كتب خالد صالح
مرّت الحريرية الوطنية منذ بروزها على الساحة السياسية اللبنانية بمسار شائك، وبجملة من العراقيل المتعمّدة التي كانت توضع في طريقها، وطريق برامجها السياسية والاقتصادية والاعمارية، وفي كل مرة كانت تخرج بصورة أبهى، وبإرادة أقوى للمضي قدمًا نحو لبنان الذي أراده الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحامل الراية والأمانة الرئيس سعد الحريري ..
اليوم تؤكد الحريرية الوطنية المؤكد والراسخ في وجدان كل لبناني شريف، أنها الخيار الأمثل لمسيرة الانقاذ الحقيقي الذي ينتظرها لبنان، بعد سنة قاسية ومريرة حملت في طياتها الآلام والأوجاع والقلق والخوف على المصير، سنة لم ترحم هذا البلد لتعادل بقساوتها ومرارتها سنوات الحرب الأهلية البغيضة، فأدخلته في دوامة الانهيار الكلي، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، ولولا إرادة الصادقين الذين حافظوا عليه بأشفار العيون، لكان لبنان اليوم في خبر كان ..
وكما خرجنا أقوياء من الحرب الأهلية بفضل الرئيس الشهيد صاحب الأيادي البيضاء، فقدم للبنان أعظم وأهم عقد سياسي واجتماعي (اتفاق الطائف)، ودخلنا بقوة في مرحلة الاعمار والنهوض بالبلاد نحو استعادة المكانة الطبيعية والحقيقية في المجتمعين العربي والدولي، وعادت سيرة لبنان على كل شفة ولسان، وقام كطائر الفينيق من تحت رماده، لينشر الحياة والعلم وليؤكد هذا البلد الصغير قدرته على اجتراح المعجزات ..
وبعد زلزال 14 شباط 2005، التاريخ الأسود الذي أراد منفذوه قتل الحلم فينا وقتل الارادة الصلبة التي تعلمناها من رفيقنا الشهيد، خرجنا اقوياء ايضًا لأنه ترك فينا الإرث الأغلى والقيادة الحكيمة وروح الشباب، فكان سعد رفيق الحريري حامل الراية وحامي الأمانة، فرأينا فيه أحلام الشهيد وعشقه للبنان، رأينا في عينيه حب الوطن والإخلاص لديمومته والوفاء لمسيرة العملاق الذي لم يبخل بقطرة دم في سبيله ..
ما أشبه اليوم بتفاصيله كلها، بذلك اليوم من أواخر العام 1992، لبنان مهشّم مقطّع الأوصال تتلاشى آماله وأحلام بنيه، اقتصاد منهار وعملة تسقط بشكل مخيف، غلاء فاحش يلتهم أكباد الناس، وخوف يهيمن على الأرواح التي تناشد الهجرة حتى ولو على بلاد الواق واق، في ذلك اليوم أطل الرئيس الشهيد مشمّرًا عن ساعديه ليعيد لوطنه الحبيب رونق الحياة ولمعشوقته بيروت مكانتها الرفيعة وبهاءها الساطع ..
واليوم صورة طبق الأصل عن ذلك اليوم، بيروت مدمرة والوطن يئن من جراحه من اقصاه إلى أقصاه وليرتنا ترزح تحت عبء تلاشي قيمتها، ليأت " سعد رفيق الحريري " كاشفًا صدره للرياح التي تعصف بالبلاد، وعاقدًا النية على بذل الغالي والنفيس في سبيل إنقاذه والعودة به سليمًا معافى، وكأن قدر " الحريرية الوطنية " مسيرة الانقاذ وإعادة الاعمار وحماية لبنان دائما وابدا ..
كل الثقة بهذا الحامل وطنه في قلبه، فالعيون شاخصة إليه وقد عاد إليها بريق الأمل، وإرادة التحدي التي تزين جبهته تفتح في الجدار كوة كبيرة ليدخل منها شعاع الفرح والحياة، واللبنانيون بأسرهم شعروا أن الدولة تعود للوطن بعدما أرهقوه في سبيل أنانيتهم واستعادة أمجادهم الشخصية الغابرة ..
اليوم " سعد رفيق الحريري " يستعيد بالكامل ذلك التاريخ الناصع الذي تركه الرئيس الشهيد، ويستعيد كتاب حكايته المحفور في وجان هذا الوطن، وليؤكد للداخل والخارج، أن لبنان باقٍ، والحريرية الوطنية باقية .. وما بيصح إلا الصحيح ..
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.