المصدر:"النهار "
بدأت الشكوك تتعاظم حيال العشرة أيام المقبلة الفاصلة عن موعد وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في زيارة هي الثالثة له منذ آب الماضي، وتعكس في دلالاتها اهتماماً نادراً لرئيس أكبر دولة أوروبية بلبنان، إلى حدّ بات معه اللبنانيون يشعرون بأنّه القيّم الأول على طموحاتهم وإنهاء معاناتهم في مقابل حالة يأس كاملة من طبقتهم الحاكمة والسياسية. ومبعث الشكوك يتّصل بمسار تأليف الحكومة الجديدة الذي عاد إلى التأزّم والجمود والتوتر بما يثير الشك العميق في الآمال المتجدّدة على ولادتها قبل22 كانون الأول الحالي موعد زيارة ماكرون للبنان. وزادت الشكوك في الساعات الماضية جرّاء الشلل الذي عاد يطبع المشهد الداخلي وانعدام المؤشرات التي توحي بإمكان التوصل قريباً إلى تأليف الحكومة.
وإذا كانت الأيام العشرة المقبلة ستشكّل اختباراً حاسماً للمعنيين بالمأزق الحكومي وفي مقدمهم العهد لإخراج الحكومة من دوامة التعجيز والمماطلة والتعقيد والتعطيل قبل وصول الرئيس الفرنسي، فإنّ ثمة من بدأ يتحدث عن ارتدادات بالغة السلبية على مستوى البلد ككل في حال استمرار الانسداد، لأنّ زيارة ماكرون إذا لم تنجح ضمناً في حيث المعطلين على الإفراج عن الحكومة والكفِّ عن استرهانها للعبة قضم المكاسب أو لتمرير الوقت الضائع، فإنّها سترسل أسوأ الرسائل الخارجية هذه المرة وسيصعب التكهّن بمدى فداحة التداعيات بعد ذلك. ولعلّ ما زاد المشهد قتامة وغموضاً أنّ التطورات الأخيرة المتعلقة بتداخل العوامل السياسية والقضائية في ملف التحقيقات القضائية في انفجار مرفأ بيروت زادت الطين بلّة وأضافت عامل تشنّج واحتقانات إلى المناخ الداخلي بما زاد التعقيدات على مسار تأليف الحكومة في ظل تبادل الاتهامات حول استعمال القضاء لتصفية الحسابات السياسية.
وبدا لافتاً، في هذا السياق، أنّه غداة عاصفة الرفض الواسع لادّعاء المحقق العدلي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وما تركته من تداعيات، سارع القصر الجمهوري إلى الرد على الأصوات الكثيرة التي ارتفعت مطالبة بشمول التحقيق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نفسه على خلفية اعترافه أنّه اطّلع قبل انفجار المرفأ على وجود كميات من "نيترات الأمونيوم" في مرفأ بيروت. وأفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أنّ المرة الأولى التي اطّلع فيها رئيس الجمهورية على وجود هذه الكميات كانت في 21 تموز الماضي من خلال تقرير للمديرية العامة لأمن الدولة وطلب فور الاطلاع عليه من مستشاره الأمني والعسكري متابعة مضمون التقرير مع الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع وهذا ما تم بالفعل وفقاً للقانون والأنظمة المرعية .
وفي أي حال، فإنّ عاصفة التداخل بين الملفات السياسية والقضائية وإن انحسرت نسبيّاً في الساعات الأخيرة، فإنّ تداعياتها تٌنذر بمزيد من الأضرار خصوصاً حيال القضاء وتحديداً في شأن التحقيق العدلي الجاري في انفجار المرفأ. وترصد الأوساط المعنية بكثير من الحذر مآل التحقيقات في الأيام المقبلة في ظل ما سيقدم عليه المحقق العدلي في حال امتناع الرئيس دياب والوزراء السابقين الثلاثة علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، الذين شملهم ادّعاء القاضي صوان، عن إعطاء إفاداتهم والمثول أمامه بما سيفتح باباً واسعاً لصراع سياسي قضائي.
ووسط هذه الأجواء الساخنة، جاءت مواقف جديدة لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لترسم ملامح تصعيد آخر، إذ اتسمت مواقفه بنبرة نارية من الرئيس ميشال عون وعهده. وقد شنّ جعجع هجوما حادّاً على رئيس الجمهورية، محمّلاً إيّاه مسؤولية قوّة "حزب الله " في الداخل اللبناني. وقال، في لقاء مع المنتشرين في العالم العربي وأوروبا وأفريقيا عبر تطبيق "زوم"، إنّ "هناك من يكذب على اللبنانيين منذ ثلاثين سنة وقد ظننا في العام 2016 أنّ هذا الفريق إذا وصل إلى السلطة سيتغيّر إلّا أنّه على العكس ازداد تمسّكاً بالسلطة". ورأى أنّه "كانت هناك فرصة لعهد ميشال عون أن يكون الأفضل، ولكن تبيّن أنّهم كلما وصلوا إلى السلطة طالبوا بالمزيد وربما سيطالبون بالبابوية في المستقبل". واعتبر أنّ "حزب الله" اختار التحالف مع الأكثر فساداً بدءاً بـ"التيار الوطني الحر".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.