تترقّب الأنظار تاريخ انعقاد المؤتمر العام لتيار "المستقبل" في 25 تموز الجاري، لما سيحمله من جديد على الصّعد التنظيميّة والسياسية. سيشهد يوم السبت المقبل تغييرات يخرج بعدها "المستقبل" بحلّة يراد منها أن تكون مُتجدّدة وتغييرية وتشمل الهيكلية التنظيمية الكاملة؛ إذ سيُقدَّم "التيار الأزرق" في قالب تنظيمي وسياسي جديديْن ومختلفيْن عن المرحلة السابقة من خلال انتخاب رئيس للتيار وتعيين المجلس المركزيّ المشترك الذي سيجتمع وينتخب أمين سرّ هيئة الإشراف والرقابة. وسيُعلن عن المجلس الرئاسيّ في الجلسة الختامية، والذي سيضمّ إلى جانب الرئيس سعد الحريري، كلّاً من رئيسة كتلة "المستقبل" النائبة بهية الحريري ونواب الرئيس (سيراوح عددهم بين 2 و6، على ألا يتعدّى عددهم 6 نواب للرئيس)، من بينهم نائب رئيس للشؤون التنظيمية ونائب رئيس للشؤون السياسية.
وتفيد المعطيات التنظيمية التي استقتها "النهار" بأن مركز نائب الرئيس للشؤون التنظيمية يشبه موقع الأمين العام لتيار "المستقبل" في النظام الحالي والذي سيرأس المكتب التنفيذي (سيسمى المجلس التنفيذي) ويتابع عمل المنسقيات والقطاعات. ويتشكّل المجلس الرئاسي أيضاً من أعضاء يتولّون مهام تنفيذية تشمل حقول الإعلام والعلاقات الخارجية والانتخابات والعلاقات العامة والشؤون الاقتصادية والاجتماعية والاغتراب والأبحاث والدراسات والشؤون المالية والإدارية. وتشمل المتغيرات بروز وجوه جديدة، مع الأخذ في الاعتبار أن المبتغى الذي يسعى "المستقبل" إلى تحقيقه هو ترشيق الهيكلية القيادية ضمن المجلس الرئاسيّ، بالاضافة إلى المجلس المركزي المشترك الذي سيضم ما يقارب 200 شخصية مؤلفة من قيادات "مستقبلية" حالية وسابقة ونواب ووزراء حاليين وسابقين (المجلس المركزي هو أشبه ببرلمان أو مجلس لتيار المستقبل يتناول الشؤون السياسية؛ يرأسه رئيس التيار ويتشكّل أعضاؤه من الأعضاء السابقين في الهيئات القيادية ويجتمع كلّ أريعة أشهر برئاسة الرئيس الحريري لمناقشة المستجدات السياسية وأداء تيار المستقبل الداخلي).
وبذلك يتحوّل النظام في تيار "المستقبل" إلى رئاسي مع إلغاء الأمانة العامة والمكتب السياسي وجمع المهام وتوسيع صلاحيات الرئيس ضمن المجلس الرئاسي. وتشرح أوساط مواكبة عن كثب للورشة "المستقبلية" الأسباب التي ساهمت في الاحتكام إلى هذه الخطوات التنظيمية، في قولها لـ"النهار" إن "المستقبل قام بنقلة في آليات عمل التيار بإشراك المرأة والشباب في الهيئات. وأجرينا تجربة فيما تبين في السنوات الأربع الماضية، أنه بقي هناك ثغرات وبعض الازدواجية في المواقع في قلب منظومة التيار الأزرق التي أثّرت بشكل خاص في الانتخابات النيابية الأخيرة. حصل ذلك ضمن مراجعة شاملة بدأت بعد الاستحقاق الانتخابي الذي كان محطّة لوضع اليد على هذه الثغرات بالمباشر. وقد أوصلت هذه الورشة إلى تقديم التيار بقالب جديد يضبط الازدواجية الموجودة في عدد من المواقع الداخلية ويجعل هناك مركزية قرارٍ بيد الرئيس والمجلس الرئاسي ويضع حدّاً للأجنحة التي شكلت في المراحل الماضية عبر شخصيات معيّنة منها خرجت من التيار، بعدما كانت تبني عدّتها الخاصة"، مشيرةً إلى أن "الترشيق في هيكلية التيار التنظيمية والمواقع ينعكس على كيفية اتخاذ المواقف السياسية، لكن ذلك سيترافق مع آليات عمل جديدة على كلّ المستويات في الشقّ السياسي والاعلامي والخدماتي والتواصل مع الناس. وقد بدأت ملامح هذه الدينامية تظهر مباشرة مع الرئيس الحريري بعد استقالته من رئاسة الحكومة وخروجه من التسوية، من خلال اللقاءات التي يعقدها في بيت الوسط وتحصل في غالبيتها بعيداً من الإعلام؛ اذ تحوّل بيت الوسط في الأشهر الأخيرة الى خليّة نحل أبوابها مفتوحة لاستقبال الناس والعمل على إعادة وصل ما انقطع مع جمهور المستقبل وناسه إن بفعل التسوية أو بفعل ثغرات الهيكلية التنظيمية في المرحلة الماضية".
بحسب المعلومات، فإن كلمة الحريري في المؤتمر العام ستحمل أبعاداً مهمّة، وستأتي في سياق المواقف العالية السقف التي يعبّر عنها في المرحلة الراهنة. وسيتناول الحريري مواقف تتضمّن التأكيد على هوية لبنان العربية والدعم الكامل لمبدأ الحياد الذي أطلقه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. وستسلّط كلمة الحريري الضوء على المخاطر المحدقة بالبلاد، بما في ذلك المحاولات الهادفة لتغيير وجه لبنان ونظامه الاقتصادي. وسيتطرق الى الشقّ الداخلي المتعلق بتيار "المستقبل". وبذلك، ستكون كلمة الحريري المرتقبة بمثابة خريطة طريق سياسية وتنظيمية للمرحلة المقبلة. ويعوّل المواكبون على هذه المحطة التي تندرج في سياق التصالح مع الذات ومع الجمهور، في وقت يعمل فيه الحريري على إعادة وصل ما انقطع مع جميع الذين كان لديهم ملاحظات على التسوية الرئاسية، ويتحول فيه اجتماع كتلة "المستقبل" الى موسّع يشمل حضور النواب والوزراء الحاليين والسابقين.
إلى ذلك، بات من المعلوم تعيين الوزير السابق أحمد فتفت رئيساً لهيئة الاشراف التي ستدير المؤتمر وتشكّل اللجان التي ستتولى تنظيمه. أمّا برنامج المؤتمر فسيكون توالياً وفق الآتي:
- جلسة علنية تقدَّم فيها هيئة الإشراف على المؤتمر ومن ثم كلمة الرئيس الحريري (تنقل مباشرة عبر وسائل الاعلام).
- الدخول في جلسات المؤتمر المغلقة.
- جلسة نقاش سياسي واقتصادي واجتماعي لإقرار الورقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحاكي التطورات والمتغيرات الحاصلة في البلاد، سيما بعد انتفاضة 17 تشرين والضائقة المعيشية التي يعيشها المواطن، إضافةً الى التأكيد على الثوابت السياسية والموقف من كلّ التطورات المطروحة على الساحة.
- جلسة تنظيمية لإقرار النظام الداخلي الجديد وبعد التصويت على النظام الداخلي وإقراره، تعقد جلسة انتخاب رئيس التيار.
- إعلان تشكيل المجلس المركزي المشترك الذي يجتمع في قاعة موازية لقاعة المؤتمر وينتخب أمين سرّ هيئة الإشراف والرقابة.
- يعلن في الجلسة الانتخابية عن تشكيل مجلس الرئاسة.
يُذكر أن المؤتمر العام يعتبر السلطة الأعلى في تيار"المستقبل" ويعقد كلّ أربع سنوات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.