كتب جورج بكاسيني
مرة جديدة ، يبدي العلّامة الدكتور رضوان السيّد حرصاً ملحوظاً على أن يظهر نفسه بصورة المثقّف الانتهازي ، متخلّياً بملء إرادته عن أكاديميته وموضوعيته لصالح شعبوية هي من خصال من يشهر العداء لهم. لا يتردّد ، مثله مثل الشعبويين، في تزوير الحقائق وحرف الوقائع .. فقط من أجل نزوة في نفسه صارت معروفة للقاصي والداني.
بهذه الصورة ظهر مساء أمس على شاشة "الحدث"، مدجّجاً بسلسلة من الافتراءات والأضاليل التي استعان بها من كوكب آخر لإسقاطها على الرئيس سعد الحريري ومبادرته الأخيرة .
ما تفوّه به السيّد عن مبادرة الحريري لا يمتّ بأي صلة بهذه المبادرة لا نصّاً ولا روحاً . تحدث عن "مبادرة"أخرى لا أحد يعلم من أين أتى بها وألصقها برئيس "المستقبل"، كما لو أن لا همّ عنده سوى تركيب اتهامات للحريري لإثبات "صحة" تخيّلاته أو "تقاريره"المفبركة .
زعَم بداية أن الحريري "خالف" الدستور في مبادرته الأخيرة مع موافقته على تخصيص وزارة المال لطائفة معينة ، مع العلم أن ما ورد في المبادرة عاكس تماماً هذا الزعم ، مع تأكيدها على أن إسناد هذه الحقيبة لشخص "مستقل"من هذه الطائفة هو "لمرة واحدة".والمعلوم أن ما كان مطروحاً من جانب الثنائي الشيعي هو "تثبيت" هذه الحقيبة للطائفة الشيعية وتكريسها "ميثاقياً" مثلها مثل الرئاسات الثلاث( أي تعديل الدستور)، مع تسمية من يتولّى هذه الحقيبة من جانب الثنائي نفسه.
ادعى أيضاً أن الحريري وافق على أن يسمّي الثنائي كل الوزراء الشيعة(الثلاثة) في الحكومة العتيدة ، وهو عكس ما جاء في المبادرة تماماً،وقد شدّدت على أن الرئيس المكلّف هو من يختار اسم وزير المال وسائر الوزراء وليس أي جهة أخرى.
كما ذهبت مخيّلته بعيداً الى حدّ الزعم ، وأكثر من مرة، أن الحريري وافق على حصول الثنائي الشيعي على "الثلث المعطّل" في هذه الحكومة ، الأمر الذي لم يرِد في المبادرة لا من قريب ولا من بعيد.
ثلاثية أضاليل شهرها الدكتور رضوان في حوار واحد لم يدُم أكثر من سبعة دقائق ، كانت كافية لإثبات أن الرجل الذي بنى حملاته على الحريري على باطل لا يمكنه الاستمرار بها سوى بالاستعانة بالباطل نفسه.
والمثير للسخرية أكثر وأكثر استشهاد "الدكتور "بوقائع تاريخية "منذ العام ٢٠٠٥" ادّعى أن الحريري "تخلّى" عن الدستور خلالها ، مثل اتفاق الدوحة، متناسياً أنه كان واحداً من المشاركين في مؤتمر الدوحة نفسه ، ضمن فريق رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة ، وشريكاً في الصياغات والتوصيات التي صدرت عن المؤتمرين.
كما خلت مواقفه ، كما يشهد كثيرون أيضاً،من "البطولات "المستجدّة، عندما اعترض على قراري الحكومة ضد شبكة الاتصالات التابعة ل"حزب الله" العام ٢٠٠٨ ..و"غاب عن السمع" أثناء أحداث ٧ أيار نفسها.
أما معركة "فجر الجرود" العام ٢٠١٧،التي اتهم الحريري بموافقته على مشاركة الحزب فيها ، فغاية في تزوير الحقائق التي لم ينساها اللبنانيون ، وأولها أن الجيش اللبناني خاض وحده هذه المعركة تماماً كما حصل في معركة "نهر البارد"، وأن تهريب "حزب الله" فلول "داعش" جاء من جهة الحدود السورية بعد أن حرّر الجيش اللبناني الحدود اللبنانية من هؤلاء الإرهابيين .
بدلاً من أن يراعي شعور غالبية اللبنانيين الباحثين عن بصيص أمل للخروج من واقعهم المتردّي وغير المسبوق، وقف رضوان السيّد أمس ك"الغيار"(ذكر البوم) فوق الخراب يعاين الدمار والانهيار والضحايا ، مزهوّاً بأضاليله الشرّيرة كنزواته ، ومحاولاً كالكثير من أمثاله تبديد ما تبقى من أمل في "آخر فرصة" متاحة أمام اللبنانيين قبل البكاء وصريف الأسنان .
أما "سمّه" الشخصي الذي قذفه على سعد الحريري، والذي طال في طريقه "عيد الأضحى" ،فلا يستحقّ سوى الشفقة على رجل واكب إثنين من الكبار ، رفيق وسعد الحريري ، ثم قرّر أن ينضمّ الى حفنة من الصغار.
"مولانا"صفة أعطيت للدكتور رضوان وباتت من مخلّفات مرحلة أمضى فيها ربيع حضوره الفكري ،متنقّلاً بين قريطم وبيت الوسط.
قبل سنوات قليلة قرّر "مولانا" أن ينزع هذه الصفة عن نفسه ليتقمّص شخصية الحكواتي الذي يتنقل من شاشة الى أخرى ، ومن موقع الى آخر طالباً اللجوء السياسي والمالي لدى وزير سابق بعد أن توقفت الموارد الأخرى، متولّياً مهمة التشهير بالرئيس الحريري والانقلاب على سياسات ساهم في صناعتها.
رضوان السيّد "حِلّ" أنت عن سعد الحريري وعنّا جميعاًوليس العكس ،تكفينا المصائب التي حلّت بنا بسبب "حزب الله" وأمثالك معاً.
(٢)حبّذا لو تفشل مبادرة الحريري!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.