1 كانون الأول 2020 | 07:41

أخبار لبنان

‎ ‎‏"الدعم للبنان" تجتمع غداً إنسانياً ... برعاية فرنسية ـ أممية

‎ ‎‏

‏ كتبت صحيفة " الشرق الأوسط " تقول: رغم النكسات المتلاحقة التي أصابت ‏‏"المبادرة" الفرنسية الهادفة إلى إنقاذ لبنان ‏من تردي أوضاعه المالية والاقتصادية ‏والاجتماعية والصحية والسياسية، ‏وتراجع الزخم الذي انطلقت به مباشرة عقب ‏كارثة تفجيرات مرفأ بيروت، فإن ‏الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "مصرّ" على ‏المضي قدماً في جهوده.‏

‏ ‏والدليل على ذلك المؤتمر، الثاني من نوعه، لـ"مجموعة الدعم للبنان"، ‏الذي ‏سيرعاه غداً (الأربعاء) ماكرون بالاشتراك مع أمين عام الأمم المتحدة ‏أنطونيو ‏غوتيريش؛ من أجل توفير المزيد من المساعدات الإنسانية الطارئة ‏للبنان. ‏ويفترض أن يشارك فيه ما لا يقل عن 30 رئيس دولة وحكومة، إضافة ‏إلى ‏مجموعة من الوزراء والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وعلى ‏رأسها ‏صندوق النقد الدولي‎‏.‏

ويأتي هذا المؤتمر الافتراضي الذي سيلتئم عبر تقنية "الفيديوكونفرنس" وسيدار ‏من ‏قصر الإليزيه مباشرة في حين الوضع اللبناني مستمر في التآكل. فلا الرئيس ‏سعد ‏الحريري نجح في تشكيل حكومة جديدة رغم تكليفه منذ نحو أربعين يوماً، ‏ولا ‏الحكومة المستقيلة أثبتت قدرتها على التعامل مع وضع بالغ التعقيد. ولا ‏خطة تنفيذ ‏التدقيق المالي الجنائي بوضع البنك المركزي وضعت على السكة بعد ‏تخلي شركة ‏‏"مارسال أند ألفاريز" عن العقد الذي أبرمته مع وزارة المال ‏اللبنانية، وحجتها أن ‏المستندات التي طلبتها لتحقيق المهمة التي كلفت بها لم تسلّم ‏لها، ولا ترى أنها ‏ستتسلمها في الأشهر الثلاثة الإضافية التي منحت لها. ‏والتدقيق الجنائي شرط من ‏شروط صندوق النقد والأطراف المانحة لمد يد العون ‏للبنان‎‏.‏

وبغياب حكومة جديدة، لا آمال بتحقيق إصلاحات، ولا تفاوض مجدداً مع ‏صندوق ‏النقد الدولي، ولا مساعدات تنتظر، ولا تفعيل لوعود المانحين التي ‏أغدقت على ‏لبنان في مؤتمر "سيدر" الذي عقد في باريس برعاية ماكرون في ‏ربيع عام ‏‏2018. لذا؛ فإن مؤتمر الغد سيركز فقط على المساعدات الإنسانية، ‏وسيكون ‏فرصة، وفق مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية، للنظر فيما ‏تحقق من وعود ‏المؤتمر الأول الذي عقد في 9 أغسطس (آب) الماضي، ‏والتحقق من كيفية صرفها، ‏وتقييم الحاجات الإضافية التي يحتاج إليها ‏المتضررون من تفجيرات المرفأ، إضافة ‏إلى الوضعين الصحي والإنساني. ‏وفي أي حال، وبوجود حكومة أو من غير ‏وجودها، فإن المساعدات لن تمر ‏عبر مؤسسات الدولة؛ الأمر الذي يعكس فقدان ‏الثقة بها وتآكل صورتها لدى ‏الأطراف المانحة‎‏.‏

وكان المؤتمر الأول قد وفر للبنان وعوداً بمساعدات بلغت 250 مليون ‏دولار، ‏وهو مبلغ ضعيف قياساً لما اعتبر خسائر مترتبة على انفجارات المرفأ ‏التي ‏تفاوتت تقديراتها ما بين 5 و10 مليارات دولار‎.‎

تشير الأوساط الفرنسية المتابعة للوضع اللبناني، إلى أن الرئيس ماكرون الذي ‏ندد ‏في مؤتمر صحافي شهير بـ"خيانة" الطبقة السياسية اللبنانية وتراجعها ‏عن ‏الالتزامات التي تعهدت بها للإسراع في تشكيل حكومة جديدة وقبول خطة ‏الإنقاذ ‏الفرنسية والعمل بموجبها، "عازم على الوفاء بوعده للبنانيين" عندما أكد لهم ‏أنه ‏‏"لن يتخلى عنهم". وتجدر الإشارة إلى أنه زار لبنان مرتين في 6 ‏أغسطس ‏وفي الأول من سبتمبر (أيلول)، وأرسل مستشاره للشؤون العربية ‏والشرق ‏أوسطية باتريك دوريل مؤخراً إلى بيروت، وهو شخصياً مواظب على ‏التواصل ‏مع المسؤولين والسياسيين اللبنانيين. ولكن حتى اليوم، ما زال الوضع ‏اللبناني ‏يراوح مكانه إن لم يكن يزداد سوءاً وتعقيداً بحيث انحصر الدور ‏الفرنسي ‏‏"الفعلي" في الجوانب الإنسانية؛ الأمر الذي يعكسه مؤتمر الغد‎‏.‏

ولا تخفي الأوساط المشار إليها "دهشتها وخيبتها من انعدام المسؤولية" ‏لدى ‏سياسيي لبنان، وتغليبهم "المصالح الحزبية والفئوية والطائفية والشخصية ‏على ‏المصلحة العامة‎‏".‏

رغم ما تقدم، فإن باريس ماضية في جهودها، وهي من جهة، تسعى لجمع ‏مزيد ‏من المساعدات الإنسانية إلى لبنان من خلال المؤتمر مع ما يحمله من ‏بعد ‏سياسي و"ضغوط" على الطرف اللبناني. وكان يمكن لماكرون أن يكلف ‏وزير ‏الخارجية أو الاقتصاد مهمة الاضطلاع بالمؤتمر. إلا أنه فضّل أن يقوم ‏بذلك ‏شخصياً من أجل جذب أرفع تمثيل ممكن على المستوى الدولي لمجموعة ‏الدعم ‏للبنان، والدفع باتجاه توفير أكبر قدر من المساعدات؛ نظراً للحاجات ‏اللبنانية ‏الضخمة. وفاقمت جائحة "كوفيد - 19" الوضع الصحي وحالة ‏المستشفيات ‏وقدراتها على التجاوب مع الحاجات الطارئة، وهي أحد الأسباب التي ‏تفسر ‏الإصرار الفرنسي‎‏.‏

من جهة أخرى، فإن ماكرون عازم على زيارة لبنان نهاية العام الحالي. ‏لكن ‏صورة هذه الزيارة "يمكن أن تتعدل وفق التطورات" التي قد تحصل في ‏لبنان ‏لجهة تشكيل الحكومة وعودة مؤسسات الدولة للعمل. فإذا بقي ‏الفراغ ‏المؤسساتي على حاله، فإن ماكرون سيكرس زيارته لتمضية بعض الوقت ‏في ‏إطار أعياد نهاية العام مع الكتيبة الفرنسية العاملة في إطار اليونيفيل في ‏جنوب ‏لبنان. وتجدر الإشارة إلى أن تقليداً فرنسياً يقوم على زيارة كبار ‏المسؤولين ‏‏(رئيس الجمهورية، وزير- ة الدفاع...) الوحدات الفرنسية العاملة خارج ‏البلاد ‏نهاية العام‎‏.‏

وتشدد باريس على أن المبادرة الفرنسية هي "الوحيدة" المطروحة اليوم ‏على ‏الطاولة لإنقاذ لبنان. لذا؛ سيكون لزيارة ماكرون "مدلول" سياسي كبير ‏لجهة ‏التزامه إزاء لبنان، رغم أن "مهلة الأربع أو ستة أسابيع" التي منحها ‏للطبقة ‏السياسية من أجل لتشكيل الحكومة الجديدة، قد انقضت كما انقضت قبلها ‏مهلة ‏الـ15 يوماً التي أعطاها لها بداية سبتمبر بمناسبة اجتماع في قصر ‏الصنوبر، ‏مقر السفير الفرنسي في بيروت‎‏.‏

ولا يبدو اليوم، في ظل التطورات الإقليمية، خصوصاً الأميركية - ‏الإيرانية ‏واستمرار إدارة الرئيس دونالد ترمب في فرض عقوبات على طهران ‏وعلى ‏الأحزاب والجهات الحليفة لها وعلى رأسها "حزب الله"، وتزايد ‏التعقيدات ‏والحسابات الداخلية والرهانات اللبنانية أن باريس، بحسب مصدر فرنسي ‏سياسي ‏غير حكومي "تملك ما يكفي من الأوراق للتأثير في الوضع اللبناني". فلا ‏هي ‏نجحت من جهة في دفع طهران وواشنطن إلى تسهيل مهمتها، ولا ‏هي ‏استطاعت أن "تغري" الأطراف اللبنانية بالمساعدات، ولا أن ‏‏"تردعهم" ‏بالتلويح بفرض عقوبات، كما أنها لم تحصل على مقابل من "حزب الله" ‏الذي ‏أعادت تعويمه. والوعود كافة التي تلقتها، سريعاً ما تبخرت رغم ضغوط ‏كارثة ‏المرفأ والأوضاع المتدهورة وتأكيدها أن مبادرتها "محض اقتصادية‎‏".‏

وفي حين تستبعد المصادر أن يشارك ترمب في المؤتمر، يتوقع أن يصدر ‏عن ‏المؤتمر بيان سيكون شبيهاً جداً ببيان 9 أغسطس. وأهم ما سيحتويه، أنه ‏سيعيد ‏التأكيد على أهمية الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، وعلى ضرورة ‏القيام ‏بالإصلاحات المعروفة والتي تضمنتها الورقة الفرنسية، والتي ما زالت ‏الأسرة ‏الدولية ومجموعة الدعم تطالب بما تضمنته منذ مؤتمر "سيدر" أي قبل ‏عامين ‏ونصف العام، فضلاً عن إعادة تأكيد اهتمام مجموعة الدعم الدائم بمساعدة ‏لبنان‎.‎



الشرق الاوسط

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 كانون الأول 2020 07:41