8 كانون الأول 2020 | 07:53

أخبار لبنان

كسر الجمود الحكومي.. و"الدعم" يحرّك الشارع مجدداً

كتبت صحيفة " النهار " تقول : ‏‎اذا صح ان لقاء النصف ساعة الخاطف بعد ‏انقطاع ثلاثة أسابيع، يعد تقدما باعتبار انه أدى ‏الى "ربط نزاع" إضافي، ولو ‏واعد، في اجتماع يفترض ان يدوم ويتعمق اكثر في تعقيدات، ‏وربما استحالات ‏مأزق تأليف الحكومة الجديدة، فان ذلك يقود الى خلاصة واحدة هي ان ‏‏"ظهور" ‏الرئيس المكلف سعد الحريري في قصر بعبدا امس أعاد فتح مسار الكلام ولكنه ‏لم ‏يفتح مسار الانفراج. وليس من المغالاة القول ان الأولوية التي احتلت المشهد ‏الداخلي، ‏والمرشحة لاحتلاله في الأيام الطالعة أيضا، تتمثل في تقدم مسألة رفع ‏الدعم عن السلع ‏الاساسية، وهي المسألة الحارقة التي باتت تعني اكثر من ثلثي ‏الشعب اللبناني المنزلق ‏باطراد بأكثريته الى مستويات الفقر والعوز والحاجة بما ‏دفع الأمم المتحدة الى دق ناقوس ‏الخطر حيال كارثة محدقة بلبنان حيال أي رفع ‏مرتجل للدعم او غير مقترن بضمانات ‏اجتماعية. ولذا وطبقا لما أوردته "النهار" ‏امس بدا السباق لاهثا وحارا وخطرا بين التداعيات ‏البالغة الخطورة للازمات ‏المالية والاقتصادية والاجتماعية المنذرة بالانهيار الكبير، وما بين ‏مسار معطل ‏ومعقد لتأليف الحكومة الجديدة وقدرة محدودة لحكومة تصريف الاعمال ‏على تسيير ‏الحد الممكن من الأمور الملحة على غرار ما يجري في محاولات معالجة ‏مسألة ‏الدعم وسط التحركات والاعتصامات وقطع الطرق رفضا لرفع الدعم‎.

ومع ذلك نظرت الأوساط السياسية والديبلوماسية في معظمها الى التحرك الجديد ‏الذي ‏شرع فيه الرئيس الحريري امس بعين إيجابية لجهة انه وضع حدا لفترة ‏الغموض والجمود ‏التي استمرت ثلاثة أسابيع، ولو ان المعطيات التي أملت ذلك ‏الجمود ليست في مرمى ‏الحريري، بل لدى من تسبب برمي الشروط التعجيزية ‏لتعطيل مهمته. كما ان هذا التحرك ‏ولو انه يأتي وسط تنامي الشكوك في امكان ‏تحقيق اختراق جدي من شأنه فتح الباب امام ‏احتمال تأليف الحكومة قبل عيدي ‏الميلاد ورأس السنة اقله كما يوحي الواقع الان، لا يمكن ‏اغفال دلالاته داخليا من ‏خلال استشعار الحريري فداحة سياسة الانتظار فيما البلاد تتقلب ‏على صفيح ‏انهيارات وازمات متصلة ومترابطة، وكذلك خارجيا لملاقاة عودة ‏الاهتمامات ‏البارزة بلبنان من خلال مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني الذي ‏نظمته فرنسا ومن ‏ثم بدء الاستعدادات للزيارة الثالثة التي سيقوم بها الرئيس ‏الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان ‏قبل نهاية السنة، وكذلك من خلال احتضان ‏الاتحاد الأوروبي مجتمعا للمبادرة الفرنسية بما ‏شكل مظلة واسعة لها ويوسع اطار ‏الالتزامات اللبنانية باستعجال تشكيل الحكومة وفق ‏معايير هذه المبادرة‎.‎

والحال ان نتائج زيارة الحريري امس لقصر بعبدا لم تخالف التوقعات المسبقة ‏التي ‏استبعدت ان يحقق اللقاء نتائج إيجابية تتجاوز اطار عودة التواصل المباشر ‏بين الرئيسين ‏اللذين تطبع علاقاتهما موجات جفاف وتباينات عميقة حول تأليف ‏الحكومة كما تختبئ وراء ‏هذا الجفاف حرب باردة مكشوفة بين الحريري والرجل ‏النافذ في العهد العوني النائب ‏جبران باسيل. وإذ لم يدم الاجتماع بين عون ‏والحريري سوى نحو 25 دقيقة بدا الحريري لدى ‏خروجه متجهما واكتفى بالقول ‏للصحافيين:" تشرفت بلقاء فخامة الرئيس وتشاورت معه ‏والأربعاء سأعود في مثل ‏هذا الوقت وسيكون هناك لقاء نحدد فيه الكثير من الأمور ‏الأساسية ان شاء الله‎".‎

‎ ‎

تحرك ولا أوهام

ووفق المعطيات المحيطة باللقاء، فان مجرد حصوله يؤشر الى تحرك جديد في ‏عملية ‏التاليف. وقد جرى نقاش بينهما حول الأسباب التي أدت الى توقف التواصل ‏كما عرضت ‏بسرعة الحلول الممكنة للعقد التي تحول دون التأليف. وتشير هذه ‏المعطيات الى ان ‏الحديث تناول بعض الأسماء وبعض الوزارات وطرح تعديل ‏على توزيع بعض الحقائب مثل ‏التربية والطاقة، كما طرحت أسماء ولكن ليس ‏بشكل نهائي. ولم يتوصل الرئيسان الى ‏تصور نهائي ولذلك سيستكملان البحث ‏الأربعاء في ضوء مشاورات سيجريها كل منهما من ‏دون ان يعني ذلك ان لقاء ‏الأربعاء سيشهد ولادة الحكومة وانما ثمة افق لتقدم في هذا ‏الاتجاه‎ .‎

وتزامن هذا اللقاء مع صدور مواقف فرنسية ومصرية متطابقة من الوضع في ‏لبنان ‏خصوصا لجهة استعجال تشكيل حكومة جديدة. وفي مؤتمر صحافي مشترك ‏امس مع ‏الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاليزيه اكد الرئيس ‏الفرنسي ايمانويل ‏ماكرون ان "لبنان يعاني اليوم من عدم تنفيذ المسار السياسي ‏المطلوب" وقال "يجب الا ‏يبقى الشعب اللبناني رهينة بيد أي طبقة سياسية". اما ‏السيسي فدعا كل القوى السياسية ‏اللبنانية الى تشكيل حكومة تواجه مشاكل البلاد ‏وقال "نحن لن نتخلى عن لبنان‎".‎

وبدا لافتا في هذا السياق ان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري ‏وزع ‏معلومات عقب لقاء بري مع وفد من ممثلين للأمم المتحدة والبنك الدولي ‏والاتحاد ‏الأوروبي مفادها ان "المجتمع الدولي بأسره هو مع لبنان وان لا احد في ‏العالم يمكنه ان ‏يصدق التأخير الحاصل في ملف تأليف الحكومة ولو ليوم واحد. ‏فتأليف الحكومة اليوم قبل ‏الغد يمثل شرطا أساسيا لمقاربة كل العناوين وخصوصا ‏في ظل تدهور الأوضاع ‏الاقتصادية والمالية والمعيشية والصحية على نحو كارثي‎ ‎‎".‎

والواقع ان شبح الكارثة الاجتماعية بدأ يتخذ بعدا ملموسا ووشيكا مع بدء العد ‏العكسي ‏لاجتراح حلول "ترشيدية" للدعم يراد لها ان تبقي الدعم ضمن اطر ‏مدروسة ومضبوطة بدل ‏إلغائه بما ينذر باشعال احتجاجات واضطرابات اجتماعية ‏خطيرة. وبرزت امس صورة ‏مشدودة للغاية في هذا المشهد اذ عمت اعتصامات ‏وأعمال قطع طرق عصرا ومساء في ‏العاصمة والعديد من المناطق اعتراضا على ‏الغاء الدعم فيما شهدت السرايا الحكومية ‏استنفارا واسعا سيتواصل طوال اليوم ‏أيضا. وقد رأس رئيس حكومة تصريف الاعمال ‏حسان دياب اجتماعا وزاريا ‏موسعا بحضور حاكم مصرف لبنان خصص للبحث في خطط ‏الوزارات لتنظيم ‏كلفة الاستيراد والدعم على ان تستكمل الاجتماعات اليوم في اطار ورش ‏عمل ‏تفصيلية يرأسها كل وزير مع القطاعات المعنية في نطاق عمل وزارته. ‏وستتواصل ‏الاجتماعات التي قد لا تصل الى بت الخطط نهائيا قبل نهاية الأسبوع‎ .‎

‎ ‎

الحاكم

ولوحظ ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة غادر الأجتماع باكرا قبل انتهاء ‏الوزراء من تقديم ‏تصوراتهم وبدا منزعجا ورفض الإجابة على أسئلة الصحافيين‎.‎

يشار في هذا السياق الى تطور اثار تساؤلات واسعة حول أهدافه ومأربه وتمثل ‏في ‏استدعاء النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الحاكم ‏رياض سلامه ‏للمثول أمامها الخميس للاستيضاح منه في ملف الهدر الحاصل في ‏الدولار المدعوم‎.‎

وفي غضون ذلك حذرت وكالتان تابعتان للأمم المتحدة من ان الغاء الدعم في لبنان ‏من ‏دون ضمانات لحماية الفئات الأكثر ضعفا سيصل الى حد كارثة اجتماعية. ‏وجاء في مقال ‏رأي لممثلة صندوق الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف في لبنان يوكي ‏موكو والمديرة ‏الإقليمية لمنظمة العمل الدولية ربى جرادات "سيكون تأثير الغاء ‏دعم الأسعار على الأسر ‏الأكثر ضعفا في البلاد هائلا ومع ذلك لا يوجد شيء ‏تقريبا للمساعدة في تخفيف ذلك .. ‏ومن الأهمية بمكان ان ندرك ان اجتياز لبنان ‏لمنحدر آخر الآن من دون وضع نظام شامل ‏للضمانات الاجتماعية أولا سيلحق ‏كارثة اجتماعية بمن هم اكثر ضعفا‎"‎



النهار


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 كانون الأول 2020 07:53