بول شاؤول
تشتد المنافسة بين الدول والشركات في إيجاد لقاح كورونا، تجارب واعدة هنا، ومتعثرة هناك، بعضها بات على قاب قوسين من اكتمال شروط طرحه في الأسواق، وبعضها الآخر يتحول سلعة غير مضمونة، توزع، أو يعلن توزيعها لأسباب سياسية وتجارية بحيث اختلطت الاوطار الاقتصادية وحتى الأيديولوجية بالصحية، هنا أمل، وهناك انتكاس... وهكذا دواليك!
لكن، وبعيداً عن أخبار المختبرات والمبتكرات، يبرز "كائن" أليف، صديق للإنسان، هو "الكلب" الماليني صار جاهزاً في المساهمة في المعركة الضارية مع العدو "كورونا" كيف؟
لقد تم تدريب كلاب بنجاح في المدرسة البيطرية بمؤسسة الغور، بالريف الفرنسي، لكشف "كورونا" بالشم، أيجب قريباً الخوف من تشخيص أفضل رفيق للإنسان؟ "أوسلو" كلب ماليني، يتمتع بشميم حاد، هذا الكلب يستعرض الآنية الأربعة المبللة بتعرق بشري. وبعدما يشمها بتتابع خلال عدة ثوانٍ ثم يعود أوسلو ليتوقف أمام الإناء رقم 2، فاز! رائع! كان هذا الإناء يحتوي على كمادة رجل مريض أظهر فحصه نتيجة "إيجابية" بمرض كورونا، وهكذا بات مؤكداً بالتجربة العينية الواثقة، أن الكلاب تستطيع تشخيص كورونا بالرائحة!
أتذكر في طفولتي، طبيباً كان يتباهى بأنه يشخص حالة المريض بشم بوله الصباحي، لكن كان يلقى كلامه سخرية الأطباء والصيادلة، لأن ذلك لم يبدُ لهم "علمياً" أو "مخبرياً" ويرون أن لا يمكن الوثوق بالرائحة!
اليوم، بتنا نعرف أن للأمراض رائحة خاصة، على الأقل بعضها في الوقت الحاضر، مثل سرطان الثدي، وسرطان الكولون أو الباركنسون. إذا ًطبيبنا القديم الذي قاده حدسه، سبق أبحاث عصره بعشرات السنين، إلا إذا كان تعلم خلال سيرته التي تحتوي على تجارب أو احداثيات قديمة، أن العصور القديمة لم تكن تتردد في استعمال القدرات التشخيصية للكلب، أمير "الشمامين".
ويجب القول، أن معابد اسكليوبوس، إله الطب في اليونان القديمة، كانت تذبح كلاباً، وأفاعي، وحتى وزراء، كوسيلة للشفاء من الأمراض، وبعيداً من حصرها كشف المرض أو الألم فإنها تشفيهم أيضاً!
الضرير بلوتوس يستعيد بصره بعدما لحست أفعى عينيه، والشاب تيسون الهرميوني شفي أيضاً من العماء بلسان الكلب المقدس.
لكن، وإن لم يكن الكلب أشهر من الأفعى، فله وظائف أكثر أهمية في المعابد: كان قادراً على معرفة ما إذا كان مرض شخص يستشعر مجيء وباء. هذا ما ذكره الين (235 – 175 ق.م) وبعده تيموثي غزة (في القرنين الخامس والسادس) الذي كان ينسب للكلاب القدرة على معرفة سلامة الهواء والآبار.
وهكذا نرى اليوم، أن مجموعة من الباحثين والأطباء والبيطريين يعملون منذ أشهر على تدريب كلاب متخصصة.
كأن الكلب صار "آلة تشخيص" لكورونا اليوم، وتشخيصه غير مشوب بخطأ ونتوقع أن يكثر الأطباء والبيطريون من عمليات تأهيل الكلاب لهذه المهمة في هذه الأوقات الصعبة التي يواجهها العالم من كورونا. لكن، ربما لمهمات أخرى، فربما نجد هذه الكلاب في المطارات، وفي السوبرماركت، وفي مداخل دور السينما، والمسارح، والمدارس... أسنترك هذه الكلاب تحوم حولنا بأذيالها المتراقصة، نمد إليها مناديلنا، أو قمصاننا، وننتظر بقلق نتائج تشخيصها لنا، التي بلغت حد النجاح 99,99 بالمئة.
دخل الكلب إلى عمق "المجتمعات" لم تعد مهمته بوليسية، أو للصيد، أو للعب مع الأطفال أو كدليل للعميان، أو كرفيق للمتريضين، والمتنزهين، خرج من لعبة الترف إلى لعبة "الطبيب" المداوي، الكاشف لبعض أمراضنا بحاسة شمه.
خرج من الأسطورة القديمة، إلى الحضارة الجديدة، والكلب أوسلو رائد الكلاب "الذكية" لكن الطبيعية الحدسية الغريزية.
فأهلاً به!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.