3 تشرين الثاني 2020 | 17:00

مقالات

لا بلادهم... ولا شعبهم

لا بلادهم... ولا شعبهم

راشد فايد - النهار


أسبوع، وينقضي شهر على تصدي الرئيس سعد الحريري لمهمة تشكيل حكومة جديدة، والأسبوع نفسه، ليمر الشهر الثالث على استقالة حكومة الدكتور حسان دياب. قبلهما، كان الحدث التاريخي انفجار مرفأ بيروت، الذي غطى غباره كل المآسي الوطنية السابقة، التي تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكنه لم يمح الصِغر الذي يسم الحياة السياسية منذ جاء أهلها من حواجز الميليشيات الى تحت قبة البرلمان، وجلبوا معهم منطق الاتاوة السياسية الى جانب الاتاوة المالية التي اتقنوها، لا تأخذهم عنها "سنّة ولا نوم"، ويمر دمار بيروت، بكل منهم، وكذا انهيار الليرة، وكوفيد 19، والجوع، "ووجهه وضاح وثغره باسم"، كأنما هذه مآسٍ في بلاد أخرى، وضحيتها شعب لا صلة لهم به.


ما حرك الحياة السياسية، مع اقتراب العام الأول للانتفاضة، كان مجيء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت ليستنجد، من أجل لبنان، بما ترسّب من الوطنية المفتقدة لدى الطبقة السياسية، فانصاع الجميع لاستدعائه اياهم الى قصر الصنوبر ليكرز فيهم ويلقّنهم درسا في الوطنية علّها تدفعهم الى تشكيل حكومة جديدة، تتبنى برنامجا اصلاحيا، لا يحتاج اسنباطه عبقرية خاصة، لشدة وضوحها، من فضيحة الكهرباء المتمادية، الى الفساد المالي الاداري، الى التحقيق الجنائي في دور مصرف لبنان، والمعابر الشرعية وغير الشرعية للتهريب الى سوريا، من الدولار الاميركي، الى الفيول، والكبتاغون، وكذا المساعدات الدولية والأممية التي تحولت الى مادة نهب مالي تحت أنف الدولة "القوية" وفوقه.


كان مفاجئاً ان يتجاوب الجميع مع "ارشاد" ماكرون، لا سيما "حزب الله" الذي تمثل بالاعلى مرتبة سياسية لديه، وهو النائب محمد رعد رئيس كتلته النيابية، لكن، وعلى طريقة "خذ وطالب" التي اختطها رئيس تونس الراحل، الحبيب بورقيبة، كان دأب الحزب، منذ صلب عوده، في الثمانينات من القرن الفائت، ان يواجه الأمور، إذا تعقدت،بمنطق تمرير العاصفة، ليطْبق على مسارها لاحقا، اما بحركة مباشرة منه، خصوصا في الشارع، أو بـ"تشغيل" ادواته، كما حين استخرج من قبعه الحاوي "التكتل التشاوري" السنيّ في مجلس النواب، وألحقه بالصاق شتات نواب بالنائب طلال أرسلان لاستيلاد "كتلة ضمانة الجبل"، ليعطل ولادة حكومة العهد الاولى 9 أشهر.


عملت القوى المتمكنة على افراغ المبادرة من محتواها، برغم أنها، تمدد حياة الطبقة السياسية، وتعطي شرعية دولية للحزب، ما اضطر ماكرون إلى العودة، ثم كان أن شجع الرئيس الحريري على التقدم بمبادرة لتشكيل الحكومة. لكن من الواضح أن الحزب يقود، من الخلف، تمديد عمر التكليف حتى تنجلي الصورة الدولية بالإنتخابات الرئاسية الأميركية، لعل موازين القوى تتيح له وضعا أفضل، سواء مع ترامب، إن عاد، أو مع بايدن إن وصل.


في الانتظار، يحاول التحالف الشيعي تثبيت تعديلات على اتفاق الطائف، ليس أقلها شيعية وزارة المال.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

3 تشرين الثاني 2020 17:00