21 تشرين الثاني 2020 | 08:26

أخبار لبنان

التدقيق الجنائي "انسحب" ومفاوضات الترسيم مهدّدة

كتبت "النهار" تقول: أيا يكن مضمون التوجهات والمواقف التي ستتضمنها الكلمة التي سيوجهها ‏رئيس الجمهورية ميشال عون مساء اليوم الى اللبنانيين عشية احياء ذكرى الاستقلال فهي لن ‏تحجب او تقوى على التخفيف من الوقع الصادم للواقع الذي بلغه لبنان في الشهر الأول من السنة ‏الخامسة من عهده حتى لو لم يكن وحده مسؤولا عن الواقع الانهياري. فالواقع السيادي على ‏أولويته الأساسية التي تبرز في هذه المناسبة الوطنية التي سيغيب عنها العرض العسكري ‏التقليدي، كما سيغيب الاستقبال التقليدي في قصر بعبدا، يبدو مهمشا امام تصاعد الازمات ‏المتناسلة في حين كاد اللبنانيون في يوميات الازمات من كورونا الى الازمة الاقتصادية والمالية ‏والاجتماعية، ينسون ان لبنان يرزح تحت وطأة استحقاق عالق مأزوم لتأليف حكومة جديدة ‏أصيب مسارها تأليفها أيضا بالشلل التام. وإذ انكشفت مع الأيام الأخيرة المتاريس السياسية التي ‏سقطت عملية تأليف الحكومة في ساحتها، تصاعدت المخاوف من ان تشكل مؤشرات الانسداد ‏الداخلي مسببات جديدة لعزلة خارجية خانقة لن يحتملها لبنان وستودي به الى مصير اشد قتامة. ‏هذه المخاوف تعززت في الساعات الأخيرة بمجموعة مؤشرات كان اشدها اثارة للصدمة انهاء ‏شركة "الفاريز ومارسال" للتدقيق الجنائي اتفاقها مع وزارة المال اللبنانية للتدقيق في حسابات ‏مصرف لبنان في ما يعتبر سحبا للثقة بالدولة اللبنانية ونهاية للتدقيق الجنائي.‏

ولعل هذه التطورات وفرت صدقية كبيرة للهجوم الجديد البالغ الحدة الذي شنه امس البطريرك ‏الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الدولة والسياسيين من دون استثناء امام ‏مجموعات سيادية من الانتفاضة عشية ذكرى الاستقلال. وقد اعتبر الراعي ان "الدولة لا تبدو ‏معنية الا بالتناحر على الحقائب والحصص وكأننا نعيش في عالم آخر". وقال "ألوم السياسيين ‏لانهم بدل بناء الدولة يعملون على هدمها وهذا ما لن نقبله. فما هذا العمل السياسي؟ نحن نستنكره ‏استنكارا شاملا وكاملا ولا نستثني أحدا. كلهم مسؤولون ولم يبد احد الاستعداد للتضحية بمصالحه ‏في وقت طار كل البلد". وبلغ هجومه الذروة بقوله: "نهبتم الدولة وأمنتم اموالكم ولا تدركون ما ‏هو الجوع والبطالة لانكم تقبضون من دون عمل فكيف سيقبل ذلك الشعب؟".‏

وليس بعيدا من هذا الموقف البطريركي عكس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان ‏كوبيتش تصاعد أجواء الادانة الدولية للتأخير الحاصل في تشكيل الحكومة وذلك عقب كشف ‏كوبيتش عن اجتماع لمجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان عقدته امس في بيروت دون إيضاح ‏تفاصيله. وقال كوبيتش ان الاجتماع "بحث بقلق بالغ تفاقم الازمة المتشعبة في لبنان كما استنكر ‏عدم إحراز تقدم في تشكيل الحكومة وعدم وجود إجراءات أكثر تصميما من قبل مؤسسات الدولة ‏والمؤسسات المالية ". وأضاف بسؤال لاذع : " لم يبدو ان الأجانب يهتمون بعافية ومصير لبنان ‏وشعبه وأنهم قلقون لغياب الإجراءات والمماطلة اكثر من النخب السياسية في البلد؟".‏

صدمة الانسحاب

في غضون ذلك شكل انسحاب شركة "الفاريز ومارسال" من الاتفاق الموقع مع وزارة المال ‏للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان صدمة مفاجئة بعدما كان اتفق بين الشركة ووزارة ‏المال على تمديد مهلة تسليم المستندات والوثائق المطلوبة من مصرف لبنان لفترة ثلاثة اشهر ‏وهو امر عدته أوساط معنية بانه مؤشر فضائحي جديد على انهيار الثقة الخارجية الديبلوماسية ‏والمالية بالدولة أيا تكن تبريرات الدولة لما حصل. وكان عقد إجتماع في قصر بعبدا برئاسة ‏رئيس الجمهورية وحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني والوزير ‏السابق سليم جريصاتي، أعلم وزني خلاله الرئيس عون أنه تلقى كتاباً من شركة "ألفاريز ‏ومارسال" بإنهاء الاتفاق بالنظر "لعدم حصول الشركة على المعلومات والمستندات المطلوبة ‏للمباشرة بتنفيذ مهمتها، وعدم تيقنها من التوصل إلى هكذا معلومات حتى ولو أعطيت لها فترة ‏ثلاثة أشهر إضافية لتسليم المستندات المطلوبة للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان". ‏وقالت مصادر مصرفية متابعة للملف ان مصرف لبنان سلم كل حسابات البنك المركزي الى ‏شركة التدقيق كما انه طلب من الادارات والوزارات، وبموجب كتاب موجه الى وزير المال، ‏السماح برفع السرية المصرفية عن حساباتها، ولتاريخه لم يأت الرد من أي من الوزارات او ‏الادارات على طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وإعتبرت المصادر انه ولو كانت نية ‏ألفاريز ومارسال الحقيقية هي إنجاز مهمتها بالطريقة الصحيحة لكانت وقعت العقد مباشرة مع ‏مصرف لبنان الذي يتمتع بإستقلالية يصونها قانون النقد والتسليف، كما ان العقد الموقع مع ‏الشركة نص على أن عملها سيكون ضمن القوانين اللبنانية المرعية الاجراء وقد سبق ان اكدت ‏من خلال مضمون العقود انها قادرة على العمل ضمن هذه القوانين وإنجاز مهمتها، لتعود وتبرر ‏إنسحابها من العقد بعد الحصول على المعلومات والبيانات اللازمة نتيجة القيود والقوانين اللبنانية. ‏وعلم ان اتصالات أجريت لعقد اجتماع مع ممثل الشركة لكنها لم تحسم بعد علما ان الاجتماع ‏كان سيضم رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال ووزير المال والوزير السابق ‏جريصاتي وممثل الشركة. والهدف من الاجتماع الذي سعى الرئيس عون الى عقده محاولة اقناع ‏الشركة بعدم الخروج من الاتفاق. ولاحقا دارت الاسئلة عن ملكية المستندات التي حصلت عليها ‏الشركة وحقوق التصرف بها.‏

إسرائيل والمفاوضات

ولم تقف سلسلة المفاجآت عند انسحاب شركة التدقيق بل اتسعت لتشمل تهديدا إسرائيليا باحتمال ‏توقف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل علما ان هذا التطور بدا استكمالا ‏للمعطيات التي رافقت جولة الناقورة الأخيرة حول تصاعد الهوة بين الفريقين المفاوضين اللبناني ‏والإسرائيلي حول المساحة التي تعود للبنان. واتهم وزير الطاقة الإسرائيلي يوفان شتاينتس امس ‏لبنان بانه بدل مواقفه سبع مرات في شان ترسيم الحدود البحرية بين البلدين محذرا من "احتمال ‏ان تصل المحادثات الى طريق مسدود وعرقلة مشاريع التنقيب عن محروقات في عرض البحر" ‏‏. وإذ دعا الى "التزام مبدأ الاستقرار وتسوية الخلاف على أساس ما اودعته إسرائيل ولبنان لدى ‏الأمم المتحدة " حذر من ان "أي انحراف عن ذلك سيؤدي الى طريق مسدود ".‏

ورد مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية على وزير الطاقة الإسرائيلي نافيا المزاعم التي اطلقها ‏عن تبديل مواقف لبنان واكد ان موقف لبنان ثابت في ما خَص المفاوضات غير المباشرة في ‏موضوع الترسيم البحري وفقا للتوجهات التي أعطاها رئيس الجمهورية الى الوفد اللبناني ‏المفاوض لا سيما لجهة ممارسة حقه السيادي .‏




النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

21 تشرين الثاني 2020 08:26