10 تشرين الأول 2020 | 08:55

إقتصاد

لا تراهنوا على تشرين الثاني فما قبله موجع

لا تراهنوا على تشرين الثاني فما قبله موجع

دخلنا في الشهر العاشر من العام 2020 وبتنا على قاب قوسين من العام 2021، ‏حيث مرّ على إندلاع ثورة تشرين سنة كاملة، تبعتها الأزمة النقدية ثم الاجتماعية ‏وجاءت جائحة كورونا التي أطلّت ناعمة على اللبنانيين وساهم بعضهم بقساوتها ‏حتى تضاعفت أرقام الضحايا من مصابين يومياً وموتى‎.‎

الوضع الاقتصادي ليس سيئاً بل كارثيٌ، فالبطالة تتزايد يوماً بعد يوم والعاطلون ‏عن العمل كُثُر، أما المرتاحون فعددهم قليل، فالأزمة النقدية طالت الجميع ‏والمخرِّبون في البلاد تسبّبوا بالخراب لجميع سكان لبنان، من لبنانيين وأجانب ‏أصحاب عمل وعمّال، وبات الجميع حائراً، فمن تم تسريحه من عمله عاد الى ‏البيت فارغ اليدين، ومن بقي في عمله أصبح جيبه يفرغ سريعاً بسرعة البرق، لأن ‏الراتب تضاءل وتساقطت الليرة اللبنانية من قيمتها فالليرة خسرت 80 في المئة من ‏قيمتها بداية الصيف، وخسرت 120 في المئة اليوم مع احتساب قيمتها الشرائية في ‏ظل الغلاء الفاحش الذي حصل لأسعار السلع‎.‎

أما الأخطر القادم فهو نفاذ الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي والذي لا يناهز ‏المليار دولار اميركي بعد أن كان 2 مليار دولار منذ شهرين حيث يستخدم ‏مصرف لبنان جزءاً منه لدعم المواد الأساسية كالقمح والأدوية والمحروقات وبعض ‏المواد الغذائية الأساسية، وعندها سنكون أمام مصيبة كبيرة ستتمثّل بفقدان هذه ‏السلع من الأسواق وعلى رأسها الدواء وهو ما بدأنا نلمسه منذ أسابيع قليلة‎.‎

مضى العام 2020، وفشل السياسيون اللبنانيون في 12 إجتماعاً مع صندوق النقد ‏الدولي بهدف الحصول على دعم لمساندة اللبنانيين في أزمتهم، وتبيّن في خلال ‏الاجتماعات مع‎ IMF ‎أن هناك غياباً للشفافية من قبل المفاوضين اللبنانيين، وخطة ‏وضعتها الحكومة السابقة لم تطرح مشكلات اللبنانيين بل سلّطت كل تركيزها على ‏القطاع المصرفي وأموال المودعين والهيركات وشدّ الحبال فيما بين فريق السلطة ‏والقطاع المصرفي من جهة، ووفد الصندوق من جهة أخرى‎.‎

اليوم بتنا بلا حكومة بعد فشل اللبنانيين بتأليف حكومة جديدة برئاسة مصطفى أديب ‏بمساعي من فرنسا وبتنسيق مع بعض الدول العظمى، حيث فضح هذا الفشل ما ‏بداخل بعضهم وتعنّتهم وإصرارهم على المسار الذي إتّبعوه للوصول الى حال ‏الانهيار التي يعيشها اللبنانيون، ولم يَعُدْ يثق فينا اي بلد وأي جهة مانحة ولا ‏المجتمع الدولي، وما أخطر من فقدان الثقة‎.‎

فالثقة عندما تذهب، يذهب معها الاستقرار والإستثمار الأجنبي الذي يخلق فرص ‏عمل ويُدخِل عملة صعبة، ويذهب السياح ويدخل لبنان في الركود وإقفال مزيد من ‏الشركات والأعمال، وتتزايد الخسائر، وينخفض تصنيف البلاد ومصارفها، وتتفاقم ‏الأزمة المعيشية والاجتماعية وتتزايد حالات الانتحار‎.‎

أفشَلوا المبادرة الفرنسية ولم يقدِّموا بديلاً سوى الفراغ والخراب، بعدما كانت تلك ‏الفرصة الأخيرة أمام نهوض لبنان من الانهيار، وها هم يتلهّون بتقاذف الاتهامات ‏والسجالات، فيما يَلهُون اللبنانيين بتمضية أيامهم بالذهاب الى البنوك والصرافين ‏والسوبرماركت ومحطات الوقود والصيدليات والاصطفاف للحصول على حفنة من ‏تلك السلع تحسّباً لفقدانها الذي بدأ يحصل‎.‎

لم يعد أمامنا ترف الوقت فالقلق سكن نفوس اللبنانيين الذين كانوا يعيشون في بلد ‏يسمّى سويسرا الشرق، وكانوا قبل 15 سنة، يُحسَدون على وضعهم ومستوى ‏معيشتهم، وباتوا اليوم في أسفل مراتب العيش‎.‎

لن يتمكّن اللبنانيون من الاستمرار بالعيش على هذه الحال المأساوية حتى نهاية ‏العام، فالوجع قادم خلال تشرين الأول بعد نفاد أمريْن، هما صبر المجتمع الدولي ‏ونفاد احتياطي مصرف لبنان، خصوصاً في حال بقي جزء من الأطراف الحاكمة ‏يراهن على ما ستؤول اليه الانتخابات الأميركية المقبلة في تشرين الثاني، مع العلم ‏أن فوز دونالد ترامب أو جو بايدن، هو إستمرار للسياسة الأميركية تجاه الشرق ‏الأوسط، ولن تبادر أي دولة لدعم لبنان ما لم يقم السياسيون اللبنانيون بتأليف ‏حكومة إخصائيين وبسرعة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وتتطلّع لمطالب الشعب ‏وتحظى بثقة المجتمع الدولي، ولن تحوِّل أي جهة مانحة دولاراً أميركياً واحداً ‏لسلطة باتت معروفة بمافياويتها بحق شعبها‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

10 تشرين الأول 2020 08:55