رغم الخسائر التي منيت بها العديد من الصناعات والخدمات خلال عام 2020، تحت وطأة تفشي جائحة كورونا، واضطرار المستهلكين إلى التباعد الاجتماعي والتزام المنازل؛ إلا أنه لهذا السبب كانت تطبيقات الويب هي الرابح الأكبر خلال عام جائحة كورونا، على رأسها تطبيقات الترفيه، لا سيما تطبيقات العرض المنزلي.
فقد حقق عملاق البث الترفيهي "نتفليكس" (Netflix) صافي أرباح وصل إلى 2.761 مليار دولار، وفق تقريرها المالي لعام 2020، كما حصدت عددا غير مسبوق من المشتركين حول العالم؛ بلغ 204 ملايين مشترك، منهم 36 مليون خلال العام الماضي فقط.
واجهت نتفليكس منافسة حامية عام 2020 أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع توجه شركات الإنتاج الكبرى إلى إطلاق منصاتها الخاصة للعرض الإلكتروني، وتوسعها في إنتاج وعرض المسلسلات والأفلام والبرامج المنافسة، فقد أمضت هوليود السنوات القليلة الماضية في الاستعداد من أجل مستقبل البث عبر الويب، إذ قدمت كلٌ من "ديزني" (Disney) و "إن بي سي يونيفرسال" (NBCUniversal) و"وارنر ميديا" (WarnerMedia) خدمات البث عبر الإنترنت، ويقدمون خلالها أعمالهم الأصلية، التي كانت في الماضي تمثل أبرز مقتنيات مكتبة نتفليكس الفنية، وعنصر جذب رئيس لمشتركي نتفليكس.
وبسبب التنافسية العالية من منصات البث الأخرى، خاصة مع سحب وانتهاء حقوق عرض العديد من برامج وأفلام نتفليكس، توقع خبراء "وول ستريت" (Wall Street) ألا تزيد اشتراكات نتفليكس خلال نهاية العام 2020 عن 6.1 ملايين مشترك؛ إلا أن "نتفليكس" تجاوزت التوقعات بزيادة تفوق 2 مليون مشترك جديد، وحققت 8.5 ملايين اشتراك جديد خلال الربع الرابع من عام 2020.
كما ساعدت عمليات الإغلاق في جميع أنحاء العالم، واضطرار الجمهور إلى المكوث في منازلهم على تعزيز عمليات الاشتراك في منصات البث بشكل كبير، واستفادت "نتفليكس" من الازدهار العام لصناعة الترفيه المنزلي، بإضافة العديد من العروض الحصرية التي أنتجتها، وحققت انتشارا حول العالم، كان أبرزها الموسم الرابع من "التاج" (The Crown)، و"مناورة الملكة" (The Queen’s Gambit)، و"بريدجيرتون" (Bridgerton) عالميا، وقالت نتفليكس أن هذه العروض حققت نجاحا كبيرا بين جمهورها؛ لتصبح أكثر العناوين مشاهدة في تاريخها.
أدركت نتفليكس أنها استنفدت فرصها في سوقها الأول في الولايات المتحدة، لا سيما بعد أن رفعت أسعار اشتراكاتها، وفي الوقت نفسه حولت انتباهها إلى جذب المشتركين في أسواق أخرى حول العالم.
فعلى نطاق الشرق الأوسط أنتجت "ما وراء الطبيعة" (Paranormal) من مصر، وطرحت أكثر من 150 عنوانا عربيا من الشرق الأوسط؛ منها مجموعة أفلام يوسف شاهين، وبعض المسرحيات المصرية الكلاسيكية والسينما اللبنانية و"شمس المعارف" من المملكة العربية السعودية، ومجموعة الأفلام السعودية القصيرة "6 نوافذ في الصحراء". إلى جانب العروض والإنتاجات الحصرية لسينما جنوب وشرق آسيا، بالإضافة إلى إنتاجاتها الأوروبية التي فتحت لها المجال خلال السنوات الأربعة الماضية؛ مما فتح لها أسواقا جديدة خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية.
وقالت نتفليكس إن 83% من مشتركيها الجدد في 2020 جاؤوا من خارج الولايات المتحدة وكندا، خلال الربع الرابع، إذ جاءت أكبر مكاسب اكتتاب الشركة من منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا ، حيث أضافت 4.46 ملايين مشترك من هذه الأسواق، فيما أضافت 860 ألف مشترك جديد فقط في الولايات المتحدة وكندا خلال هذه الفترة.
وحققت "ديزني+" (+Disney) في نهاية 2020 زيادة بنحو 23% عن آب من العام نفسه؛ ليصبح عدد مشتركيها حول العالم 73.7 مليون مشترك، فيما يتزايد عدد مشتركي منصة "هولو" (Hulu) داخل الولايات المتحدة بشكل ثابت نسبيا بنحو 1.5 مليون مشترك كل 3 أشهر، ووصل عدد مشتركيها داخل القارة الأميركية الشمالية إلى 36.6 مليون مشترك فقط.
وتواصل نتفليكس تعزيز وجودها في أسواقها الجديدة في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا من خلال شراء واقتناء وإنتاج عدد من البرامج والمسلسلات، التي تجذب جمهور هذه الأسواق فضلا عن إنتاجاتها الأوروبية والأميركية التي تحقق نجاحا ملحوظا بين بقية شرائح الجمهور في الخارج.
وتكتسب نتفليكس ميزة أخرى لا تملكها منصات البث المنافسة هي ميزانية المحتوى الضخمة، والتي سمحت لها بزيادة الإنتاج بشكل كبير مقارنة بمنافسيها. إذ أعلنت الشركة مطلع العام الجاري أنها ستطلق 71 فيلما في 2021؛ أي ما يعادل فيلما جديدا واحدا على الأقل كل أسبوع.
ربما تحتفظ نتفليكس بصدارة منصات البث؛ لكن يبدو أن عليها القلق بشأن الأسواق الجديدة التي افتتحتها خلال السنوات الماضية في حال قررت المنصات المنافسة خوضها، وفتح المجال أمام جمهور هذه المنصات للاشتراك فيها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.