .

"الخليفة العثماني " طيب رجب اردوغان ، أخذ المقدر له من سوريا وتوقف رغم شهيته المفتوحة على المزيد ، ثم اكتشف ان له جدودا عثمانيين في ليبيا فعبر البحر المتوسط وتوافق مع رئيس "حكومة الوفاق" السراج وقال انا هنا ومتوجه بعد طرابلس الى سرت . النفط والغاز يفتح شهية "الشبعان" فكيف "بالجائع " للثروة والموقع ويملك القوة وغض الطرف من الولايات المتحدة الاميركية طالما انه يتحرك ضمن خطوطها المرسومة على الورق وليس على الرمال ؟

لا يهمه "الخليفة" ان حكومة السراج وقواه العسكرية تجمع متحرك لمجموعات اسلامية متطرفة وان أقواها بقيادة عبد الحكيم بلحاج الذي بعد ان اصبح مليارديرا انتقل من جبال تورا في افغانستان حيث قاتل وتدرب وقاد لعدة سنوات ،الى اسطمبول حيث يدير أعماله ومنها شركة طيران تنقل الرجال والعتاد الى ليبيا وغيرها. وقد نجح اردوغان بفضل غباء الماريشال حفتر من الاستيلاء تحت علم السراج على طرابلس والتقدم باتجاه سرت التي تقع فيها معظم موانئ تصدير النفط وقاعدة "القرضابية" الاستراتيجية على ان تكون خطوته التالية باتجاه الجفرة "مفتاح" اقليم فزان الصحراوي وفيها قاعدة الجفرة او "تمنهنت" وتشكل عقدة المواصلات الاستراتيجية باتجاه دول الساحل الأفريقي و"مفتاح " الصحراء الافيريقية معقل الجماعات الجهادية وشبكات التهريب (كما يصفها الكاتب الليبي علي شندب) وبالتالي يمكن بها تهديد أوروبا بتهجيرها عبر البحر المتوسط اليها لتقف صامتة كما فعلت عندما هددها بتوريد الجهاديين السوريين اليها …

هذا النجاح "للخليفة" لا يعني الانتصار تمهيدا للانتقال الى تونس حيث "النهضة " وراشد الغنوشي واخيرا الاهم مصر . مشكلة اردوغان انه حسب ان مصر ستكون "لقمة سائغة " له ولم يحسب انها وقد اصبح أمنها القومي مهددا ستستيقظ وتقول "والله زمان يا سلاحي " … طبعا مصر تتمنى الا تصل المواجه الى تحكيم السلاح ولكن اذا لم يكن من الامر بد فلن تهرب منها . المشكلة ببعض العرب ومنهم للأسف الجزائر المنزعجة والمعارضة للدور المصري في ليبيا ، دون ان تعي ان غزو القوى الاسلامية لها سيكون اسهل اذا اذا تركيا استقرت في ليبيا . ويبدو ان الجزائر تحولت قبل سنوات قليلة عندم كان الرئيس تبون وزيرا ، الى فضاء مفتوح للوبي التركي الناشط في قطاع البناء والمقاولات ، ويبدو ان احمد ديمريل الذي يدير الاعمال التركية في الجزائر اراد التعامل مع ابن الرئيس في مشروع لبناء معمل بترو كيميائيات تبلغ كلفته سبعة مليارات فأستاء منه الرئيس كما يشاع ووضع له حدا …

من فضل الجزائر يكتب موقف تونس الخائفة عبرت عن خوفها خلال القمة بين الرئيس ماكرون والرئيس قيس فاعلن ماكرون :هل تعتقدون ان بإمكاننا ان نترك تركيا لفترة طويلة تصدر مقاتلين سوريين الى ليبيا لنراها بعد عام او عامين وقد اصبحت مثل سوريا اليوم ؟ ان فرنسا لن تتهاون مع الدور الذي تلعبه تركيا في ليبيا وهي تلعب لعبة خطرة " . ليبيا تقع على حدود الأمن القومي الفرنسي من جهة البحر المتوسط ولذلك فانها مثل مصر لا يمكنها التساهل ؟

ليس امام مصر واطماع الخليفة اردوغان ومن جهة والسكين الإثيوبية من جهة اخرى سوى العودة الى الالتزام بشعار "حاصر حصارك " …


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

25 حزيران 2020 18:55