بعد تجاذبات سياسية وتنافس بين الأحزاب لنيل مقعد في حكومة رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي، حظي الأخير، الأربعاء، بثقة النواب من خلال حكومة تضم قضاة وأكاديميين وموظفين بعيدين عن الأحزاب، لتصبح الآن بمواجهة التحدي الأكبر المتمثل في مشكلات متفاقمة تتغلغل في البلد، من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ومنح النواب التونسيون، فجر الأربعاء، الثقة لـحكومة التكنوقراط برئاسة هشام المشيشي، في خطوة جنبت البلاد خيار حل مجلس النواب والذهاب لانتخابات تشريعية مبكرة.
ونالت الحكومة التي شكلها وزير الداخلية السابق، المكونة من 25 وزيرا و3 كتّاب دولة، ومن بينهم 8 نساء، غالبيتهم غير معروفين من الرأي العام، ثقة 134 نائبا من أصل 217، لتصبح بذلك ثاني حكومة تحصل على ثقة مجلس النواب في غضون 6 أشهر.
وتعد حكومة المشيشي، الثالثة التي تشهدها تونس منذ أكتوبر الماضي، والتاسعة منذ الاحتجاجات التي أسقطت نظام زين الدين بن علي عام 2011.
ومع حل أزمة الحكومة في تونس، يبدأ تأثير "الدومينو"، لتتوالى الأزمات واحدة تلو الأخرى أمام حكومة المشيشي، التي ينتظر التونسيون حلها في أسرع وقت ممكن، نظرا لتأثيرها المباشر على حياتهم اليومية، ودفعها بمعدلات الهجرة إلى أوروبا للارتفاع، بالتزامن مع تفاقم جائحة فيروس كورونا المستجد.
ولعل أبرز تلك الملفات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، والتي أثرت على الاستثمارات الأجنبية، وضغطت على المواطن البسيط.
ويحمل هذا الملف أهمية خاصة لدى المشيشي، الذي قال أمام النواب الثلاثاء إن الحكومة يمكنها "التقدم في (معالجة) المشاكل الاقتصادية، عندما لا تكون عالقة في أي تجاذب سياسي"، في إشارة إلى قيامه بتشكيل حكومة بعيدة عن تجاذبات الأحزاب السياسية.
وأبدى خلال الجلسة منح الثقة، مخاوفه على "مستقبل البلاد" بسبب ارتفاع الدين العام والبطالة، معتبرا أن "الأزمة الاقتصادية تزداد حدة في تونس".
وقال رئيس الحكومة: "الدين العام للدولة يتفاقم وحجم الاقتراض يتزايد"، مضيفا: "الشعب التونسي يطالب بالحد الأدنى من العيش الكريم بعد 10 سنوات من ثورته".
وفي هذا المجال، قدم المشيشي خطة إصلاح تهدف لدعم المالية العامة، ومحاربة التهرب الضريبي، والاستثمار في المناطق الفقيرة.
وأوضح أن برنامج حكومته المقترحة سيؤكد على ترشيد نفقات الدولة، مضيفا: "نسعى لاستعادة الثقة في الاستثمار في تونس".
أزمة أخرى ترتبط ارتباطا وثيقا بتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلد، هي ارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية في أوروبا، التي يذهب ضحيتها الكثير من الشباب غرقا على متن "قوارب الموت" غير الآمنة التي يلجأ إليها المهربون، بالإضافة إلى انضمام بعضهم إلى جماعات متطرفة.
وقال رئيس الحكومة التونسية: "حلم تونس الجديدة التي تضمن الحرية والكرامة والإنصاف تحول إلى خيبة أمل وخداع ويأس، مما دفع بعض التونسيين إلى ركوب قوارب الموت. أساسيات الحياة الكريمة، مثل الطرق، ومياه الشرب، والمعلم والطبيب ليست مضمونة الآن".
ومما يزيد الطين بلة، أن فيروس كورونا جاء في وقت تعاني فيه البلاد أصلا، ليضعف الاقتصاد التونسي أكثر فأكثر، مما أضر بقطاع السياحة الحيوي في البلاد من بين قطاعات أخرى.
من جانبه، أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد، حرصه على "تحقيق الاستقرار السياسي الضروري للنهوض بالبلاد والتسريع في مواجهة الاستحقاقات المقبلة لتحقيق آمال الشعب التونسي التي طال انتظارها".
كما شدد على أهمية "تضافر جهود مختلف القوى السياسية والوطنية ووجوب أن تتحمل كل الأطراف مسؤولياتها في هذا الظرف الدقيق من أجل تحقيق هذا الاستقرار".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.