محمد نمر - نداء الوطن
يستعيد الوزير السابق جبران باسيل سياسة "الجنرال" في عامي 1989 – 1990. لا شيء يخسره بعدما خسر صورته السياسية وطموحه الرئاسي. كـ"أحجار الدومينو" سقطت علاقاته مع القوى السياسية التي ساهمت في ايصال عمه إلى سدة الرئاسة، وأتته الضربة القاضية بعقوبات "ماغنتسكي" ليتحوّل إلى رجل محاصر. وعلى قاعدة "أنا الغريق فما خوفي من البلل"، يكمل باسيل محاولاته لجذب الأميركيين إلى مقايضة: "الحكومة... مقابل رفع العقوبات".
منذ أن استقال الرئيس سعد الحريري، بعد ثورة "17 تشرين"، وباسيل يحاول أن يثبت قدرته على ادارة البلاد من غرف رئاسة الجمهورية. تُرك له ولـ"حزب الله" الحكم أكثر من سنة، بحكومة كان فيها عمه وصياً على رئيسها، ولم تفلح في تحقيق اي انجاز يخفف من معاناة اللبنانيين، بل ازداد الحصار قساوةً إلى حد العزلة عن المجتمعين العربي والدولي، ولامس الدولار عتبة الـ 10 آلاف وتفشى "كورونا"، وعاد صانع الاغتيال إلى الأرض.
ومنذ نحو 125 يوماً على اعلان الحريري موقفه بأنه "رئيس مكلّف بلا جميلة حدا"، ترك العهد كل المهمات المطلوبة منه وبات شغله الشاغل: "إبعاد الحريري عن رئاسة الحكومة".
دخل الحريري العملية من دون تنازلات. فـ"وزارة المالية للشيعة" كان قد تجرع كأس سمّها، ووضع الاسم الذي يراه مناسباً من دون أي اعتراض فرنسي أو شيعي. ومنذ ذلك اليوم بقي عدّاد التنازلات: صفر. ولم يترك العونيون سلاحاً إلا واستخدموه لكسر التكليف:
- رفض باسيل اللقاء مع كتلة "المستقبل" قبل التكليف، وكلّف نواب التكتل بذلك، سعياً إلى لقاء مباشر مع الحريري.
- استخدم رئاسة الجمهورية وأخّر الاستشارات الملزمة.
- دفع عمّه إلى القاء خطاب قبل الاستشارات كاد أن يقول فيه للنواب: "لا تكلفوا الحريري".
- رفع شعار الميثاقية غير الدستوري، وسقط مع تكليف الحريري بـ 65 صوتاً بينهم 22 مسيحياً.
- خضع للأمر الواقع، وترأس باسيل كتلته في الاستشارات غير الملزمة، مطالباً بعدها بحكومة تكنو – سياسية بحثاً عن كرسي له فيها، فأتت الصيغة بالتوافق على حكومة مصغرّة من اختصاصيين لا كرسي له فيها.
- عاد جبران إلى غرف القصر لتعطيل التشكيل بسلاح "توقيع رئيس الجمهورية"، بحثاً عن "الثلث المعطل". فبرزت تناقضات دستورية وسياسية. مرّة "الوطني الحر" لا يريد المشاركة في الحكومة، ومرّة يريدون وزراء عونيين يسميهم رئيس الجمهورية، علماً أن الرئيس لا يحق له بحصة وزارية (حسب كلامه في ولاية الرئيس ميشال سليمان).
- ذهب إلى فيديو "الكذب الشهير"، ليعود ويكذّب النائب سيزار أبي خليل القصر ويقول "إن عون سلّم الحريري ورقة".
- عادت البدع الدستورية، وأوصل الافلاس باسيل إلى حد "تغيير الدستور والنظام" في وقت يعيش فيه اللبنانيون معاناة غير مسبوقة. وأصر على اللعب على وتر التدقيق الجنائي الذي تم التوافق عليه في مجلس النواب، واستكمل عبر قضاته فتح ملفات لا نتائج لها ولا هدف سوى وضع مسؤولين أخصام تحت خانة "الفاسدين".
من يراجع معارك العهد، يلحظ أنه في حالة انفصام عن الواقع ولا يقرأ إلا في كتاب جبران باسيل، فيما الأخير لم يقرأ ما ذكره الوزير السابق غسان حاصباني أنه بحسب "احصاءات انفوبرو فإن 88% من اللبنانيين همّهم الحماية من "كورونا" وكسب الرزق وإحياء الاقتصاد" وليس "الثلث المعطل" ورفع عقوبات "ماغنتسكي".
الخلاصة: العهد إنهار وباسيل يفشل في انقاذ نفسه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.