قفا نحك
أعلن رئيس الوزراء، في اعقاب تفقده المعابر الحدودية "ان زمن سرقة المال العام على المنافذ الحدودية، والتهريب انتهى".
ورئيس الوزراء، هذا ليس الدكتور حسان دياب اللبناني، بل هو العراقي مصطفى الكاظمي، وقد تفقد المعابر، تحديدا مع ايران، في ما وصف "باستعادة هيبة الدولة" مؤكدا ان القوى العسكرية مخولة بإطلاق النار على أي تجاوزات أو خروقات أمنية.
قد يقول قائل ان الكاظمي تولى رئاسة الحكومة بتوافق أميركي – إيراني، بعدما تفتقُم الفراغ، وسوء الإدارة العامة في العراق. لكن دياب ليس في وضع أقل ايجابية، بدليل ان من أتى به طرف واحد بعينه، ليس سوى جار العراق المذكور فوق، ممثلا بمرشد محلي، امتهن الاطلالة على الناس اسبوعيا، تقريبا، ليوجههم في حياتهم العامة والشخصية، وليؤكد ان حكومة الدكتور حسان هي حكومته، ولا بديل لها. واذا كان الفساد إلتهم العراق، مثل لبنان، وقبله، وازدرده، حتى، فإن الكاظمي تصدى للمسؤولية التي أوكلت له، ومن أساسي هو سد باب التهريب بكل أشكاله، مالا ومنتجات، كخطوة أولى لوقف افقار العراق.
قد يكون توازن الخصمين الإيراني والأميركي سمح لرئيس وزراء العراق بالمبادرة، اضافة الى استفحال الأزمة الاجتماعية – الاقتصادية، وربما الغليان الشعبي هو ما منحه قوة المبادرة، لكن ذلك لا ينقص نظيره اللبناني. ما ينقص هو الحس الوطني لدى من يهيمن على الحكومة والسلطة والحياة العامة، برضى شريكه (التيار العوني)، أو رغما عنه وبصمته. فلم يبق حي يكذب هيمنة الجوع على البلاد، أو انكار تهريب الدولار والمشتقات النفطية والمواد الغذائية الى سوريا، فيما لا تكذب عين ما يجري على المعابر الحدودية مع سوريا شرقا وشمالا. فيشبع أهل النظام في سوريا، ويجوع اللبنانيون، وكلما ارتفع صوت ضد المعابر المشؤومة، جاء الرد من الضاحية، انها لن تسمح بمس المعابر لأنها تحمي المقاومة.
السؤال الى الضاحية: من يحمي اللبنانيين من نظام الاوعية المستطرقة الذي يتم بمال اللبنانيين على دمشق، ويأتي الى بيروت بمنتجات ايرانية لم تمتدح يوما لجودتها.
الصورة أوضح من ان تُرى: مصير لبنان، وجوعه اليومي واندثار نمط حياته، مرهونة، جميعا بصراع ايران مع المجتمع الدولي، وبرغم أنوف اللبنانيين، الذين يرفضون ولاية الفقيه، من موقع مدني أو ديني، ويكادون ان يطلبوا فحص نسبة الوطنية في دم من يقدم مصلحة ايران على مصالح لبنان.
يقول وزير المال غازي وزني في تصريح صحافي قبل مدة "أن ارتفاع اسعار الدولار لا يمكن شرحه لا اقتصاديا ولا ماليا ولا نقديا". فهل يمكن شرحه أمنيا، وسياسيا، بتلاعب بالسوق ينطلق الى ما وراء الحدود من طريق المطار القديمة، وحاملي شنط الصرافة، المحميين بميليشيا السيارات المعتمة، وصولا الى كل أشكال توفير العملة الصعبة والدعم، بأي شكل؟ الى أبعد من لبنان، والحجة؟ المقاومة وحماية المقاومة، اندحر الاحتلال، وبقي سلاحها للداخل، ودفع تفاهم نيسان واستمرت عنوانا. واوقفت حرب تموز بهدنة فوق هدنة 1948 المستمرة، وظل اللبنانيون خانعين لعنوان حفظ المقاومة. 14 سنة من مقاومة لا تقاوم في لبنان، بل تعتدي على السوريين والعراقيين واليمنيين في بلادهم، وتمد يدها الى حيث يطلب منها ان تتورط، فتحمل للبنان ما لم يكن يوما من صورته ودوره: عدوان قائم بذاته، وبندقية للقتل المجاني.
برغم ذلك، يريد صضاحب الخطب ان يقنعنا بتقدم لبنانيته على ايرانيته، بينما يفرض على الاتين الى لبنان ان يغسلوا عيونهم بصور سليماني وصحبه من باب المطار الى أبواب بيوتهم. وفيما يريدنا ان نتجه الى الشرق، يأتي الينا بهذا الشرق، بأسوأ ما فيه: استعداء العالم.
النهار – راشد فايد
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.