2 تشرين الأول 2020 | 21:13

فن

شمس البارودي.. إعتزلت الفن في أوج نجوميتها

شمس البارودي.. إعتزلت الفن في أوج نجوميتها

زياد سامي عيتاني*


38 عاماً مرت على قرارها الجريء والصارم بإعتزال الفن والإبتعاد عن الأضواء وهي في قمة شهرتها وجمالها، وذلك بعد أن أدت مناسك العمرة، لتعود بعدها إلى مصر مرتدية الحجاب، ومعتزلة الفن بشكل مفاجئ ودون مقدمات.

إنها الفنانة المعتزلة شمس البارودي، أو كما تحب أن يناديها الناس حالياً "الحاجة شمس"، (اسمها الحقيقي شمس الملوك جميل البارودي)، التي يصادف اليوم 4 تشرين الأول 1945.

ورغم هذه السنوات الطويلة، إلا أنها ظلت مثاراً للعديد من الأخبار والشائعات والإتهامات، إضافة إلى محاولات الترغيب والترهيب لثنيها عن قرارها والعودة للتمثيل، بلغت حد إتهامها بتلقي تمويل من بعض الجماعات، ورغم ذلك لم تتراجع وتمسكت بقرارها...

**

•قصة الإعتزال:

في عام 1982 كانت شمس البارودى تستعد لبطولة فيلم جديد، وإشترت الملابس من فرنسا، كانت وقتها فى أواخر العشرينيات، وقبل التصوير ذهبت لأداء العمرة، وبعدها قررت أن تعتزل الفن وتتفرغ لأسرتها وعبادتها.

إندهش الجميع من هذا القرار المفاجئ الذى إتخذته النجمة التي حازت شهرة واسعة خلال فترة السبعينيات، بل هاجمها الكثيرون وإنهالوا عليها بالإتهامات وشككوا فى دوافعها لإتخاذ هذا القرار.

لم تهتم شمس البارودى بهذه الاتهامات ولم تهتز لكل المغريات التى حاولت إثناءها عن هذا القرار بمزيد من العروض لبطولة أفلام جديدة، بل لم تشغل نفسها بالرد على هذه الاتهامات، بل إكتفت بنشر إعلان تتبرأ فيه من أعمالها.

ونشر والدها مقالاً رد فيه على بعض هذه الإتهامات التى إدعى بعضها أن النجمة المعتزلة تلقت تمويلات لاتخاذ هذا القرار.

وتروي الحاجة شمس البارودي عن قرار الإعتزال قائلة:

"كنت فى صحبة أبى نؤدي مناسك العمرة، وأنعم الله علي بختم القرآن فى أيام العمرة، وعندما وقفت أمام الكعبة إستشعرت مدى ضآلة الإنسان وضعفه وقلة حيلته أمام عظمة الله، وقبلت الحجر الأسود، ووقفت فى الثلث الأخير من الليل رافعة يديا وأنا أدعو الله أن يقوى إيمانى، وظللت أردد هذا الدعاء وجسدي يرتجف من البكاء، وكانت تلك الليلة هى الحد الفاصل فى حياتى، وقررت فيها الاعتزال والتفرغ لأسرتى وعباداتى...

**

•الشعراوي يطلب أن تدعو له:

وتنفي أن تكون قد تابت على يد الشيخ الشعراوي، بل أنها إلتزمت بنفسها عندما ذهبت لأداء العمرة.

وتؤكد شمس البارودى أنها لم تقابل الشيخ الشعراوى إلا مرة واحدة قبل وفاته مباشرة، عندما علمت أنه مريض وذهبت له مع زوجها حسن يوسف. وتحكي عن هذا اللقاء: "ذهبت للشيخ الشعراوى وبمجرد أن رأيته قال لى (شمس ادعيلى يا بنتى) قلت له (يا مولانا احنا اللى محتاجين دعواتك)، فرد قائلاً (ادعى لى يا بنتى أنت متعرفيش قيمة التائبين عند الله)...

**

•صعوبات ومضايقات وإتهامات:

ورغم إبتعادها عن الأضواء نهائياً منذ ما يزيد عن 38 عاماً إلا أن الإتهامات والهجوم كان يشتد عليها كلما قررت إحدى الفنانات الإعتزال وإرتداء الحجاب، خاصة أنها كانت أول الفنانات التي إتخذت هذا القرار مبكراً فى أوج شهرتها وجمالها.

كما أنها تعرضت لظروف صعبة خلال تلك الفترة، رغم أنها كانت مدللة طوال حياتها، وإضطرت للإستغناء عن المساعدين الذين كانوا يساعدونها فى المنزل، ومنعت من دخول بعض الأماكن، خاصة عندما قررت بعد 4 سنوات من إرتدائها الحجاب أن ترتدي النقاب، ولكن كل هذا لم يثنها عن قرارها الذى اتخذته في إعتزال الأضواء بلا رجعة، خاصة أن زوجها الفنان حسن يوسف توقف لفترة عن التمثيل حتى أفتاه الشيخ الشعراوى بأن: "الفن حلاله حلال وحرامه حرام"، وأنه يمكن أن يقدم أدواراً هادفة يستفيد منها الناس قائلاً: "زى ما علمت الشباب الشقاوة علمهم الأخلاق".

**

•التمثيل إتقان للكذب:

باتت البارودي تعتبر التمثيل نوع من إتقان الكذب، موضحة أن رأيها ليس ذماً أو طعناً فى التمثيل، لا سيما أن سيدنا يوسف كذب على إخوته ليعلمهم، عندما قال إن صواع الملك سرق، فإتقان التقمص والتمثيل من وجهة نظرها نوع من المهارة التي لم تعد تجيدها الأن، مكتفية بالعيش فى سكينة وهدوء مع عباداتها وأسرتها.

**

•لا عودة للتمثيل:

ورغم مرور كل هذه السنوات الطويلة على إعتزالها، فإن الشائعات التي تطالها لم تتوقف، فبين حين وآخر تنطلق شائعة لتؤكد عودتها للأضواء سواء بالتمثيل أو بتقديم برنامج ديني، خاصة مع ظهور صور لها في مناسبات إجتماعية.

لكنها تنفي بشكل قاطع عودتها للتمثيل أو لتقديم أي نوع من البرامج الهادفة.

وتقول في هذا السياق: :" أنا معرفش أمثل تاني وبستغرب لما بشوف زوجي حسن يوسف وابني عمر بيمثلوا، وحتى بستغرب لما بشوف نفسى زمان وأنا بمثل، لأنى نسيت التمثيل".

وتكشف البارودي أنها سبق تلقت عروضاً خيالية بالملايين لعمل برامج دينية، أو لتقديم عمل يجسد سيرة حياتها، ولكنها رفضتها.

فالحاجة شمس لم تعد تحب الوقوف أمام الكاميرا حتى عندما يتم تصوير بعض البرامج مع زوجها الفنان حسن يوسف فى المنزل.

**

•التمثيل بالصدفة:

بالعودة إلى بداياتها ودخولها المجال الفني، فإنه كان محض صدفة، عندما كانت في سن 16 سنة، كانت بصحبة أهلها في زيارة لصديق العائلة، وكان يسكن فى نفس العمارة المخرج إبراهيم شكرى، ورآها، وكان يجهز وقتها لمسلسل "قطر الندى"، وعرض على والدها أن تقوم بهذا الدور، ولكن والديها رفضا، لأنها كانت وقتها فى الثانوية العامة، ولكنها فرحت بفكرة الأضواء والشهرة، ورجتهما أن يقبلا، وبالفعل قبلا ولعبت الدور، ووضعت صورها على غلاف المجلات، وبعدها انهالت عليها العروض، وإلتحقت بمعهد الفنون المسرحية.

**

•أهم أعمالها:

وعلى الرغم من تألق شمس في السينما المصرية، إلا أن بدايتها كانت من خلال الدراما التليفزيونية، وتحديداً بمسلسل "العسل المر" في أواخر الستينات، قبل أن تبدأ إنطلاقتها في السينما.

ومن أشهر أعمال شمس البارودي التي قدمتها في السينما المصرية هي: "عالم الشهرة"، و"حمام الملاطيلي"، و"المتعة والعذاب"، و"مراهقة من الأرياف"، و"المرآة التي غلبت الشيطان"، و"الراهبة"، و"ليلة زفاف"، و"هي والرجال"، و"شارع الملاهي"، و"الزواج السعيد"، و"رحلة العمر"، و"كفاني يا قلب"، و"شاطئ الحب"، و"إمرأة سيئة السمعة"، و"فرقة المرح"، و"فندق السعادة".

**

رغم إعتزالها المبكر، فمما لا شك فيه أن الفنانة المعتزلة شمس البارودي من أهم الممثلات في تاريخ السينما المصرية حتى وإن كان مشوارها الفني قصيراً بالمقارنة مع فنانات آخريات قدمن أضعاف ما قدمته البارودي للسينما.

كما أن البارودي ليست فنانة متألقة فحسب، فهي واحدة من "حسناوات" السينما المصرية في حقبتي السبعينات والثمانينات، قبل أن تُفضل الاعتزال وإيقاف مشوارها الفني.

**

*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.









يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

2 تشرين الأول 2020 21:13