20 تموز 2020 | 11:19

أخبار لبنان

شيا: العلاقة متينة بين لبنان والولايات المتحدة.. والمساعدة مشروطة بالإصلاحات

شيا: العلاقة متينة بين لبنان والولايات المتحدة.. والمساعدة مشروطة بالإصلاحات

اشارت السفيرة الاميركية دوروثي شيا الى "العلاقة متينة بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية، معتبرةً "ان المشتركات بين البلدين والشعبين هي الأساس وتستحق الاحتفال بها"، وقالت "يحاول الشعبان اللبناني والاميركي العودة الى ما كانت العلاقة عليه في ثمانينيات القرن الفائت، حيث لدينا الكثير من الأسس التي يمكن البناء عليها، وإحدى أولويات ولايتي تكمن في إعادة بناء هذه الأسس وتصويبها نحو المستقبل".

وفي تصريح لموقع "مصدر دبلوماسي"، لفتت الى "ان لبنان يمرّ بأوقات عصيبة حاليا، والولايات المتحدة الأميركية مدركة لذلك، لذا احاول مع فريق العمل في السفارة ومع اللبنانيين العاملين هنا ضخّ المساعدات التي يحتاج اليها لبنان بشكل كبير، خصوصا في ما يتعلق بوباء كورونا، لكن ايضا في ظل الحاجة لكي تتوجه الحكومة لتبني اصلاحات ضرورية كانت تعهدت بأن تأخذها على عاتقها. إن الولايات المتحدة الأميركية مع بلدان ثانية من المجتمع الدولي ستكون هنا من أجل مدّ يد المساعدة".

واضافت "مرّ هذا البلد بوقت فيه الكثير من التحدي، وواجهت الاغلاق بعد وصولي بوقت قصير بسبب وباء كورونا، وبالتالي لم تكن طريقة ميمونة للدخول الى بلد للمرة الاولى كسفيرة. لحسن الحظ لدي فريق رائع في السفارة وشبكة من الناس الذين يدعموننا، وايضا وزارة الخارجية في واشنطن كذلك البيت الابيض ووكالات اخرى. هذا الامر ساعدني بشكل كبير، وكان علينا الابحار وسط التحديات القائمة هنا، وكان عليّ مواجهة بعض سوء الفهم حول ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية وما امثله، وهذا لم يكن أمراً مسلّياً دوما، لكن بما أن لدي ارادة التزام متينة جداً فأنا في نهاية المطاف مسرورة بوجودي هنا. أريد الاسهام في الحلول المطلوبة وسط مرور هذا البلد بظروف صعبة، وبالتالي على العديد منا ان ينخرطوا في الاسهام في جمع القطع المفككة ومساعدة هذا البلد على العودة الى الطريق الصحيح. لا جدال بأن هذا هو عمل الشعب اللبناني والقادة المنتخبين، لكن بوضعي كممثلة لرئيس الولايات المتحدة الأميركية وللشعب الأميركي فإنه سيعتبر شرف كبير إذا استطعت ان العب دوراً في هذا المضمار".

ورداً على سؤال، قالت شيا "توجد حالات تمت فيها اساءة فهمي على الصعيد الشخصي من قبل البعض، وكان احيانا سوء فهم لسياسة الولايات المتحدة الاميركية، كانت هنالك تفسيرات غير دقيقة ومضللة سواء بالنسبة الي او للسياسات التي امثلها، وبالتالي حاولت تصحيح ذلك، وكما يعلم الجميع فإن الولايات المتحدة الأميركية شريك للشعب اللبناني ونحن لا نقوم بحرمان الشعب اللبناني لا من الدولارات ولا من المساعدات، ونحن لا نحاصر لبنان، كما سبق وقلت نحن نريد ان نكون جزءاً من الحل، ونحن نقوم بتشجيع الحكومة للقيام بالإصلاحات الضرورية، واحيانا يقع هذا الامر بطريقة سلبية وهذا مؤسف، وكما سبق وقلت في شكل علني أن هذا الأمر يتحول الى الهاء. لا اريد العودة الى هذه القصة، بل اريد التركيز على ما بوسعنا فعله لمساعدة لبنان".

واوضحت "ان لبنان معروف جدا بإعلامه الحيوي، ونحن نشجّع هذا الالتزام وهو في صلب دستوركم. هذا أمر تتمسك به الولايات المتحدة الاميركية وشعبها بشكل عميق، لكن وقع أخيراً بعض القلق في بعض الاحيان بما يتعلق بما حدث معي شخصيا منذ بضعة اسابيع، حيث حصلت محاولة للحد من حرية الاعلام، وانا تحدثت بصوت عال ضد هذا الامر، ولم اكن الصوت الوحيد بل أعتقد أنه كان يوجد كورس رنّان لأشخاص ألحوا على أن يكون لديهم اعلام حر وهذا في صلب الديموقراطية".

وتابعت "يتعرّض الاعلام الحر احيانا لبعض الانزلاق وهذا لا ينحصر بلبنان فحسب، فقد قرأت مقالات عدة تتعلق بي أنا شخصيا او باجتماعات عقدتها وهي كانت شبيهة بما يمكن تسميته الاختراعات، وبما أنني ملتزمة بعمق بحرية الاعلام فأنا أشجع الصحافيين لأن يكونوا مسؤولين وأن يتمسكوا بالممارسات المهنية الفضلى في صناعتهم. وبالنسبة الينا كمستهلكين للاخبار، علينا أن نستخدم دوما حسّ النقد لدينا، لدى كل منا دور يلعبه في ما يخص حرية الاعلام".

ورداً على سؤال، اشارت شيا الى "انه توجد 300 شركة أميركية ممثلة في لبنان، وهذا يُشكّل اساسا جيداً، وما يمثلهم غرفة التجارة الاميركية في لبنان، وبدأت العمل مع هذه المنظمة، وبالتالي نحن نود رؤية روابط تجارية واستثمارية بين بلدينا، وحين اتحدث عن بناء الجسور، فإن الاعمال هي إحدى الطرق المفتاحية من اجل بناء الروابط، وهي يمكن ان تكون على قاعدة الربح المشترك، وهذا ما يجب أن يكون. بالنسبة الى امكانية اجتذاب المزيد من الاعمال، اعتقد بأن هذه الشركات تتفرج جانبا بسبب مرور الاقتصاد بوضع صعب في لبنان، وبالتالي أعتقد أن الكثير من رجال الاعمال الاميركيين يراقبون وينتظرون رؤية الى اي مدى ترغب الحكومة بالذهاب قدما واتمام هذه الاصلاحات التي سبق وتحدثنا عنها. إن هذه الاصلاحات ستكون حاسمة من اجل خلق مناخ للاعمال يمكن أن يجتذب الشركات".

الى ذلك، شددت سفيرة الولايات المتحدة على "ان المجتمع الدولي برمته وليس الولايات المتحدة فحسب متفق بشكل وثيق على افكار منها ضرورة الاصلاح الجذري مثلا في قطاع الكهرباء، وهنالك اصلاحات ضرورية في الجمارك، هنالك تخسر الحكومة مليارات الدولارات من العائدات على مدى اعوام، وهنالك اصلاحات تتعلق بمجال الاتصالات والقطاع المصرفي، هنالك قطاعات مختلفة لديها مشاكل منها الفساد او سوء الادارة. ان الوصفة الافضل لاجتذاب شركات الاعمال هي الشفافية. في كل عام يعدّ البنك الدولي دراسة حول كيفية القيام بالأعمال بطريقة سهلة وهو يصنّف الدول بحسب قدرتها على العمل ببيئة اعمال سهلة، وهذا يقدم خارطة طريق ممتازة للسلطات في لبنان، إذا اردتم اجتذاب الاعمال اتبعوا هذه التوجيهات واخلقوا البيئة المناسبة حيث لا يمكن القلق من الفساد وحيث ستكون للشركات ثقة بأنها قادرة على العمل بشكل سهل. حين تتم هذه الاصلاحات، سيكون عملي حينها أسهل من اجل اجتذاب هذه الاعمال، وأنا أتوق للقيام بذلك".

ولفتت الى "ان الجيش اللبناني هو دعامة أساسية حين أنظر كم استثمرت الولايات المتحدة الاميركية في لبنان على مدى عقود، لقد وفّرنا منذ العام 2005 ما يزيد عن ملياري دولار للجيش اللبناني ولقوى الأمن الداخلي، بالاضافة الى عناصر امنية اخرى تعمل تحت ادارة وزارة الداخلية. هذا استثمار هائل ونحن نعتزّ به، نحن نعتبر هؤلاء شركاء اقوياء جدا لأنهم يركزون على حماية أمن لبنان واستقراره وسيادته، وهذا أمر مهم جدا للبنان نظرا الى حراجته، وخصوصا في الوقت الراهن حيث يمر البلد في اوقات مضطربة."

وقالت "نحن نتوقع بأن يستمر هذا الدعم وكانت لدينا زيارة مهمة الاسبوع الماضي لقائد القيادة المركزية الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي، وهل من طريقة أفضل لإبراز التزامنا بأن نستقبل هذا القائد في قيادة الجيش الذي يغطي هذا الجزء من العالم وهو عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في بلدكم، وتحدث في مواضيع تشكل هما مشتركا بين البلدين، وتطرق تحديداً الى كيفية رفع الدعم للجيش اللبناني الى المستوى الاعلى".

واشارت الى "ان قوات “اليونيفيل” تُنفّذ مهمة حرجة، وهي تقوم بذلك منذ عقود، لكنها تحتاج الى تعاون مع الجيش اللبناني، لكن للجيش موارد محدودة مقارنة بمهامه الكبيرة والواسعة. لكن، توجد مسألة تتعلق بالإرادة السياسية، لأن لـ”اليونيفيل” تفويض محدد بشكل واضح في قرار مجلس الامن الدولي، وبالتالي فإن تقييمنا في الولايات المتحدة الأميركية بأنهم لم يقوموا بإنجاز هذا التفويض بأكمله. وبالتالي هذا موضوع نحتاج الى معالجته، وإن الجيش اللبناني هو جزء من ذلك، لكن الأهم من ذلك يتعلق بالإرادة السياسية من قبل الحكومة".

ورداً على سؤال عن ان التجديد لقوات “اليونيفيل” في آب المقبل، وما اذا كانت واشنطن ستعالج ذلك في هذا التجديد بالذات أم بعده، اجابت "أعتقد بأن الأمر ستتم معالجته بين اليوم والفترة الفاصلة لتجديد التفويض".

ولفتت شيا الى "ان مؤية لبنان ذكرى مهمة، وهذا مؤشر واضح الى أي مدى وصل لبنان في اعوامه المئة الاخيرة، لقد مرّت على البلد أوقات صعبة في الماضي، وهو يمرّ اليوم بفترة عصيبة، لكن في كل هذا المشهد أظهر الشعب اللبناني صموداً خارقا، وأنا أتطلع للاحتفال مع الشعب اللبناني بهذه المئوية المهمة، وأتمنى ان تسمح الظروف لنوع من التجمعات لأننا لا نزال اليوم نحترم التبعاد الاجتماعي، ولست متأكدة ما سيكون متاحا لنا، لكن من المهم القيام بشيء يشير الى هذا الحدث المهم في تاريخ البلد".

واكدت "ان لبنان بلد موحّد ويمثل هذا التنوع الموجود، والشعب هنا –لست أدري إن كنتم تقدّرون ذلك كما نفعل نحن من الخارج- نحن نعتبركم نموذج تعايش في العالم، توجد هنا العديد من الخلفيات الدينية والمذهبية وهي تعيش سويا ونأمل أن تزدهر في بلد واحد، ونحن نجهد لدعم هذا النموذج".

وعن وباء كورونا، قالت السفيرة الاميركية "قد سبّب هذا الوباء العديد من التحديات ليس للبنان فحسب بل للمنطقة برمتها وللعالم ولبلدي بالذات، وهو يعاني فعليا الآن. لكن في خلال الاشهر الاخيرة، تمكنت سفارة الولايات المتحدة الاميركية من ان تستقدم من واشنطن 28،3 مليون دولار كأموال جديدة، من أجل القيام بالمواجهة الفعالة لوباء كوفيد-19 والاحتياجات التي يفرضها. نحن نعتز بقدرتنا على القيام بذلك، لكن الواقع بأن هذه المساعدة كانت قابلة للاستيعاب وللاستخدام بشكل فعّال عبر قوة المستجيبين باكرا في الايام الاولى للازمة، لأنه لدينا أسس للدعم وهي تعمل هنا منذ عقود، وحين اتحدث عنها اتحدث عن 4.9 مليار دولار من المساعدات في العقدين الماضيين. و187 مليون دولار اضافية هي لقطاع المساعدات، إن الكثير هذه المساعدات ذهبت للجيش اللبناني، وهؤلاء استفادوا منها على الجبهات الامامية في الايام الاولى للوباء. وبالتالي إن المساعدات التي وفرناها تاريخيا هي فعلا تكافلية ونحن تمكنا من ايصالها على قاعدة سريعة وطارئة. قمنا ايضا بالمساعدة عبر برامج الوكالة الاميركية للتنمية الدولية، لجعلهم اكثر استجابة للاحتياجات الموجودة على الارض وفي الوقت المطلوب، وبالتالي كنا نساعد الشركات لتبقى عائمة وذات اكتفاء ذاتي، بطريقة أخرى كانت ستصل الى الافلاس. لقد وفّرنا تمويلا لتنظيم تدريبات ليتمكن الناس من تمكين اعمالهم الصغيرة لكي يتمكنوا من الاستجابة لاحتياجات تتعلق مثلا بالعناية الصحية المنزلية، ووفرنا أموالا ايضا لمستشفى الجامعة الاميركية ولمستشفى الجامعة اللبنانية الاميركية من أجل مساعدتهما على التموضع بأفضل طريقة للاستجابة لهذا الوباء. لم تقتصر المساعدة على هذين المستشفيين بل تم توزيع مساعدات عبر برامج بقيمة 2،5 مليون دولار اخذتها على عاتقها مستشفى الجامعة الاميركية، كذلك تمت مساعدة 10 مستشفيات اخرى في انحاء البلد في الشمال والبقاع ليكونوا أكثر استعداد للاستجابة لهذا الوباء. وبالتالي إن ذلك كلّه كما آمل، يجب فهمه بأنه اظهار لمدى صدق التزامنا مع الشعب اللبناني وخصوصا في أوقات الحاجة هذه".

مصدر دبلوماسي

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

20 تموز 2020 11:19