صدر عن جمعية تجار بيروت البيان الآتي:
"مرّة أخرى، تجاوب التجار من دون تردّد مع قرار الإقفال العام للمساهمة في الحدّ من إنتشار وباء كورونا، وعانوا من توقّف تام لنشاطاتهم وإنعدام كامل لمداخيلهم، دون أن يصدر عنهم أي شكوى أو إعتراض، وذلك تحسّساً منهم بالمسؤولية الوطنية في محاربة هذه الجائحة التى تفتك بلبنان والعالم أجمع في هذه المرحلة الحرجة.
ذلك مع العلم أن القطاع التجاري، المنكوب أصلاً والمتضرّر أكثر من سواه، لم يكن يوماً مصدراً لإنتشار الوباء، لا بل كان على الدوام السبّاق في الإلتزام بكافة إجراءات الوقاية والسلامة، بشهادة السلطات اللبنانية كما وكبريات شركات الرقابة الدولية، لا سيما في ظل ندرة الزبائن في زمن الركود والضيقة، وعلى ضوء التقشّف في أعداد الموظفين بطبيعة الحال الأليم؛ والكل شاهد على عدم وجود أي ظاهرة إكتظاظ داخل المحال والمؤسسات التجارية، أو التسبّب بأي حالات عدوى جماعية، على عكس قطاعات وإدارات أخرى حيث الكثافة والإختلاط وإرتفاع المخاطر أدّوا الى ما وصلنا إليه من ذروة وبائية.
فالمنطق يملي على المسؤولين، الذين تأخروا كثيراً في إتخاذ التدابير ووضع البرامج الوقائية الملائمة لمواجهة إنتشار الوباء وتجهيز المستشفيات وتوعية المواطنين والتشدّد في إجراءات التقيّد بالقرارات والبروتوكولات الوقائية، أن يدركوا بأن النشاط الإقتصادي والإعتبارات الصحية هما في كفّة واحدة، إذ أنه لو هوى الإقتصاد - كما هو الحال بإضطراد حاضراً، لن يبقى للدولة أي مصادر إيرادات للخزينة - رغم كل بنود المداخيل التفاؤلية الملحوظة في مشروع موازنة 2021، ولن يبقى أي موارد تخوّلها متابعة الجهود في محاربة الوباء والتجهيز الصحي الإستباقي إذا ساءت الأوضاع أكثر لا سمح الله.
لا بل بالعكس، فإن الإستمرار بإقفال مصادر الرزق أو ما تبقّى منها، سوف يصحبه تسارع دراماتيكي في وتيرة إقفال المحال والمؤسسات، وتعاظم في نسبة البطالة وإختفاء فرص العمل - اليومي منها والمنتظم على حدّ سواء، وتهاوٍ إضافي في قدرات الأسر الشرائية، وإرتفاع صاروخي في معدّل الفقر، وسقوط الهيكل المتداعي على رؤوس الجميع.
فعلينا أن نتنبّه الى أن الإقتصاد الوطني بشكل عام، والقطاع التجاري بشكل خاص، يمثلان البنية التحتية التى يقوم عليها القطاع العام، بما فيه الموارد المخصّصة للنظام الصحي. وإن سقوط النشاط الإقتصادي سوف يؤدّي حتماً الى كارثة فيما تبقّى من مالية الدولة.
هذا ولا سيما أن دولتنا لا تملك أدنى المقوّمات التى تسمح لها بتقديم أي دعم أو مساعدة لمتضرّري الإقفالات المتكرّرة ولا سيما التجار منهم، كما هو الحال في معظم الدول حيث بلغت التعويضات للأفراد والمؤسسات ما يسمح لهم بالإستمرار والصمود. علماً بأن دُولاً عظمى - كفرنسا مثلاً، باتت تتأنّى في إتخاذ قرار إقفال جديد نظراً لضخامة وزر هكذا إقفال، على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي، رغم إمكانياتها وإحتياطياتها، مع التذكير بدور القطاع التجاري المركزي في صناعة هكذا قرار.
لذا، ومع الإدراك الشديد لدى جمعية تجار بيروت ولدى كافة جمعيات تجار المحافظات والمناطق والنقابات ولجان الأسواق والمجمّعات التجارية في لبنان، لضرورة إتخاذ الجهات المعنية في الدولة كافة الإجراءات لمواجهة تفشّي الوباء والحفاظ على أرواح المواطنين، جئنا اليوم لنطالب المسؤولين بصرف النظر نهائياً عن القرار المحتمل لتمديد الإقفال العام في المؤسسات والمحال التجارية. فهي الأقل تسبّباً بالإزدحام أو المجاورة الإجتماعية وهي الأشد إلتزاماً بكافة التدابير والبروتوكولات الوقائية. وذلك لأنه ينبغي إعادة الروح لما تبقى من نشاط إقتصادي وتحريك للدورة التجارية الحيوية للدولة والمجتمع.
بناءً على ما سبق، ونظراً الى الحاجة الماسّة لتفادي الأعظم على المستويين الفردي والجماعي، تتقدّم جمعية تجار بيروت، نيابة عن المجتمع التجاري، بطلب إعادة مزاولة النشاط التجاري إبتداءً من يوم 8 شباط الجاري، أي بعد مرور شهر كامل على الإقفال، وذلك بالدوام الكامل إذا أمكن، أم بدوام جزئي إذا إقتضت الضرورة، وبكافة الأحوال بقوى عاملة مقلّصة، أي بنصف عديد الموظفين مثلاً. مع التأكيد على التقيّد بكافة مندرجات البروتوكول الصحي الموضوع من قِبل الجهات المختصة، (وصولاً الى إجراء فحوصات PCR دورية للموظفين)، ومع الطلب الملحّ بالإقتصاص من المخالفين، من أفراد أو مؤسسات.
كما نجدّد المطالبة بقيام الدولة من جهتها بتقديم الدعم والمساعدات الضرورية لتغطية التضحيات والتكاليف المكبّدة، إن لجهة القيام بتسوية ضريبية شاملة للعام 2019 وما قبل، وإلغاء الرسوم والضرائب لفترات النكبة (أي سنوات 2020 و2021) والدعم بنسبة مئوية معيّنة (على سبيل المثال 20% من رقم الأعمال أو 80% من المعاشات المتوجّبة)، وذلك للحفاظ على إستمرارية المؤسسات التجارية وديمومة العمل فيها.
وفي حال تعذّر الدعم النقدي المطلوب، يمكن للدولة أن تستعيض عنه بتقديم تنزيل ضريبي Crédit d’Impôt، أي خصم المساعدات التى كان يتوجّب صرفها من قِبل الدولة، من الضرائب والرسوم التى ستستحق على المؤسسات والمحال في الفترات المقبلة.
ونحن كلّنا ثقة بأن المجلس الأعلى للدفاع ورئاسة الحكومة ووزارة الصحة ووزارة الداخلية واللجنة المختصّة بكورونا سوف ينظرون بكل جدية لتلك المطالب ويبادرون، بالتنسيق مع جمعية تجار بيروت والهيئات الإقتصادية، الى إتخاذ قرار إعادة مزاولة النشاط التجاري في 8 شباط الجاري، وذلك تمهيداً لبداية حملة التلقيح المنوي إطلاقها في الأيام القادمة.
إن القطاع التجاري على إهبة الإستعداد للمساهمة في صياغة وإعتماد برنامج واضح ودقيق للـ"خروج من الحجر"، مع تقييم مستمر للتأثير المادي والمعنوي والصحي، وبالأرقام، على النشاط الإقتصادي والدورة التجارية وحركة الأسواق والمستهلكين، وذلك مراعاةً لمقتضيات المصلحة العامة".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.