14 أيلول 2020 | 07:52

أخبار لبنان

باسيل "نفض يده" من الثنائي الشيعي.. وشروط اللعبة تغيّرت!‏

كتبت صحيفة "نداء الوطن" تقول: بمعزل عن "استمهال" رئيس الجمهورية من عدمه، ما كُتب ‏قد كُتب، ومراسيم التأليف صدرت في قصر الإليزيه وأصبحت مصادقة قصر بعبدا عليها ‏‏"تحصيل حاصل"، لتتنقل الأضواء تالياً إلى جلسة الثقة النيابية وما ستشهده من "دراما ميثاقية" ‏بسيناريو وحوار مضبوط تحت سقف ما رسمه المُخرج الفرنسي لمشهدية الخاتمة الحكومية. ‏فعلها إيمانويل ماكرون وفرض على الجميع ولادة تشكيلته لحكومة "المهمة" الاختصاصية ‏برئاسة مصطفى أديب، ضمن حدود المهلة التي وضعها أمام الأفرقاء الرئاسيين والسياسيين، ‏غير أنّ الحدث الجلل لم يقتصر على فعل الولادة بحد ذاته إنما انسحب في دلالاته وأبعاده ليشكل ‏منعطفاً مفصلياً في المشهد السياسي اللبناني بشكل أحدث تغييراً جوهرياً في "شروط اللعبة" تحت ‏وطأة الضغط الدولي المهول الذي مورس على جبابرة النظام اللبناني فجعلهم بين ليلة وضحاها ‏يؤثرون دفن الرؤوس الحامية في الرمال الفرنسية خشية أن تستأصلها مقصلة العقوبات... أما ‏بعد مرور العاصفة "فلكل حادث حديث‎"!‎

إذاً، قضي الأمر وسيسلّم الرئيس المكلف اليوم الرئيس ميشال عون تشكيلة اختصاصية مصغرة ‏تمكّن من خلالها "ضرب سرب عصافير بحجر تأليف واحد"، وفق تعبير مصادر مواكبة لـ"نداء ‏الوطن"، مشيرةً إلى أنّ "هذه التشكيلة أعادت من جهة الحياة إلى اتفاق الطائف بوصفه نظاماً ‏دستورياً ناظماً لسير الاستحقاقات الدستورية في لبنان، ومن ناحية ثانية أطاحت بكل الأعراف ‏والبدع الخارجة عن منطوق الدستور في عملية تشكيل الحكومات في لبنان، حيث لا تأليف قبل ‏التكليف ولا ثلث معطل ولا حقيبة حكر على طائفة دون سواها"، ولفتت إلى أنّ "الكاسحة ‏الفرنسية التي واكبت خطوات أديب، استطاعت أن تفكك كل التعقيدات التي لطالما كانت تزنّر ‏الخاصرة الحكومية وتفخخ الدستور بألغام تستقوي تارةً بالسلاح وطوراً بالسطوة الحزبية ‏والطائفية‎".‎

وحتى ليل الأمس، كان الرئيس الفرنسي يواصل الضغط والدفع باتجاه ضمان "وفاء الساسة ‏اللبنانيين بوعودهم" ويطاردهم بسلسلة من الاتصالات والرسائل للتشديد على وجوب ولادة ‏حكومة أديب هذا الأسبوع، حسبما نقلت مصادر الإليزيه. وما مسارعة رئيس مجلس النواب نبيه ‏بري إلى تصويب بوصلة التسريبات الإعلامية التي واكبت مضمون محادثته الهاتفية مع ماكرون ‏ورأى فيها على ما يبدو ترجمة غير محمودة العواقب دولياً لحقيقة موقفه، سوى مؤشر إلى حجم ‏الضغوط الفرنسية التي جعلت رئيس المجلس يعلن "الفراق حبياً" مع التشكيلة الوزراية المرتقبة ‏وينفي وجود أي "مشكلة مع الفرنسيين" مقابل إبدائه استعداد الثنائي الشيعي "للتعاون إلى أقصى ‏الحدود في كل ما يلزم لاستقرار لبنان وماليته وإنقاذ اقتصاده‎".‎

في هذا الإطار، كشفت مصادر ديبلوماسية متابعة للملف اللبناني أنّ "كل ما حصل يوم الأحد من ‏أحداث وأحاديث ومؤتمرات صحافية وبيانات ومواقف إنما هو ضمن المرسوم وتحت سقف ‏المقبول دولياً، فالمبادرة الفرنسية لم تلغ حق القيادات اللبنانية في التعبير عن موقفها ورفع سقف ‏التحدي، لكن يبقى المهم في نهاية المطاف أنّ الضغوط الخارجية أتت ثمارها وستنتج ولادة ‏حكومة مصغرة مستقلة من الاختصاصيين وهذا هو بحد ذاته جوهر مبادرة الرئيس ماكرون في ‏سبيل استنهاض لبنان"، مؤكدةً أنّ "وهج العقوبات ساهم بشكل فاعل في دفع الجميع إلى السير ‏بالخطة المرسومة والمنسقة بشكل تام بين الفرنسيين والأميركيين"‏‎.‎

أما في ما خصّ مسألة المداورة في الحقائب، فرجحت أوساط متابعة لـ"نداء الوطن" أن تشمل ‏مختلف الوزارات السيادية، بحيث يتولى على سبيل المعطيات الأولية، شخصية سنية حقيبة ‏المالية، وأخرى شيعية الداخلية، ومارونية الدفاع، وروم أرثوذكس الخارجية، غير أنها أكدت في ‏الوقت عينه أنّ "الإشكالية التي حصلت حول وزارة المالية لم تكن إشكالية شيعية بحتة بمعنى أنّ ‏الرئيس المكلف لم يهدف إلى إقصاء الشيعة عن هذه الحقيبة، إنما المسألة كانت متصلة بمبدأ ‏رفض فرض أي احتكار طائفي لأي من الحقائب الوزارية"، كاشفةً أنّ "الترشيحات التي برزت ‏خلال الساعات الأخيرة للشخصيات الشيعية التي ستتولى حقيبة الداخلية تراوحت بين تسمية ‏ضابط متقاعد من آل شحيتلي غير منتم وغير مستفز للثنائي الشيعي، وبين ذهاب البعض إلى ‏الحديث عن إمكانية ترشيح اللواء عباس ابراهيم لتولي وزارة الداخلية‎".‎

وتوازياً، استرعى الانتباه أمس تشكّل جبهة مسيحية رعوية وسياسية رافضة لتكريس "التوقيع ‏الشيعي الثالث" في وزارة المالية باعتباره يشكل مدخلاً لتطبيق "المثالثة" في نظام الحكم اللبناني، ‏وهذا ما أكد عليه صراحة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس خلال قداس ‏إحياء ذكرى أربعين ضحايا إنفجار مرفأ بيروت، مشدداً على أنه "لا يمكن القبول بحكومة يكون ‏فيها استملاك لحقائب وزارية لأي طرف أو طائفة باسم الميثاقية" التي تؤمنها المناصفة لا ‏المثالثة‎.‎

وإذا كانت مروحة المواقف السياسية في أغلبها على المستوى المسيحي تعلن رفضها الصريح ‏لفرض أي "مثالثة مقنّعة" عبر الإصرار على التوقيع الشيعي في وزارة المالية، فإنّ دخول ‏‏"التيار الوطني الحر" بشخص رئيسه جبران باسيل على خط هذه الجبهة والانضمام إليها عكس ‏إجماعاً مسيحياً على التصدي لتطييف الحقائب الوزارية بخلاف منطوق الدستور، ولوحظ من هذا ‏المنطلق أنّ باسيل حرص خلال إطلالته المتلفزة أمس على التأكيد أمام الأميركيين خصوصاً ‏والمجتمع الدولي عموماً أنه "نفض يده" من محاذير الالتصاق بالثنائي الشيعي تحت وطأة ‏الهواجس المتصلة بحزم العقوبات الأميركية المقبلة، وفق ما رأت مصادر سياسية لـ"نداء ‏الوطن"، مؤكدةً أنّ جملة من العناوين التي طرحها رئيس "التيار الوطني الحر" في كلمته كرست ‏هذا الانطباع داخلياً وخارجياً، سواءً من خلال تطرقه إلى رفض "التوقيع الشيعي الثالث" ‏باعتباره يجسد المثالثة، أو عبر إشارته إلى كون مبادرة تياره التي قدمها إلى الرئيس الفرنسي ‏تشمل وضع الاستراتيجية الدفاعية وحياد لبنان على طاولة الحوار، وصولاً إلى ملامسته نقاطاً ‏حساسة بالنسبة للثنائي الشيعي من بينها مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية وحل "المشاكل ‏العالقة مع إسرائيل" ووضع الأمن والاستقرار على الجبهة الجنوبية بعهدة اليونيفل وتطبيقات ‏القرار 1701، وذلك بموازاة انتقاده الصريح لزيارة اسماعيل هنية وتصريحاته التي تنتقص من ‏سيادة لبنان، والتأكيد في ما يتصل بوجود "حزب الله" المسلح في سوريا على ضرورة عودة ‏الحزب إلى لبنان‎.‎

أمنياً، برز بُعيد منتصف الليلة الماضية استشهاد 3 عسكريين وإصابة عسكري آخر بجروح ‏خطرة أثناء مداهمة دورية من مخابرات الجيش منزل أحد الإرهابيين المطلوبين في جبل البداوي ‏في منطقة المنية، وذلك إثر تعرض عناصر الدورية إلى "إطلاق نار وتفجير رمانة يدوية" وفق ‏ما أعلنت قيادة الجيش، في حين أفادت المعلومات الأولية أنّ الإرهابيين الذين تجري مطاردتهم ‏هم على صلة بجريمة كفتون التي أودت بحياة 3 لبنانيين‎.‎


نداء الوطن

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

14 أيلول 2020 07:52