13 شباط 2021 | 12:55

هايد بارك

رفيق الحريري حلم طالما انتظرته عكار - زياد علوش

رفيق الحريري حلم طالما انتظرته عكار - زياد علوش



كتب زياد علوش:

مع كل غياب يزداد حضورك فينا ايها الرئيس الشهيد رفيق الحريري

ستة عشر عاماً ؛ وَما يَنفَكّ مِنْكَ الدّهْرُ رَطْباً… وَلا يَنفَكّ غَيْثُكَ في انْسِكابِ.

مطلع ثمانينات القرن الماضي دعي شبان وشابات عكار الحائزين على شهادة "البكالوريا" القسم الثاني اللبنانية بفروعها المختلفة لاجتماع توجيهي في التخصص الجامعي في قاعة دائرة الاوقاف الاسلامية في حلبا حينها انبرى للكلام شاب مفوه ممشوق القامة بهي الطلة عرف نفسه بأنه مبعوث لرجل اعمال اسمه رفيق الحريري أخذ على عاتقه اتمام تعليم المتفوقين الذين لم تسعفهم ظروفهم المادية على نفقته الخاصة وكان السؤال عن التخصص الئي سيتوجه اليه الطلاب الجدد تراوحت الإجابات بين الطب والهندسة في معظمها فما كان من المبعوث الا ان تحدث عن الحاجة لاختصاصات مختلفة سيتطلبها الواقع اللبناني بعد الحرب حينها لم يكن اتفاق الطائف قد تم ولغة الرصاص كانت هي السائدة وهكذا اقتحم رفيق الحريري لبنان ومنه عكار.

كان رفيق الحريري على دراية تامة بمشروعه النهضوي وتحسين ظروف حياة اللبنانيين بشكل دائم وكانت عكار على موعد مزدوج مع الامل زيارة الرئيس رفيق الحريري للمحافظة التي هي في قلبه وهي في قلب المستقبل وانطلاق عملية التنمية من ضمن المشروع الوطني العام في الاولى حالت قوى الوصاية والامر الواقع دون اتمام الزيارة وفي الثانية العام 2005 حال الاغتيال الجبان دون انظلاق المشروع.

اغتيل الرئيس الشهيد في اوج العطاء بل انه بلغ مرحلة كانت تتسارع فيه تلك الشخصية بالحضور المحلي والاقليمي والدولي بشكل لم يعد بقدرة المجرمين احتماله.

ونحن في 14 شباط الذكرى السنوية السادسة عشر للإغتيال الجبان يصادف تشكيل هيئة جديدة لمنسقية تيار المستقبل في عكار ينبغي ان يكون السؤآل كيف نحقق الحلم الئي انتظرته "عكار" وفق رؤية المؤسس؟

للإجابة عن هذا السؤأل ينبغي معرفة مشروع رفيق الحريري الوطني الحضاري بدقة وكذا ابجديات الفقه التنموي واصوله كممارسة ونظريات ونحن في خضم تحد وطني كبير تشكل فيه مبادرة الرئيس سعد الحرير الحكومية على اساس المبادرة الفرنسية ربما الفرصة الاخيرة

العام 2000 كان بداية العد العكسي للأستقلال الثاني فيه دُحر الأحتلال الأسرائيلي بعد ان وفر "تفاهم نيسان"العام 1996 الغطاء الدولي اللازم بفاعليته العملانية والميدانية,ليفتح النقاش حول الوجود السوري في لبنان,وليتيح المجال امام انتخابات داخلية اكثر تعبيراً للأحجام السياسية الحقيقية,وفيه ايضاً انتقلت رئاسة المنصة السلطوية السورية من الأب للأبن ومعها مقاربات جديدة للداخل اللبناني ساهمت في توسيع رقعة المعارضين للنظام الأمني القديم الجديد,ولما كان الرئيس الشهيد يقارب شخصية لبنان الأعتبارية من باب سرقة الأستقلال من سوريا دون كسرها لأيمانه العميق بقدرة لبنان الصغير على مساعدة الشقيق الكبيير سوريا,كما تساعد ماليزيا 25 مليون نسمة اندونيسيا 250 مليون نسمة,كان لا بد له ان يلج التحرير من باب انتخابات العام 2000 ألتي اعتقد انها فرصة ذهبية لتوسيع هامش الأستقلالية الوطنية,من اجل ذلك اعد برنامج وطن تضمنه مشروعاً سياسياً وأقتصادياً,كان عنوانه الرئيسي في السياسة البحث عن اعادة بناء الدولة

,بعد انتخابات العام2000 اطلق الرئيس الشهيد شعاري:تحرير النظام الديموقراطي ورفض الدولة البوليسية بصرخته المدوية بمجلس النواب عندما طالب بعودة العماد ميشال عون الى لبنان واطلاق سراح الدكتور سمير جعجع,مقرونة بصرخة ضد التنصت على المكالمات الهاتفية,والشعار الثاني تحرير الدولة من الديون حيث جابهه الخصوم بتكريس مكانة الدولة الأمنية والأصرار على الأبقاء على ورقة الدين في وجهه!؟

هل “عكار” مستعدة لطرح البدائل التنموية ؟

في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي وتفشي جائحة كورونا والانفلات الامني والتسيب القضائي والتركيز على البعدين الصحي والاجتماعي قد يرى البعض ان مثل هذة الطروحات ليس اوانها الا انه على العكس من ذلك بغياب الرؤية والفعل الوطني العام االمتعلق ببناء الدولة فإن الانتظار العكاري لم يعد ممكناً وبات يهدد حياة ومستقبل العكاريين في الصميم وان اللحظة حاسمة لاتخاذ المبادرات الممكنة لإغتنام الفرص البديلة.

يسابق الرئيس سعد الحريري في سعيه لتأليف حكومة اختصاصيين مستقلين الزمن للحفاظ على الكيان اللبناني وهو يعلم وفق المدرسة الحريرية أن “لبنان” بتعقيداته الطائفية بلد موضع التباس هوية دائم ! السوآل التالي: كيف يتم بناء الدولة ، على طريق اعادة الاعتبار لفكرة الوطن؟ بمقومات سياسية واقتصادية واجتماعية ودستورية؟ ان لبنان بموقعه يحتاج الى ظروف موآتية تمكنه من انشاء دولة فيها حدود معينة من الاستقرار “السياسي والاقتصادي والاجتماعي” يرتكز فيه استقرار هذا المثلث، السياسي منه، على النظام الديموقراطي وتطبيق الدستور. والاقتصادي الى مفهوم دور لبنان المميز اقتصادياً في المنطقة، واجتماعياً على اعادة انتاج الطبقة الوسطى .

التمويل وحده لا يكفي لصناعة الانماء حتى ولو كان استجابة لبعض المشاريع المطروحة في عكار ما لم يرتبط برؤية استراتيجية لتحقيق هدف مركزي محدد وذلك يقتضي اولاً بتحديد الوجه الافتصادي غير النمطي لعكار والذي يتم بصورة عشوائية متسرعة تقوم على الرغبات اكثر منها على الدراسات الموضوعية المتخصصة ونقصد بالتخصص انه على الجهات التي تدعي ذلك على ارض الواقع وتكرر نفسها على المستوى النظري عليها اصداق النوايا وتحديث اساليبها ومعطياتها خاصة بعد التغيرات المهمة التي طرأت على الواقع العكاري واللبناني والمحيط الجيواستراتيجي.

على وقع مؤتمر "سيدر" والتعميم الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء رقم 56-2017 المتعلق بإنشاء لجان فنية في المحافظات كافة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وكافة الوزراء حيث طرحت المشاريع والطلبات في اجتماع عقد خصيصاً لمحافظة عكار في الحادي عشر من شهر آيار 2017 في السراي الحكومي بحضور رؤساء الاتحادات والبلديات التي تضم أكثر من 18 عضواً، تواتر حينها التسريب عن عقد جلسة حكومية في مطار رينيه معوض العكاري يخصص لتمرير مشاريع المحافظة المستجدة،

السؤال الداهم هو عن الجهة المخولة رسمياً وشعبياً القادرة على تقديم الطروحات والبدائل التنموية الممكنة وضمن اية رؤية ومعايير قابلة للقياس.

لا شك ان كل المرجعيات العكارية معنية لا سيما الحزبية منها ومنسقية عكار في تيار المستقبل في طليعتها بالمطالبة ورفع الصوت وتقديم الرؤى التنموية الهادفة لصاحب القرار والمرجعية السياسية منذ تأسيس المنسقية تناوب على رئاستها العديد من المنسقين على الشكل التالي:مصطفى هاشم،حسين المصري،بعدهما قسمت الى ثلاث منسقيات في الجومة عصام عبد القادر وفي القيطع سامر حدارة وفي الدريب خالد طه وعقب المؤتمر العام الثاني للمستقبل اعيد توحيد المنسقية برئاسة خالد طه واليوم هناك منسقية جديدة برئاسة عبد الإله زكريا حيث الآمال معقودة على تقديم طروحات تنموية جديدة لم تقدم عليها اي من المنسقيات السابقة.

الأركان الأساسية للمشكلة الإقتصادية:

يتشكل النظام الإقتصادي من مجموعة من المؤسسات التي تعنى بحل المشكلات الإقتصادية والتي تستند الى أساس فلسفي أو نظري (المذهب ألإقتصادي), كما أن أي نظام إقتصادي عليه أن يبحث عن إجابة محددة للأسئلة التالية والتي تشكل في مجموعها الأركان الأساسية للمشكلة الإقتصادية, وتمثل في الوقت نفسه الوظائف الأساسية لأي نظام إقتصادي.

ماذا ننتج من السلع والخدمات؟(تسمية الناتج كماً ونوعاً)؟: ويقصد به ترتيب الإنتاج كماً ونوعاً بحسب الأهمية وذلك لأن الموارد محدودة نسبياً والحاجات التي تقابلها متزايدة ومتعددة , كما أن أي مورد إنتاجي له إستخدامات عدة بديلة (البدائل الإنتاجية).ولمزيد من التوضيح في شرح الانظمة الرئيسية الثلاث(الرأسمالية،الاشتراكية،الاسلام) مع شيئ من الخصوصية، يمكن الرجوع لكتابنا تحت عنوان”لبنان التنمية آفاق وتحديات”

يكثر استخدام مصطلح التنمية في لبنان عامة وعكار خاصة على غير هدى معرفي!؟

ما التنمية ؟ ما المداخل الممكنة للاقتراب من التنمية كمفهوم و كممارسة أيضا ؟ و ما أنواعها في ضوء التحولات والانفتاحات المستمرة التي يعرفها هذا المفهوم ؟ و هل من تعريف موحد و شامل للتنمية ؟ وبعد, هل من نموذج مثالي أو وصفة جاهزة لإعمال مقتضيات التغيير التنموي؟

ربما يكون من الأجدى دوما نثر مثل هذه التساؤلات و نحن نهم بمقاربة الفعل التنموي ، وربما ينفرض بقوة على البحث العلمي والعملي بالتنمية ، أن يعيد طرح هذه التساؤلات و على أكثر من صعيد أملا في الفهم و الاحتواء . فالمدخل المحتمل للاشتغال على التنمية معرفيا يكون بدءا عبر التحديد المفاهيمي الذي ينبغي أن يكون إجرائيا بالأساس .

يمكن القول بأن التنمية و بالرغم من كل التطور الذي عرفته من حيث المناهج و المباحث العلمية والمقاربات الممارساتية ، ستظل مفهوما بلا نموذج ، إنها تؤشر الى الكثير من الآليات و التدخلات ، لكنها في نفس الوقت لا تؤشر الى أي وصفة جاهزة لبلوغ المستوى المطلوب للتنمية ، فلكل مجتمع تنميته المناسبة له ولإمكانياته ومن المتعذر جدا الوصول إلى تعريف موحد و شامل للتنمية ، مؤكدين بأن التنمية بصفة عامة هي صيرورة سياسية و اجتماعية و اقتصادية منسجمة و متناسقة تستهدف تحسين شروط الحياة بشكل دائم

بدأ مصطلح التنمية يتداول على أوسع نطاق ، لقد كانت مصطلحات من قبيل التطور والنمو والتقدم المادي والاقتصادي والتحديث والتصنيع أكثر استعمالاً، و ذلك إلى حدود نهاية الحرب العالمية الثانية ، لكن بعدما وضعت الحرب أوزارها، وصار العالم مقسماً ، أصبح مفهوم التنمية حاضراً بقوة في مختلف النقاشات السياسية و العلمية ، بل إنه صار تخصصاً علمياً خالصاً في إطار سوسيولوجيا التنمية و مبحثاً حيوياً في كثير من المعارف الأخرى كالجغرافيا و الاقتصاد و الزراعة والإدارة الترابية .

التطور المعرفي الذي شهده المفهوم سيقود نحو مزيد من التخصص الذي فرضته أسئلة التنمية على المستوى الواقعي، بحيث لم يعد الحديث مقبولاً عن التنمية بشكل مغرق في العمومية والشمولية ، وهذا ما استوجب تفريع التنمية إلى واجهات عدة للاشتغال ، كالتنمية المحلية والتنمية الاقتصادية والثقافية والسياسية والزراعية والقروية ..

و بالطبع فالتوسع المعرفي يفترض من جهة ثانية نحتاً متواصلاً لمقاربات جديدة ، و هذا ما أفضى إلى إبداع مقاربات و آليات اشتغال متنوعة لإعمال التنمية واقعياً في المشهد المجتمعي .

التنمية في نشأتها وامتدادها التاريخي كنظرية وكممارسة ستدفع بالعديد من مثقفي العالم الثالث وغيرهم في الستينيات من القرن الماضي إلى إمعان النظر في إشكاليات التخلف و التبعية بحثاً عن النموذج الأنسب لتحقيق التنمية، و في هذا السياق اشتغل سمير أمين على نظرية المركز والمحيط محاولاً الوصول إلى فهم الأسباب التي تكرس التبعية والتخلف وتمنع من تحقيق التنمية والتحرر .

سنة1986صدر إعلان الحق في التنمية الذي تؤكد المادة الأولى منه على أن ” الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف ، و بموجبه يحق لكل إنسان و لجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الإنسان و الحريات الأساسية إعمالاً تاماً ” . كما أن المادة الثانية من هذا الإعلان توضح جيدا بأن ” الإنسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية ” و في ذلك دليل قاطع على وجوب القطع مع المقاربات الاقتصادوية للتنمية التي تراهن على الأرقام و المؤشرات المالية فقط ، بما يعني ذلك من أن التنمية هي مشروع تغييري شمولي يستهدف الرفع من شروط و ظروف الحياة المجتمعية برمتها .

تنطوي التنمية في أبلغ صورها على إحداث نوع من التغيير في المجتمع الذي تتوجه إليه ، و بالطبع فهذا التغيير من الممكن أن يكون مادياً يسعى إلى رفع المستوى الاقتصادي والتكنولوجي لذات المجتمع،وقد يكون معنوياً يستهدف تغيير اتجاهات الناس وتقاليدهم وميولهم،فالأمر يتعلق إذن بعمليات هادفة محدودة في الزمان والمكان تراهن على التغيير الإيجابي طبعا،إن التنمية في مختلف أشكالها وتصوراتها تستهدف أبعاداً مفتوحة على ما هو لوجيستيكي أو ما هو معنوي تقود ختاماً نحو تغيير السياسات والممارسات والمواقف .

لكن تعريف التنمية يظل مرتبطاً دوماً بالخلفية العلمية والاستراتيجيات النظرية ، فعلماء الاقتصاد مثلا يعرفونها بأنها الزيادة السريعة في مستوى الإنتاج الاقتصادي عبر الرفع من مؤشرات الناتج الداخلي الخام ، في حين يلحّ علماء الاجتماع على أنها تغيير اجتماعي يستهدف الممارسات والمواقف بشكل أساس،وهذا ما يسير على دربه المتخصصون في التربية السكانية . إنه لا يوجد تعريف موحد للتنمية،إنها ترتبط بالتصنيع في كثير من الدول، وترمز إلى تحقيق الاستقلال في أخرى،بل يذهب الساسة مثلا وصفها بعملية تمدين تتضمن إقامة المؤسسات الاجتماعية و السياسية ، بينما يميل الاقتصاديون إلى معادلة التنمية بالنمو الاقتصادي ، وهذا الاختلاف الذي يبصم مفهوم التنمية هو الذي سيدفع بعدئذ إلى عمليه استدماج مفاهيمي تلح على أن التنمية هي كل متداخل و منسجم ، و أنه تكون ناجعة و فعالة عندما تتوجه في تعاطيها مع الأسئلة المجتمعية إلى كل الفعاليات المعبرة عن الإنسان و المجتمع ، عبر مختلف النواحي الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية والبيئية ….ذلك أن الاقتصار على البعد الاقتصادي في تعريف التنمية يظل قاصرا عن تقديم المعنى المحتمل للتنمية ، و لهذا فالتنمية لن تكون غير تحسين لشروط الحياة بتغييرها في الاتجاه الذي يكرس الرفاه المجتمعي

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

13 شباط 2021 12:55