شاءت سخرية القدر أن تكون الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد رجل الاستقلال الثاني على بعد أيام من مراسم تشييع الناشط والمفكر لقمان سليم. إنه لواقع مؤلم ومثير للسخط، أنه وبعد 16 عامًا، لا زال القتلة يقتلون، والمعطلون يعطلون، وأننا بتنا نعيش في نموذج "لا دولة" هشة متهالكة يحكمها سلطويون "أقوياء".
مسلسل التعطيل.. تابع!
المعطلون هم هم، لا أُصلحوا ولا تغيّروا، هم أنفسهم الذين فرضوا معادلة "عون رئيسًا أو لتكن حربًا" في الـ89، عادوا ليفرضوا معادلة "عون رئيسًا أو ليكن فراغًا رئاسيًا" في العام 2014، بعد أن استباحوا الدستور بما فيه بفرضهم معادلة "لعيون صهر الجنرال عمرها ما تكون حكومة" في العام 2009. هؤلاء، هم هم، يطلون اليوم علينا ببدعة "الثلث المعطل"، وكأنما بلغوا من الوقاحة حدّ المطالبة بتكريس نهجهم التعطيلي عرفًا دستوريًا.
آخر وجهاتهم "جهنم".. و"بئس مصيرهم"
"وعدهم الصادق" أنهم بشروا بجهنم وأوفوا الوعد، أوصلوا البلاد إلى الدرك الأسفل منها، وأرسوا لبنان بموضع العداء لحاضنته العربية، وفرضوا فوق الحصار السياسي حصارًا اقتصاديًا. استنزفوا احتياطي المركزي بتهريبهم العابر للحدود، وبوعود الكهرباء 24/24 التي ضاعت في دهاليز وزارة الطاقة وأروقتها البرتقالية، لتهتز أركان النقد اللبناني وتتهاوى الليرة فاقدةً 6 أضعاف قيمتها خلال بضعة أشهر.
كانت نافذة أمل متمثلةً بـ"سيدر" وبضعة مليارات من الدولارات كانت لتكفينا لانقاذ أنفسنا من جهنمهم الإنعزالية، ولكنهم بتعطيلهم أغلقوا هذه النافذة أيضًا. هم أنفسهم عطلوا تشكيل الحكومة التي أعقبت إقرار "سيدر" لـ9 أشهر، وأخروا إقرار الموازنة لـ20 جلسة، أي لـ7 أشهر، وافتعلوا حادثة قبرشمون التي أخرت جلسات الحكومة لما يزيد عن شهرين.
الجميل في كل ما تقدم أن السحر انقلب على الساحر، وكلٌ وقع في شر أعماله، فالمعطلون الوطنجيون جعلوا من تعطيلهم وتناقضاتهم وكذبهم وقودًا وحطبًا لجهنمهم التي باتوا فيها يحترقون، والقتلة غرقوا بدم ضحاياهم وخُنقوا بكاتم صوتهم، وبقي رفيق الحريري نهجًا وإيمانًا في نفوس مئات الآلاف، وحلمًا سيتحقق بوطن أكثر عدلاً وحريةً وعروبةً، بقي رفيق الحريري، كما كل قافلة شهداء الحرية، فكرةً، والأفكار لا يقتلها الرصاص.
ميرنا سرور
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.