كتب نقيب الصحافة عوني الكعكي في "الشرق":
يبدو أنّ الحملة الإعلامية، وفي جميع وسائل الإعلام المكتوبة منها والمسموعة، حتى في الصحافة الإلكترونية، التي شُنّت ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مستمرة تصاعدياً، على الرغم من أنّ مُطلقيها، لم يتمكنوا حتى اليوم من إثبات أيّ من هذه التهم، كما يبدو جليّاً أنّ هذه الحملة وصلت الى كل من فرنسا وسويسرا، في سيناريو مُفَبْرك، محكم الخيوط.
أبدأ من فرنسا، حيث قاد هذه الحملة، المدير العام الفاشل السابق لوزارة المال، الذي ظلّ صامتاً أكثر من عشرين عاماً، متناسياً أنه كان موجوداً في مصرف لبنان، وموجوداً في الوقت نفسه في وزارة المالية، وكان يطمح لتولي منصب الحاكمية، يؤازره في ذلك صديقه رجل المال والبنوك، والصديق الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان يتوق بدوره لتسلم مركز الحاكمية أيضاً، ومعهما سفير فرنسا في لبنان سابقاً، والذي بات يحتل مركز مدير المخابرات الفرنسية، ويقود خلية لبنان فيها...
هؤلاء اجتمعوا، إذ أنّ السفير السابق ورجل المال يسكنان في المنطقة السابعة بباريس، حيث كانا يجتمعان مع نخبة من الشيوعيين واليساريين المتطرفين ومعهم مجموعة من الفاشلين والمنظّرين الذين لا عمل عندهم، إلاّ التجريح والإساءة للناجحين.. على فكرة فإنّ الفاشلين يتمنون لو أنّ كل الناس كانوا فاشلين مثلهم. كلهم كانوا يعملون ضد رياض سلامة فلماذا؟ لأنه هو ناجح وهم فاشلون.
نعود الى قصة التركيبة المفبركة، الغريب العجيب، أنّ وزيرة العدل تحمّست في البداية ثم تراجعت بعدما اكتشفت أنّ القصّة مركّبة والإتهامات باطلة، لكنها أرْسلت الأوراق الى المدعي العام التمييزي الذي بدوره قام بواجبه واجتمع بالحاكم واستوضح منه بعض المعلومات. وهنا قلب الحاكم الطاولة، على تلك المجموعة التي أرسلت هذه التركيبة عن طريق مجموعة في سويسرا عملهم «تركيب أفلام» للإساءة الى الحاكم وابتزازه، ولكن سرعان ما انفضحوا، خصوصاً عندما أعلن الحاكم أنه سيتوجّه الى جنيڤ لمقاضاتهم.
بالله عليكم 400 مليون دولار تُـحَوّل من بيروت الى جنيڤ، وبعد سنتين استفاق البنك، فراح يسأل عن هذا التحويل، وهنا يجب أن نتوقف عند بعض الأمور:
1- ان أي دولار يُحَوّل من أي بلد الى بلد ثانٍ يجب أن يمر عبر أميركا. فالسؤال هنا هل أميركا غير مكترثة بتحويل مبلغ بهذا الرقم؟
2- السؤال الكبير: لماذا لم يتم السؤال في الوقت الذي تم فيه التحويل، أي منذ سنتين.. ولماذا الإنتظار هذه الفترة؟
3- من يقف وراء هذه العملية وإثارة هذه القضية اليوم؟
أصبحت اللعبة مكشوفة، إذ ان الخوف من الاستاذ رياض سلامة، يعود للأسباب التالية:
أولاً: الاستاذ رياض سلامة حاكم مصرف لبنان مرشح رئيسي لرئاسة الجمهورية الى جانب قائد الجيش الجنرال جوزاف عون الذي هو في الوقت نفسه مرشح لرئاسة الجمهورية، وهو مرشح رئيسي وجدّي أيضاً.
ثانياً: كانت هناك مؤامرة كبيرة على القطاع المصرفي، وكانت هناك النيّة أن تتفق كل البنوك وتتحمّل جميعها ديون الدولة، على أن يُصار الى السماح لـ5 بنوك جديدة، رأسمال كل بنك 200 مليون أي انهم كانوا يريدون شراء 180 مليار دولار، وهو ثمن البنوك اللبنانية مع ودائعها بـ مليار دولار. هذه الخطة بالتأكيد أُسْقِطَتْ وللأسف يوم تمنّعت الدولة عن دفع ديون اليورو بوند. وكان المستحق ملياراً ومائتي ألف دولار، كانت جزءًا من الخطة التي أساءت الى سمعة البنوك اللبنانية في الخارج، وذلك إستعداداً للقضاء على هذا القطاع الأنجح في لبنان.
ثالثاً: في وقت بلغت خسائر الكهرباء وحدها الـ50 مليار دولار، وبالتأكيد فإنّ المسؤول الأول هو الوزير «المدلّل» جبران باسيل. وهنا أؤكد أنّ الفاشل يرى الآخرين فاشلين.
رابعاً: لقد كان من حظ لبنان وحظ مصرف لبنان أيضاً، أن تُسند حاكمية المصرف في مسيرته بعد «الطائف» وتحديداً في العام 1993 الى شخصيّة إستثنائية في ظروف إستثنائية هو رياض سلامة القادم من عالم المال. ومع ولاية سلامة المستمرة حتى تاريخه بدأ عصر جديد في مسيرة وتاريخ مؤسّسة مصرف لبنان، مرحلة تستحق أن يؤرّخ لها لما حملته من مفاهيم ساهمت في إعادة بناء القطاع المصرفي اللبناني وفي استقرار الليرة اللبنانية وتثبيت سعرها. لقد ارتفعت إحتياطات المصرف من 1.4 مليار دولار عام 1992 الى أكثر من 36 مليار دولار (إشارة الى أنّ الإحتياطي انخفض بسبب الدعم والأزمة الحالية الى 19.5 مليار دولار من دون احتساب الذهب).
خامساً: إنّ سبب التراجع في الإحتياط، عائد الى تعطيل الدولة، (عامان ونصف مرّا من دون إنتخاب رئيس لينتخب عون بعدها)، إضافة الى حرب العام 2006 التي كبّدت لبنان 15 مليار دولار مع خمسة آلاف قتيل وجريح من الشعب والجيش والمقاومة.
كل ما حدث ويحدث، لا يمكن أن يلغي دور الحاكم سلامة... ولا يسعني إلاّ أن أختم قائلاً:
رياض سلامة شامخ كالسنديانة... لا تهزّه الرياح.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.