4 كانون الأول 2020 | 07:57

أخبار لبنان

التفاف على الضغط الدولي ببِدَع توسيع الصلاحيات!‏

التفاف على الضغط الدولي ببِدَع توسيع الصلاحيات!‏

‏ كتبت صحيفة "النهار" تقول: قد يكون اكثر ما استوقف الأوساط المتتبعة لمؤتمر ‏الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني الذي انعقد مساء الأربعاء الفائت، ليس الرسائل ‏السياسية الصارمة الإضافية التي وجهها المؤتمر الى السلطة اللبنانية والسياسيين ‏اللبنانيين حول انعدام الثقة الدولية بهم، وانما اكثر ما يتصل بالفارق الكبير بين ‏رهان المجتمع الدولي على سلطة تنبثق من الشباب اللبناني المتحرّر والمستقل اقله ‏راهنا، واستمرار التعقيدات الداخلية لمنع ولادة حكومة تنحصر تركيبتها بهذا ‏المكون. ذلك انه لم يكن تفصيلا عفويا بل متعمدا ان يقدم الرئيس الفرنسي ايمانويل ‏ماكرون تقديم دور الشباب اللبناني في الكلام على دور الأمين العام للأمم المتحدة ‏أنطونيو غوتيريس ورئيس الجمهورية ميشال عون وسائر رؤساء الدول ‏والحكومات والمنظمات الحكومية المشاركة في المؤتمر بعد إلقاء ماكرون فورا ‏الكلمة الافتتاحية للمؤتمر. ‏

واكتسبت هذه المبادرة دلالات مدوية امس اقله لدى الجهات الديبلوماسية التي ‏رصدت بدقة مجريات المؤتمر والأصداء اللبنانية "المدنية" والسياسية عليه لجهة ‏إعطاء فرنسا والدول الأخرى الأولوية لما يعبر عنه اللبنانيون مباشرة من خلال ‏ممثلي المجتمع المدني والشباب المنخرط في الانتفاضة الشعبية في تجسيد لاقوى ‏التعبيرات الدولية اطلاقا عن العزلة التي تعيشها السلطات اللبنانية والوسط السياسي ‏اللبناني وتخبطهما في تعقيدات الازمات التي تعصف بلبنان. بل ان هذه الرسالة ‏الصارمة أخذت مداها السلبي من خلال افتضاح التعقيدات التي تحبط ولادة ‏الحكومة التي ينتظرها الراي العام الداخلي والمجتمع الدولي والتي تكشفت عن ‏إصرار الجهات النافذة، على رغم كل شيء، على تنصيب وزرائهم في الحكومة ‏العتيدة بدلا من الإفساح لحكومة الاختصاصيين المستقلين التي باتت الممر ‏الحصري للبنان الى بوابة المجتمع الدولي ودعمه المالي والاقتصادي وانقاذه من ‏الانهيار الكبير.‏

والحال ان الصمت السياسي الواسع الذي طبع الردود الداخلية على مؤتمر الدعم ‏الدولي الثاني مقترنا باستمرار الشلل التام في الحركة السياسية المتصلة بمسار ‏تأليف الحكومة عكسا تخبط القوى المنخرطة في ملف تأليف الحكومة في دوامة ‏المراوحة وعدم بروز أي معطيات إيجابية تشجع على توقع ولادة الحكومة في وقت ‏قريب. والحال ان بعض الجهات عادت الى الرهان على ان يشكل اعلان الرئيس ‏الفرنسي ايمانويل ماكرون عزمه على القيام بزيارته الثالثة هذه السنة للبنان في ‏الشهر الحالي (يرجح ان يحدد موعدها بين عيدي الميلاد ورأس السنة) عاملا دافعا ‏بقوة لتحفيز الجهود الآيلة الى نزع المعطلات التي تحول دون ولادة الحكومة قبل ‏نهاية السنة والا سيشكل ذلك ادانة مخيفة إضافية للجهات المعطلة خصوصا بما قد ‏يجعل زيارة ماكرون تقتصر على معايدة القوة الفرنسية العاملة ضمن قوة اليونيفيل ‏من دون ان يلحظ جانبا سياسيا رسميا لزيارته. ومع ذلك لم تعكس المعطيات ‏المتوافرة عن التخبط المستمر في ازمة التاليف أي عامل طارئ إيجابي بل ان ‏معطيات تحدثت عن ان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي كان يزمع فعلا ‏زيارة بعبدا بعد مؤتمر الدعم الدولي الأخير، عاد وتريث في ذلك بناء على ما ‏توافر لديه من أجواء تشير الى ان الفريق الرئاسي (بعبدا والتيار والوطني الحر) ‏ليسا على استعداد لاي تراجع عن شروط من شأنها ان تسقط تماما مبدأ حكومة ‏الاختصاصيين المستقلين التي بات الحريري متيقنا اكثر فاكثر من ان أي تراجع ‏عن طبيعتها سيمنع لبنان من الحصول على دولار واحد من المجتمع الدولي.‏

المجلس "البديل"؟

ولعل بعض المواقف الرئاسية التي صدرت امس تحديدا ، أي بعد اقل من 24 ‏ساعة على صدور البيان الختامي للمؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني وتوصياته ‏المتشددة حيال استعجال تأليف الحكومة الجديدة، شكلت الرد السلبي غير المتوقع ‏من العهد على المؤتمر. فقد شكلت بعض المجريات في الشكل والمضمون التي ‏وأكبت الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية في ‏قصر بعبدا معالم للمحاولات التي تتكاثر منذ فترة لتعويم حكومة تصريف الاعمال ‏الفاشلة او على الأقل تسويغ الاتجاهات لتوسيع صلاحياتها. وفي أوضح تعبير عن ‏هذا الاتجاه وتحت ذريعة الوضع الاستثنائي في البلاد اعتبر الرئيس عون خلال ‏ترؤسه الاجتماع ان "الوضع الراهن في البلاد هو وضع استثنائي يتطلب متابعة ‏استثنائية واتخاذ قرارات لمعالجة هذا الوضع الدقيق". أضاف: "صحيح ان ‏الحكومة مستقيلة وهي في مرحلة تصريف الاعمال الا ان الظروف الراهنة تفرض ‏بعض التوسع في تصريف الاعمال لتلبية حاجات البلاد والمواطنين الى حين تشكيل ‏الحكومة العتيدة". وبررت مصادر معنية موقف عون بانه امام الانسداد في عملية ‏التاليف والعجز عن تعويم حكومة تصريف الاعمال، كان اجتماع المجلس الأعلى ‏للدفاع بمثابة بدل عن ضائع في غياب السلطة التنفيذية. وقالت ان عون بترؤسه ‏هذا الاجتماع والقرارات التي اتخذها "بدا كأنه يرفض التسليم بتكليف وتأليف لا ‏مونة له فيهما او بشلل في السلطة مع حكومة تصريف الاعمال التي علم ان الرئيس ‏دياب يرفض تعويمها لئلا ترمى عليها تبعات المسؤوليات بعدما أصبحت مستقيلة. ‏اما الإطار السياسي المحيط باجتماع المجلس الأعلى فلم يخف الخطورة الأمنية ‏التي كشفتها تقارير الأجهزة الامنية التي عرضت في الاجتماع عن تهديدات جدية ‏عمرها اكثر من شهرين حول اغتيالات قد تطاول شخصيات من مختلف الفئات. ‏وهو ما دفع بهذه الأجهزة الى اتخاذ إجراءات استباقية وتقرر استكمالها. كما ‏تحدثت التقارير عن خلايا إرهابية نائمة تجري مطاردتها وتناولت أيضا تزايد ‏الجرائم نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي.‏

ولم تكن مواقف الرئيس دياب أيضا الا لتصب في هذا الاتجاه اذ قدم مطالعة مسهبة ‏وابرز ما صدر عن المجلس تمديد التعبئة الى نهاية آذار المقبل والطلب الى ‏الأجهزة العسكرية والأمنية ان تكون على أتم الاستعداد لمواكبة فترة الأعياد وتمديد ‏تكليف الجيش تنفيذ مهمات في نطاق مرفأ بيروت.‏

توتر جديد؟

اما على الصعيد السياسي فسجل توتر بين "كليمنصو" و"بيت الوسط" اذ اثارت ‏مواقف لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من المحاصصة الحكومية ‏غمز فيها من قناة الرئيس الحريري بعض الردود "المستقبلية" الحادة عليه. وكان ‏جنبلاط اعتبر ان "لعب الأولاد في التحاصص بين رئيس الجمهورية والرئيس ‏المكلف هو مهزلة واعتقد بالقليل الذي نسمعه ان العرقلة بينهما لانهما لم يتفقا بعد ‏على الأسماء". وقال ان عون وفريقه اخذوا الداخلية والطاقة والدفاع والعدلية ، ‏تقريبا أخذوا مفاصل الدولة جميعها والثنائي الشيعي أخذ المال وشيئا آخر ولا ادري ‏ما هي حصة الآخرين" وسخر مما سماه "مزحة ثقيلة" بإعطاء اللقاء الديموقراطي ‏حقيبة الخارجية او السياحة رافضا الاثنتين. ورد عليه نائب رئيس تيار المستقبل ‏مصطفى علوش فوصفه بانه "ملك المحاصصة الذي ينتقد المحاصصة". وقال ‏‏"الغريب ان الزعيم جنبلاط يعلم ان الرئيس الحريري هدفه حكومة مهمة توقف ‏الانهيار من خارج منطق المحاصصة التي اعتادها الزعيم . فهل يسعى من هذا ‏الى المحاصصة ام تلقى إشارة من كوكب؟".‏



النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 كانون الأول 2020 07:57