أمام مسلسل التخوين والاضاليل الذي يلاحق مبادرة الرئيس سعد االحريري منذ ولادتها، من جانب من يدّعون معارضة "حزب الله"، أمثال رضوان السيد ونظرائه في المواقع الالكترونية و"السوشيل ميديا" وبعض الدكاكين السياسية لصاحبها أحد النواب السابقين، لم يعد من سبيل للكلام مع هذه الحفنة من الحاقدين سوى بالدعاء لله عز وجل لإفشال مبادرة الحريري.
مناسبة هذا الكلام ليست بطبيعة الحال الانتقام من اللبنانيين الذين فقدوا الامل وباتوا يتعلّقون ببصيص منه، ولا من صاحب المبادرة الذي ما زال ،منفردا، يبحث عن ضوء في نهاية النفق، من دون أن يكلّ أو يملّ.. وإنما عسى أن يكون الفشل ممرّاً "ملزماً" لمعرفة البديل عن هذا النوع من المبادرات ولو "لمرة واحدة".
"خطأ" سعد الحريري أو "خطيئته"، أنه في كل مرة بلغ لبنان حافة الانهيار (السياسي أو الاقتصادي أو ...) سارع الى منعه من الانزلاق.. حتى إذا وقع في الانهيار نفسه سعى الى انتشاله منه. وفي كل مرة يتسابق المزايدون على تحميله ليس مسؤولية الانهيار وإنما محاولة الخروج منه.
هذا هو حال دعاة الانهيار والساعين إليه على مدار الساعة. الغاية المعلنة والمنشودة من هذا "الانهيار" هي "الإطباق" على "حزب الله" وإنهاء نفوذه. أما واقع الحال فهو أن الانهيار
(وقد جرّبناه) أصاب كل اللبنانيين وأطبق على أنفاسهم من دون أن يرفّ جفن ل"حزب الله".فماذا لو شهد اللبنانيون المزيد منه؟
في العام 2016 سارع المزايدون الى الهجوم على التسوية الرئاسية مفضّلين استمرار الفراغ على انتخاب ميشال عون رئيسا، ثم اتهموا سعد الحريري بتشكيل حكومة ل"حزب الله"، قبل أن يطالبوه بالاستقالة ويُروّجون ،في آن وجهاراً، لنظرية تولّي الحزب نفسه السلطة كاملة!!
وفي العام 2019 تحقّقت رغباتهم .استقال سعد الحريري، ثم نعى التسوية مع عون، وتشكّلت حكومة برئاسة حسان دياب برعاية فعلية من "حزب الله"، اتّجهت البلاد "شرقاً" ووقعت في عزلة عربية و دولية، ووقع الإنهيار الشامل بعد انفجار المرفأ، من دون أن يرفّ جفن أي من "المزايدين". هدأوا.. التزموا الصمت.. غابوا عن السمع والشاشات.. حتى إذا عاد سعد الحريري الى المشهد لإنقاذ ما تبقى من البلاد والعباد استنفروا من جديد: "نزع سلاح "حزب الله" أهم من تشكيل حكومة.. المبادرة الفرنسية تعنى بالمصالح الفرنسية لا اللبنانية .."حزب الله" حصل على الثلث المعطل في الحكومة العتيدة، وهكذا دواليك.
إثنان فقط هاجما المبادرة: "حزب الله" والمزايدون.
لكن يبقى السؤال: أمّا وقد تحققت رغبات "المزايدين" ووقع اللبنانيون في الانهيار الشامل تحت إدارة مباشرة من حكومة "حزب السلاح" وأدواته، ماذا بعد؟ ما هو المطلوب؟ نزع السلاح؟كيف وبأية وسائل؟
لا شك أن غالبية اللبنانيين متّفقة على أن السلاح غير الشرعي شرّ مستطير لاينبغي القبول به. لكن الغالبية نفسها تتساءل: كيف السبيل الى نزع هذا السلاح إذا كان ذلك غير متاح بالوسائل الدستورية والديمقراطية، باعتبار أن"حزب الله" أقوى من كل القوى الأمنية الرسمية مجتمعة. كما أن هذا الأمر لم يبصر النور عبر القنوات الدولية أيضا، وأهمها مجلس الأمن الدولي الذي أصدر قراراً حمل الرقم ١٥٥٩ منذ العام ٢٠٠٤ ولم يتمكن من تنفيذه. أم أن قوات "الكومندوس" بقيادة رضوان السيد ستفاحئ اللبنانيين قريباً بحرب شعواء ضد هذا السلاح، وأن جحافل فارس سعيد ستمشّط الأراضي اللبنانية كافة ،مشياً على الأقدام ،بدءاً من لاسا وصولاً إلى الضاحية الجنوبية؟
حبذا لو تفشل مبادرة سعد الحريري ، ليرى اللبنانيون بالعين المجرّدة كيف سيتسابق هؤلاء "المزايدون" للوصول إلى أقرب سفينة أو طائرة، ويتفرّجون من وراء الحدود على ملايين اللبنانيين يغرقون في المآسي والكوارث المتناسلة، على مرمى شهور من صفقة العصر العتيدة بين إيران و "الشيطان الأكبر".
والأهم أن يجمع المنفى الدكتورين (رضوان وفارس)، ومعهما مجموعة "المبادرة الوطنية"، التي منحت الأول شيئاً من الشعور بطعم "الزعامة" الذي انتاب كثيرين قبله وبعده، قبل أن يكتشفوا أنه كان مجرّد شعور أو وهم لا حول ولا قوة ..
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.