30 حزيران 2020 | 08:24

صحافة بيروت

"القفز من المركب"… بيفاني أولاً!

المصدر:" نداء الوطن "


بعد عقدين من الزمن كان شاهداً على ما شهداه من نهب ممنهج استدرّ خيرات "البقرة الحلوب" حتى آخر نقطة ‏مدرارة من منابعها، لا يمكن التعاطي مع استقالة مدير عام المالية آلان بيفاني إلا من زاوية تنحي "شاهد ملك" ‏على هذا النهج اقترن توقيعه بكل "قرش" مصروف من الخزينة العامة طيلة السنوات العشرين الفائتة، ليشكل ‏باستقالته بداية نهاية مرحلة، وإشارة انطلاق نحو مرحلة أخرى عنوانها "القفز من مركب" المسؤولية عن إغراق ‏المالية العامة في بحور متلاطمة من الأزمات الاقتصادية والنقدية والاجتماعية، دشّنها بيفاني بالأمس ليكون ‏السؤال بعده: "من التالي"؟

هذا على مستوى دلالات المشهد في أبعاده المتصلة بتضعضع الأرضية الإدارية تحت أقدام المنظومة الحاكمة ‏وبدء "هرهرة" أوراقها بعدما ضرب الجفاف جذور المالية العامة، أما على المستويات الأخرى ذات الصلة ‏بمصير عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، فإنّ مصادر مواكبة لهذه العملية تؤكد لـ"نداء الوطن" أنّ استقالة ‏بيفاني أتت في معانيها الحكومية "بمثابة تكريس لفشل خطة حكومة حسان دياب المالية والتي كان لمدير عام ‏وزارة المالية المستقيل اليد الطولى في إعداد أرقامها بما يتلاءم مع متطلبات صندوق النقد، ما يضع عملياً مسألة ‏التفاوض مع الصندوق أمام منعطف مفصلي سيؤدي في نهاية مساره إلى إعلان فشل هذه المفاوضات إثر ‏ارتطامها بحائط مسدود من الحلول"، موضحةً أنّ "فرص دعم صندوق النقد تتضاءل يوماً بعد آخر نتيجة التخبط ‏الحكومي الذي بدأ يجد ترجماته الملموسة من خلال "سبحة" الاستقالات المتتالية في الفريق الحكومي المفاوض ‏مع الصندوق، إن كان على مستوى الإدارة المالية كما في حالة بيفاني، أو في دائرة المستشارين كما حصل قبله مع ‏استقالة مستشار وزارة المال هنري شاوول، وصولاً إلى ما يتم تناقله من معطيات تفيد بأنّ أكثر من مستشار من ‏هذا الفريق يدرس راهناً خيار تقديم استقالته‎".‎

وإذ لفتت إلى أنّ "فوز المصرف المركزي والمصارف بالنقاط على الحكومة فجّر فتيل الاحتقان والغضب في ‏صفوف مستشاريها الماليين"، تشير المصادر إلى أنّ "انصياع الحكومة لأرقام لجنة تقصي الحقائق المالية أجّج ‏الخلاف ضمن فريقها الاستشاري متهمين رئيسها بأنه رضخ للانقلاب النيابي على الخطة الحكومية"، كاشفةً من ‏ناحية موازية عن "تصدع داخل البيت الواحد ساهم في اتخاذ بيفاني قرار الاستقالة لا سيما وأنه اعتبر أنّ رئيس ‏‏"التيار الوطني الحر" جبران باسيل تخلى عنه ولم يقدّم له أي دعم في المواجهة المالية والرقمية التي خاضها مع ‏رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان، فعندها فهم "الرسالة" وبادر إلى تقديم استقالته بعدما وجد نفسه ‏منزوع الغطاء السياسي يقاتل وحيداً على أكثر من جبهة، سواء في مجلس النواب حيث يعبّر رئيس المجلس نبيه ‏بري عن انتقاد صريح لأداء بيفاني بوصفه عرّاب الخطة الحكومية، أو في وزارة المال حيث لا يزال طيف وزير ‏المال السابق علي حسن خليل يحاصره في أروقة الوزارة، بينما وزير المال الحالي غازي وزني يبدو عاجزاً عن ‏الدفاع عن خطة حكومته ويتعرض لانتقادات كثيرة في هذا المجال قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إقدامه هو نفسه ‏على الاستقالة ربطاً ببعض الإشارات التي ينقلها مقربون منه وتصب في خانة عدم استبعاد هذه الفرضية‎".‎

وفي الغضون، اتجهت الأنظار أمس إلى "قصر بسترس" لرصد مفاعيل اللقاء الذي عُقد بين وزير الخارجية ‏ناصيف حتي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا على خلفية القرار الذي سطّره قاضي الأمور المستعجلة في صور ‏محمد مازح بمنع استصراح شيا إعلامياً لمدة عام. وإذ رُصد أمس إسناد إيراني مباشر لمواجهة "حزب الله" مع ‏السفيرة الأميركية من خلال تغريدة للسفارة الإيرانية دعتها فيها إلى وقف "الثرثرة"، سعى الحزب في الوقت ‏عينه إلى مواكبة استدعاء السفيرة الأميركية ميدانياً على خطين، الخط الأول قانوني من خلال تنظيم وقفة تضامن ‏أمام قصر العدل مع مازح الذي قرر تقديم استقالته اليوم إثر استدعائه من قبل مجلس القضاء الأعلى للاستماع منه ‏إلى حيثيات قراره بحق السفيرة الأميركية، والخط الثاني شعبي عبر تجمهر عدد من مؤيدي "حزب الله" أمام ‏وزارة الخارجية بالتزامن مع اجتماع حتي وشيا‎.‎

غير أنّ المعلومات المتواترة عن اجتماع "الخارجية" عكست أجواء معاكسة لأهواء الحزب ورغبته في إيصال ‏رسالة حكومية متماهية في مضامينها مع "الرسالة" القضائية، فقد كشفت معلومات موثوق بها لـ"نداء الوطن" أنّ ‏وزير الخارجية بدا حريصاً على تخفيف حدة التشنج مع السفيرة الأميركية وتوافق معها على ضرورة "طي ‏الصفحة" واعتبار قرار مازح "كأنه لم يكن"، معرباً أمامها عن استنكاره صدور مثل هكذا قرار باعتباره يشكل ‏تدخلاً في شؤون السلك الديبلوماسي وتعدياً صريحاً على صلاحيات وزارة الخارجية التي يعود لها بالنيابة عن ‏الحكومة التعبير عن موقف لبنان الرسمي إزاء الدول والبعثات الديبلوماسية‎.‎

وبحسب ما نُقل عن حتي فإنه أكد لشيا أنّ "لبنان يتمسك بالحريات وبقدسيتها وينظر إلى الولايات المتحدة بوصفها ‏دولة صديقة لا عدوة"، مشدداً على أنّ "وزارة الخارجية في ولايته لن تكون طرفاً في مواجهة سوريا وإيران ولن ‏تكون طرفاً مع قوى 8 آذار في مواجهة أميركا‎".‎

واليوم يشارك وزير الخارجية في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية النيابية برئاسة النائب ياسين جابر في مجلس ‏النواب حيث سيطلع اللجنة على نتائج اجتماعه بالسفيرة الأميركية، في حين علمت"نداء الوطن" أن حتّي يستعدّ ‏للقيام بجولة خارجية يستهلها في 2 تموز المقبل من عمّان للتباحث مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في تداعيات ‏المخطط الإسرائيلي لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، ليتوجه بعدها إلى إيطاليا في 6 تموز للاجتماع مع ‏نظيره الايطالي لويجي دي مايو، على أن يلتقي في 7 تموز وزير خارجية الفاتيكان بول ريتشارد غالاغر.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

30 حزيران 2020 08:24