15 كانون الثاني 2021 | 08:27

أخبار لبنان

‏ "سكتة سياسية" في عز المواجهة مع الوباء

كتبت صحيفة "النهار" تقول: بدأ لبنان امس ما يمكن اعتباره المحاولة الأخيرة الأكبر والأخطر ‏لمنع تكريس واقعه كأحد البلدان النماذج الأعلى كارثية في العالم في مواجهة جائحة كورونا بعدما ‏تجاوزت نسب الإصابات وحالات الوفاة فيه في الأسابيع الأخيرة المستويات العالمية الاسوأ ‏اطلاقا. واذا كانت حالة الطوارئ الصحية التي بدأ تنفيذها امس مع تدابير منع التجول والاقفال ‏العام تحتاج الى أيام عدة للحكم على مستوى الجدية في التزام إجراءاتها سواء من جانب المناطق ‏والمواطنين او من جانب الدولة بمؤسساتها وأجهزتها وقواها العسكرية والأمنية المعنية بتنفيذ ‏الإجراءات والسهر على التزامها بحزم، فان التقديرات الاستباقية المستندة الى المراحل السابقة لا ‏تبدو متفائلة ابدا في اجتراح اختراق حقيقي من شانه خفض مستويات الكارثة الوبائية التي كان ‏من ظواهر تفاقمها ان أدخلت رؤساء الطوائف الى المعترك بقوة لتوجيه نداءات ذات خلفيات ‏دينية الى المواطنين لالتزام إجراءات الحماية وعدم التسبب بالعدوى للآخرين.‏

ولكن "الفاجعة" الحقيقية لا تقتصر فقط على الاعداد القياسية المحلقة يوميا للاصابات والوفيات ‏او على ما كشفه مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي الدكتور فراس ابيض من ان ‏أربعة مرضى بكورونا أصيبوا في الساعات الأربع والعشرين السابقة بسكتات قلبية من بينهم ‏شاب يبلغ من العمر 19 سنة، بل في السكتة السياسية القاتلة التي ألمت بدولة بدت كأنها اختفت ‏فعلا طبقا للمخاوف المتكررة التي سبق لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ان أبداها ‏قبل ان تنحسر الوساطة الفرنسية بدورها تحت وطأة مخطط إفشالها المنهجي الذي تولاه فريق ‏تعطيل تأليف الحكومة الجديدة. فالواقع السياسي المواكب لانطلاق المواجهة اللبنانية الفاصلة مع ‏الوباء المتسع والمنتشر في كل انحاء لبنان لم يكن مرة بمثل هذه الصورة الدراماتيكية والسوداوية ‏حتى في حقبات الحروب. وطبع الشلل الكامل حركة المقار الرئاسية والسياسية باستثناء بعض ‏اللقاءات في عين التينة ربما للرد على موجة الشائعات الكاذبة عن صحة رئيس مجلس النواب ‏نبيه بري الذي سيرأس بعد ظهر اليوم جلسة مجلس النواب في قصر الاونيسكو لاقرار قانون ‏الاستخدام الطارئ للقاحات.‏

اما في بعبدا فلم يسجل أي نشاط فيما الرئيس سعد الحريري موجود في الإمارات وسط ترجيحات ‏لقيامه بجولة قد تقوده الى مصر وفرنسا. وعكس هذا الشلل، مع غياب أي مشاورات ووساطات ‏متصلة بالازمة الحكومية، مناخات بالغة السلبية بدأت الكواليس السياسية تتداولها حيال احتمال ان ‏تكون الازمة الحكومية تحولت قسرا وبفعل متعمد من فريق تعطيل تاليف الحكومة الى ازمة ‏نظام من خلال الانقلاب المتدرج على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة. وابدت ‏مصادر سياسية بارزة ومعنية بمجريات الازمة لـ"النهار" مخاوف كبيرة من التداعيات التي ‏أفضى اليها الهجوم السياسي والشخصي الحاد بحيث باتت الازمة بلا أي ضوابط وانتفت كل ‏الوساطات وأسقطت الواحدة تلو الأخرى ووضعت البلاد امام ازمة مفتوحة تماما لا افق زمنيا ‏وسياسيا لا داخليا ولا خارجيا من شأنه ان يضع حدا لها بما ينذر بتحلل بقايا القدرة الرسمية ‏الفعلية على مواجهة اخطار الانهيارات والأزمات التي يغرق لبنان في مصائبها. ولفتت المصادر ‏في هذا السياق الى ان احتواء التصعيد من الافرقاء السياسيين لم يعد يشكل ضمانا كافيا للحد من ‏التداعيات الخطيرة للازمة السياسية بعدما بات اجهاض تشكيل الحكومة الجديدة التي تعتبر باب ‏الإنقاذ الوحيد للبنان من مصير كالح، يحتم خروج جميع القوى من مخابئ النأي عن صراع ‏افتعله العهد وفريقه السياسي ووضع البلاد في ظله امام امر واقع مخيف.‏

التزام...…ولكن !‏

اذاً دخلت البلاد امس مرحلة الاقفال التام والشامل لمحاولة حصر تفشي وباء كورونا ومد الجسم ‏الطبي والاستشفائي ببعض الوقت والاوكسيجين ليلتقط انفاسه ويتمكن من الصمود. وفي اليوم ‏الاول من الاقفال الذي يستمر 10 أيام سجلت نسبة كبيرة ومشجعة جدا للالتزام بالإقفال في ‏معظم المناطق اللبنانية بما فيها في المخيمات الفلسطينية وقدر مدير شعبة العلاقات العامة في ‏قوى الامن الداخلي العقيد جوزف مسلم نسبة التزام الاقفال بـ 94 في المئة ، علما ان زحمة سير ‏صباحية سجلت على الطرق بفعل انتشار حواجز القوى الأمنية . اما اذونات الخروج من المنزل ‏لغير المستثنين من الاقفال، فطبعها تخبّط كبير يوجب اصلاحه وحلّه لتأمين التقيد بهذه الآلية في ‏الأيام المقبلة. ولكن المفارقة البالغة السلبية تمثلت في ان اليوم الأول من الاقفال سجل في نهايته ‏أسوأ الاعداد الصادمة للاصابات مع رقم قياسي جديد للاصابات بلغ 5196 إصابة وأعلى رقم ‏يومي للوفيات سجل منذ وصول الجائحة الى لبنان بلغ 41 حالة. وسجلت وزارة الصحة في هذا ‏السياق ارتفاع نسبة الفحوصات الإيجابية للاصابات بكورونا لكل مئة فحص الى 17.6 في ‏المئة. وبات معلوما ان هذه الأرقام والاعداد والنسب التي تتقدم أسوأ النسب العالمية تعزى الى ‏كثافة الإصابات واتساعها على نطاق واسع في كل لبنان كما الى الواقع الاستشفائي الخطير الذي ‏تعانيه المستشفيات جراء حالات الاكتظاظ امام أقسام الطوارئ وفي الأجنحة وغرف العنايات ‏الفائقة.‏

وفي حين يأتي الاقفال في ظل تفاقم الازمة المعيشية والاجتماعية اعلن وزير الشؤون الإجتماعية ‏والسياحة رمزي مشرفية ان إقرار مجلس أمناء البنك الدولي القرض المخصص لدعم شبكة ‏الأمان الاجتماعي بقيمة 246 مليون دولار "سيمكننا من زيادة عدد المستفيدين من برنامج الاسر ‏الاكثر فقراً إلى ما يقارب 200 ألف عائلة" وشدد على ان "مساعدة الأسر الفقيرة واجب وطني ‏وحقٌّ مكرّس للمواطن على دولته". كما أعلنت الهيئة العليا للاغاثة، في بيان، أنه "استنادا إلى ‏قرار وزارة المال دفع مساعدة مالية بقيمة 75 مليار ليرة لبنانية كسلفة خزينة للهيئة العليا ‏للإغاثة، وتنفيذا للخطة الاجتماعية الهادفة إلى مساعدة الأسر التي ترزح تحت أوضاع معيشية ‏حادة بسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا قامت الهيئة بتحويل كامل المبلغ إلى حساب ‏خزينة الجيش، واعتمادا إلى آلية تم وضعها من قيادة الجيش والادارات المعنية في الدولة، ‏واستنادا إلى جداول إسمية يعدها الجيش والادارات المختصة وفق مبدأ الأولوية والحاجة".‏

قانون اللقاحات

في المقابل، تتجه الانظار الى مجلس النواب الذي يلتئم بعد ظهر اليوم في الاونيسكو لاقرار ‏قانون يتيح للبنان استيراد لقاحات كورونا وعلى رأسها لقاحات شركة فايزر، وسط مطالبات ‏بفتح باب الاستيراد للقطاع الخاص ومن اكثر من شركة . وعشية الجلسة لفت نقيب الأطباء ‏شرف أبو شرف الى ان لجنة الصحة النيابية كانت قد ناقشت هذا المشروع ووضعت فيه الأطر ‏القانونية والطبية لحماية المواطنين، خصوصا ان الدول الغربية بدأت بإعطاء اللقاحات ضد وباء ‏كورونا منذ شهرين،‏ والمضاعفات السلبية من حرارة بسيطة أو وجع ‏في العضل، قليلة جدا.‏

وقال في بيان "ان نقابة الأطباء تطالب السادة النواب بربط مشروع قانون اللقاحات بمعايير ‏المواصفات والجودة المتوفرة في بلد المنشأ، وبربطها بالشروط نفسها التي تطبقها الدول ‏الأوروبية، حفاظًا على صحة وحقوق المواطن والدولة" .‏


النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

15 كانون الثاني 2021 08:27