22 أيلول 2020 | 13:07

أخبار لبنان

لماذا الآن؟

لماذا الآن؟

قفا نحك ‏

‏ يوجب الواقع على اللبنانيين ان يشكروا الثنائي الشيعي مرتين: الاولى لعدم تكراره 7 أيار ردا ‏على "مماحكاتهم" في "حقه" في شيعية وزارة المال، والثانية لفضح زعمه "عشق" الدولة ‏المدنية، كقناع مناسب لاستهبال الشركاء في الوطن، وتمرير الهيمنة الايرانية باسم حقوق الشيعة.‏

‏ في الحالتين، يعيد هذا المستجد الى الذاكرة استثمار الحزب دحر الاحتلال سنة 2000، في ‏فاتورة داخلية، تأكدت بعد حرب "لوكنت أعلم" التي فاجأت نتائجها الأمين العام نفسه، وسمح له ‏تضخم الأنا المذهبية حينها بالإدعاء أن المقاومات في العالم تولت السلطات بعدما انتصرت ،وهو ‏أمر غير حقيقي بل كذب، اذ لا يبرر تحرير الجنوب (لا يزال الغموض يكتنف خفايا الانسحاب ‏الاسرائيلي) ارتهان البلاد لسلاح الثنائي، فقائد المقاومة الفرنسية في وجه الاحتلال النازي ‏الجنرال شارل ديغول رفض تولي السلطة عام 1946 ولم يترشح للرئاسة إلا بعد نحو 13 سنة، ‏ليس بوضع اليد، بل بإقتراع شعبي.‏

‏ شن الحزب، وحليفه، بعد تصالحهما حملة استلاب على الرأي العام. أقنعا جمهورهما بأن ‏الدولة لا تحميه، بل سلاحه ، وان "المقاومة" ليست حالة شعبية يستدعيها أي احتلال، بل هي ‏وظيفة قدسية لمجموعة معينة (الثنائي الشيعي وحده)، يمكنها استخدامها ستارا لاعتداءات 7 أيار ‏في بيروت والجبل، والاعتداءات الفردية والجماعية على السلم الأهلي، وفرض الثلث المعطل، ‏وإقفال مجلس النواب، واحتلال وسط بيروت، ومنع انتخاب رئيس للحمهورية والمطالبة بوزارة ‏المال. فالغاية تأبيد السلاح ودوره، حتى لو اعيدت مزارع شبعا وجوارها الى لبنان، ليتكرس ‏الحزب قوة مسلحة مستقلة عن الجيش اللبناني، الذي يصبح عندها واحدا من ثلاثة جيوش، منها ‏حرس مجلس النواب، المدجج بالسلاح.‏

اليوم صارت الحقيقة على المحك. لم يعد الثنائي يقبل بأن يكون صاحب القرار الأول بين ‏متوازين، كما حاول أن يفعل منذ تصالح فرعيه. فالمشروع الفارسي يريد تثبيت وضع اليد على ‏لبنان، ولو بهدف المساومة الإقليمية-الدولية، لاحقا، لذا لم يستند الثنائي إلى أصوات الحلفاء، بل ‏نقل إلى العلن ما كان موضع همس في سراديب الضاحية وأبعد منها، منذ سعى إلى "تعويد" ‏اللبنانيين على قضم سلطة الدولة.‏

لكن لماذا الآن؟ ببساطة لأن المبادرة الفرنسية تعيد للديموقراطية اللبنانية معناها ومبناها، وكل ما ‏هو من هذا الباب إنهاء للفوضى التي شجع عليها الثنائي واستغلها. ولأن استعادة الدولة ينهي ‏الدويلة المذهبية، لم يعد أمام الثنائي إلا الدفع في اتجاه المثالثة، بالتحايل، والتلويح بالقوة، مرة ‏بوضوح، ومرات بإيماءات وايحاءات، منسوبة إلى رئيس مجلس النواب نفسه، ومن مقره. كل ‏ذلك مؤداه تعليق لبنان على المشنقة انتظاراً للانتخابات الأميركية الرئاسية لتعرف طهران ‏مصيرها وتساوم عليه بـ"جثة لبنان". ‏

لكن المشهد ليس بهذا التبسيط. فالشركاء في ترسيم مستقبل المنطقة، الذي لم تعد تملكه، أكثر من ‏أن يعدوا، ويذكرون بما تلا سقوط السلطنة العثمانية، من تناتش الجغرافية، والتغيير الكامل ‏لخريطة المنطقة.‏


راشد فايد - النهار ‏


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

22 أيلول 2020 13:07