2 تشرين الثاني 2020 | 06:55

أخبار لبنان

‎ "‎إنقلاب" تعطيلي جمّد التأليف!

المصدر:"النهار " 



‎في الحد الأدنى لا حكومة قبل فجر الأربعاء وفي الحد الأقصى قد يكون مسار تأليف ‏الحكومة منزلقا نحو ازمة مفتوحة وقد يكون الاحتمال الثاني هو الأرجح. هذه الخلاصة ‏الخاطفة تختصر الجمود الحاصل منذ ثلاثة أيام وتحديدا عقب ما تجمع العديد من مصادر ‏المعلومات والجهات السياسية المطلعة على مجريات مسار التأليف، على وصفه بانقلاب ‏رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على اكثر من 75 في المئة من بنود ‏التوافق الذي كان يجري استكماله بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس ‏الجمهورية ميشال عون.

ويبدو ان باسيل نجح مجدداً في إطاحته واضعاً موقع رئيس ‏الجمهورية مرة جديدة في مكان شديد الحرج ومهددا بتعطيل مسار تأليف الحكومة الجديدة ‏المنتظرة. واذا كان ستار الكتمان الذي فرض على مجريات الاجتماعات الأربعة التي عقدها ‏الرئيسان عون والحريري في قصر بعبدا لا يزال وحده البند الذي يجري "التزامه" منهما، فان ‏ذلك لا يعني حجب انكشاف الانقلاب الذي تعرض له الرئيس المكلف بعدما جرى التراجع من ‏القصر فجأة عن معظم النقاط والأسس التي كان عرضها الحريري تباعا في اللقاءات ‏الأربعة التي عقدها مع رئيس الجمهورية، فاذا بلقاء عون وباسيل قبل أيام يشكل الانكاسة ‏الكبيرة التي بدا من خلالها ان ثمة قطبة مخفية دفعت الرئاسة الأولى الى الالتفاف على ‏التوافقات السابقة وسرعان ما انكشف الامر عن جملة حقائق. ذلك ان ما كان تم التوافق ‏عليه بين عون والحريري حول حجم الحكومة من 18 وزيرا اطيح به وعاد الضرب على وتر ‏حكومة من 22 او 24 وزيرا بما ترجمه علنا بيان التيار الوطني الحر السبت الماضي من ‏رفضه لإعطاء وزير اكثر من حقيبة. ثم اسقط أيضا تفاهم آخر أساسي يتصل بالمداورة بين ‏الحقائب مع استثناء حقيبة المال التي اقرت للشيعة بموافقة عون والافرقاء السياسيين ‏الاخرين، ولكن "الانقلاب" كشف ان باسيل رفض التسليم بمداورة تستثني المال والا فلن ‏يتنازل عن حقائب سابقة كانت بحوزة وزراء للتيار. الامر الثالث الأساسي الذي جرى تجميد ‏البحث فيه يتصل بحقيبة الطاقة التي فشلت محاولات الحريري في الوصول الى تفاهم مع ‏عون حيال تسليمها لوزير مستقل متخصص لا يحسب على احد نظرا لخطورة ملف الكهرباء ‏في البرنامج الإصلاحي الذي تلحظه المبادرة الفرنسية، وتبين ان ثمة معاندة في اخضاع ‏الحقيبة لمفاصلات وإملاءات سياسية من جانب القصر والتيار سواء بسواء من خلال طرح ‏اسم مستشار حالي في الوزارة لتسلم الحقيبة وهو محسوب على باسيل. اما الامر الرابع ‏الأساسي أيضا الذي أصابه الشلل بفعل الانقلاب التعطيلي لمسار التأليف فيتصل ‏بالفيتوات الهابطة على الحريري فجأة حيال توزيع حقائب خدماتية أساسية على الشركاء ‏السياسيين الاخرين كرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة ‏سليمان فرنجية في حين جرى "تفريخ "مفاجئ لما سمي العقدة الدرزية التي اريد من خلالها ‏مقاسمة جنبلاط الحقيبتين اللتين كانتا يجب ان تذهبا اليه باعتبار انه رافعة التكليف والتأليف ‏فيما النائب طلال أرسلان رفض تكليف الحريري وقاطع الاستشارات، فاذا بالقصر ينبري ‏لإعطائه حقيبة وزارية ورفع عدد الوزراء لتمكينه من هذا الهدف‎ .‎

‎ ‎

واذا كانت هذه بعض الوقائع المباشرة التي تكشف أسباب تعطيل مسار التأليف وإعلان ‏ولادة الحكومة التي كانت متوقعة اليوم كما كشف رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ"النهار"، ‏فان ثمة دلالات تبدو ابعد من مجرد خوض معركة محاصصة قسرية لجعل سعد الحريري ‏يسلم بسقوط مشروعه الأصلي تماما القائم على تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين ‏وعندما يرفع الراية البيضاء لفارضي الشروط الانقلابية يكون قد انتحر سياسيا فعلا. هذا ‏البعد كشفه مصدر سياسي بارز لـ"النهار" ويتمثل في اندفاع فريق رئاسة الجمهورية ‏و"التيار الوطني الحر" الى الاستئثار بالحقائب الأمنية والقضائية الثلاثة أي الداخلية والدفاع ‏والعدل على خلفية ان تأليف الحكومة الجديدة متى تعرض لتبديل المعايير التي يطرحها ‏الرئيس الحريري من منطلق تحديد مهمتها زمنيا بستة اشهر كحكومة انقاذية فقط، فربما ‏تكون حكومة ما تبقى من العهد أي لسنتين. وهو الامر الذي يقول المصدر انه جعل الفريق ‏الرئاسي وتياره يحاولان تطويب الحقائب الثلاث لهما للشروع من الان في الإمساك بالأوراق ‏الأساسية التي تتيحها لمصلحة "التيار" هذه الوزارات تحضيرا للانتخابات المقبلة‎.‎

‎‎

‎ ‎

إقفال لا اقفال‎!‎

وبعيدا من تعقيدات مسار تأليف الحكومة تعيش البلاد أجواء الانتشار الكارثي لوباء كورونا ‏وسط تخبط مخيف في القرارات الرسمية والطبية والاستشفائية المعنية باحتواء الكارثة ‏علما ان الجدل المتصاعد حول اجراء الاقفال الشامل للبلاد بلغ ذروته في الساعات الأخيرة ‏من دون أي حسم . وفيما كانت الأوساط الطبية تعول على تأليف سريع للحكومة الجديدة ‏علها تباشر اتخاذ إجراءات مختلفة وفعالة في احتواء الانتشار الوبائي في كل المناطق ‏اللبنانية عاد التأخير في تأليف الحكومة يرخي بثقله على حكومة تصريف الاعمال التي ‏تتخبط القرارات عشوائيا فيها بين وزارات الداخلية والصحة والتربية‎.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

2 تشرين الثاني 2020 06:55