كتب باسل الخطيب
ضج لبنان اليوم بخبر الحدّ من سحوبات الناس للأموال من المصارف بالليرة اللبنانية.
وعلى الرغم من مسارعة مصرف لبنان على إصدار بيانٍ رسميٍ ينفي من خلاله أي دور له بهذا الأمر، إلا أن ما أنكره تحوّل في ساعات قليلة الى حقيقة على أرض الواقع، في ظل تقاذف الاتهامات بينه وبين المصارف التي تقول إنها تتبع تعليمات مصرف لبنان بتقنين السحوبات على الناس بالليرة، وهو ما ينفيه البنك المركزي في بيانه اليوم الذي قال فيه:
ذكرت بعض المصادر المصرفية وبعض وسائل الاعلام خبراً مفاده ان مصرف لبنان قام بتحديد سقوف المبالغ الممكن سحبها من قبل المصارف بالليرة اللبنانية.
ويؤكد مصرف لبنان في بيانه:
ان هذا الخبر عار عن الصحة انما الآلية التي اعتمدها مصرف لبنان هي وضع سقوف للمصارف لما يُمكن ان تسحب من حسابها الجاري لدى مصرف لبنان. وعند تخطي هذه السقوف تُحتسب المبالغ المطلوبة من حسابات المصارف المجمدة لدى مصرف لبنان.
ويضيف بيان مصرف لبنان:
ولذلك ليس هناك اي سقف للمبالغ الممكن سحبها من مصرف لبنان. وعندها يكون مصدر التمويل لهذه السيولة مختلفاً، ما يعني انه ممكن ان يتم السحب من الحساب الجاري لحد سقف معين وما يفوق هذا السقف من شهادات ايداع او من الودائع لاجَل.
إنتهى البيان.
ما حصل اليوم هو أن المصارف بالفعل بدأت بتخفيض حجم السحب بالليرة اللبنانية للمودعين حسب ملاءة البنك وقوته لعدة أسباب:
1. يمنح مصرف لبنان كوتا معينة لكل بنك يحددها لزبائنه من اجل السحب بالليرة اللبنانية، ومن ينوي من المصارف أن يتجاوز هذه الكوتا أن يسحب من ودائعه طويلة الأجل المودعة في البنك المركزي بالليرة اللبنانية، وهي ودائع يمنح مصرف لبنان فوائد عنها للبنك التجاري.
2. القرار يحدّ من التداول بالكاش بالليرة خصوصاً للذين يسارعون لسحب أموالهم من أجل شراء الدولار في السوق السوداء، ما يؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار غير الرسمي.
3. يُلزِم القرار الناس أن يستخدموا بطاقات الدفع الإلكترونية (Debit Card) والتي لها حدود للسحب الأسبوعي.
4. بات الناس ملزمين بالتحول الى البطاقات والابتعاد عن النقد الا في المحلات الصغيرة في الأحياء وغير المراكز التجارية.
5. بات الجميع ملزم بطلب بطاقات الكترونية من المصارف المودعة فيها حساباتهم أو رواتبهم، فهناك عدد كبير من اللبنانيين لا يزالون دون بطاقات.
6. هذا لا يعني أن كافة البنوك دون أي تمييز ستطبِّق قرار الحدّ من السحوبات، فالبنوك التي لا تتخطى الكوتا الممنوحة لها من مصرف لبنان، يمكن لها أن لا تتقيد بحجم السحب اليومي أو الأسبوعي، فهي تتعامل حسب حجم ودائعها.
7. من يسحب من المصارف أموالأً لزبائنه دون أن يتخطى الكوتا الممنوحة من مصرف لبنان، ليس مضطراً ليزيد هذه الكوتا ويطلب السحب من ودائعه في البنك المركزي الذي يقوم بدوره بإنقاص الفوائد الممنوحة لهذا البنك.
8. القرار يحدّ أيضاً من التجارة بالشيكات الممنوحة بالدولار من قبل أصحاب الثروات الى من يسعى الى مواطنين يشترونها بـ 3000 ليرة لبنانية لكل 1000 دولار وإيداعها في حسابهم ثم سحبها بـ 3900 ليرة لبنانية لكل ألف دولار.
9. مصرف لبنان عمد الى طبع ما يقارب 300 مليار ليرة لبنانية من العملة الورقية وضخها في السوق، وهو اليوم يعمل عبر هذه القرارات على إعادة سحبها من حيث خزّنها المودعون في منازلهم وعلى إعادة تجفيف هذه الكتلة النقدية بالليرة.
10. كل هذه الأمور زرعت القلق في نفوس اللبنانيين الذين تهافتوا على البنوك اليوم وأجهزة الصراف الآلي، لسحب ما يمكنهم أن يحصلوا عليه من أموال في حساباتهم قبل أن تتزايد الإجراءات المصرفية، لتخزين مزيد من الأموال في منازلهم أو لشراء الدولار في السوق السوداء.
الخطوة تشير الى عجز المصارف عن تلبية هذا الكم من السحوبات وتفاقم الأزمة، ما يعني أن المصارف تعيش في تخبّط أيضاً كالتخبط الذي يعيشه المواطن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.