مع تكرار المزاعم عن تهرّب عائلة الحريري من دفع رسوم إنتقال ثروة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد وفاته، كشف موقع "أحوال" بالسجلات والوقائع حقيقة الموضوع.
وجاء في التقرير الذي أعده الصحافي محمد علوش :
على مدى 13 عاماً كان الخبر الشائع أنّ عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم تدفع رسوم إنتقال ثروته بعد وفاته، وكان يُقال إنّ حكومة فؤاد السنيورة هرّبت تحت وطأة إغتيال الرئيس الحريري نصّ قانون يقضي بإعفاء اللبنانيين من رسوم إنتقال الإرث ولمدّة 24 ساعة فقط، لإعفاء ورثة الحريري من دفع الرسوم المترتّبة عليهم جرّاء إنتقال ثروة الأب. إلا أنّ الرئيس سعد الحريري فجر مساء الخميس قنبلة من العيار الثقيل عندما أكد أنّ عائلته دفعت 107 ملايين دولار كرسوم بدل إنتقال. فأين هي الحقيقة؟
لمحة تاريخية
صدر المرسوم الإشتراعي (قانون رسم الإنتقال) رقم 146 في 12 حزيران 1959، وحمل تعديلات، وإضافات، مثل إضافة فقرة الى المادة التاسعة منه، عن إعفاء تركات شهداء الجيش اللبناني والقوى الأمنية المسلحة من رسوم الإنتقال.
لم تكن الإعفاءات من تسديد الرسم كثيرة، وهي كلّها تصدر بقانون عن المجلس النيابي، والقانون يُنشر بالجريدة الرسمية، وأبرز هذه الإعفاءات جاءت على الشكل التالي:
-إعفاء تركات الشهداء الذين استشهدوا جرّاء الإعتداءات الإسرائيلية بدءاً من 12 تموز 2006، من رسم الإنتقال.
-في تاريخ 26 حزيران 2010، أصدر مجلس النيابي القانون رقم 115 ونص على إعفاء ورثة اللبنانيين الذين قضوا في كارثة الطائرة الأثيوبية من رسوم التقاضي ورسوم الفراغ والإنتقال، واستمر الإعفاء لمدة سنة من تاريخ صدور القانون.
-عام 2016 صدر قانون لإعفاء ورثة اللبنانيين الذين قضوا في كارثة الطائرة الجزائرية من رسوم الفراغ والإنتقال، وفي العام 2020 في جلسته في آب أقرّ المجلس النيابي إعفاء ورثة ضحايا إنفجار المرفأ من رسوم الفراغ والإنتقال.
أما بالنسبة الى رسم الإنتقال فهو بحسب مصادر مطّلعة في وزارة المال، ضريبة تصاعدية مثل ضريبة الدخل، عادة ما تكون نسبتها بين 3 و12 بالمئة إذا كان الورثة هم الأولاد، مشيرة إلى أن النسبة ترتفع بحسب صلة القرابة، كاشفة أنه يتم تخمين قيمة الثروة وتُحسب الرسوم على أساسها، وكانت تُدفع قبل العام 2017 بحسب الأسعار عند تاريخ الوفاة.
لا إعفاء من دون قانون… والسجلّات تكشف الحقيقة
تؤكد مصادر مطّلعة في وزارة المالية أنه لا يمكن إعفاء أحد من رسوم الإنتقال من دون صدور قانون واضح، مشيرة إلى أنه لا يوجد أمامنا أي قانون يُعفي ورثة الحريري أو كل اللبنانيين من تسديد الرسوم، لا لأربع وعشرين ساعة ولا لأكثر، مشددة على أن وجود القانون يعني صدوره عن المجلس النيابي، وتوقيعه من المعنيين، ونشره في الجريدة الرسمية، سائلة: “هل شاهد أحد هكذا قانون سابقاً؟”.
وتُشير المصادر إلى أنّ عدم وجود قانون يعني أنّ الرسوم دُفعت، مشدّدة على أنّ وزارة المالية كانت قد أكّدت في العام 2006 أنّ “عملية نقل الإرث وتسجيله من قبل عائلة الرئيس الحريري قد اكتملت منذ مدة، بحسب الاصول المتبعة”.
إذاً، لم يُعف ورثة الحريري من دفع رسوم إنتقال الإرث بشكل قانوني، وبالتالي إذا كانوا قد تهرّبوا من الدفع فذلك يجب أن يظهر في سجلّات وزارة المال، وهذا ما جعلنا نستمر بالبحث، حتى الوصول إلى تفاصيل إضافية.
من خلال البحث في نظام التحصيل بدائرة تحصيل بيروت في وزارة المالية، يظهر أن بهاء الحريري وهو الإبن البكر لرفيق الحريري، ورقمه الماليّ 298608، قد دفع ما يتوجّب عليه نتيجة عملية حصر الإرث في 3 نيسان عام 2006، وفي 21 تشرين أول 2006، ومن ثم في 23 كانون أول 2010.
أما سعد الدين رفيق الحريري ورقمه الماليّ “909350”، فقد دفع عام 2005 وعام 2010، ومثله شقيقه أيمن، ورقمه الماليّ “298621”. ويظهر أن جميع أبناء رفق الحريري قد دفعوا ما يتوجّب عليهم، ولو بتواريخ مختلفة، وبنسب مختلفة بحسب حجم الحصة وقيمة الغرامات وقيمة التخفيضات، مع الإشارة إلى أن الدفع عام 2010 لا يعني تأخرهم عن الدفع، بل يعني أن أموراً متعلقة بتوزيع الإرث قد حصلت عام 2010، وتم فرض الضرائب عليها.
إذا، لا يوجد قانون عفو، وبحسب سجلات وزارة المالية فإن آل الحريري قد دفعوا ما يتوجب عليهم، وبالتالي لا يوجد ما يُثبت ما يُقال عن تهربّهم من الدفع، بل على العكس فإن السجلات تُظهر دفعهم لرسوم بدل الإنتقال.
موقع أحوال
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.