كتب خالد الرفاعي:
خسر لبنان في الرابع عشر من شباط عام 2005 رَجُلاً بحجم وطن اسمه رفيق الحريري،رفيق الصغير قبل الكبير،رفيق الفقير والغني،رفيق الصديق والعدو،رفيق الطوائف والأديان،رفيق الخير والأمل والعطاء،رفيق لبنان أولاً والعالم الخارجي ثانياً.
خافوه فقتلوه لأنه كان معارضاً لمشاريعهم السياسية والإقتصادية،استهدفوا موكبه حيث كان حينذاك رئيساً للحكومة بالقرب من فندق سان جورج على الكورنيش،انفجرت شاحنة مفخخة و دمرت الموكب واستشهد 21 شخصاً مع رفيق الحريري و أصيب أكثر من 220 و دمرت عدة مبانٍ و احترقت عدة سيارات و دفنوا جميعم بالقرب من مسجد محمد الأمين.
كقنبلة نووية تلقى اللبنانيون خبر استشهاد رفيق الحريري،عمّ الحزن جميع المناطق و ارتدى لبنان الأسود على رحيله،زحف الناس إلى الشوارع تعبيراً عن غضبهم مطالبين بكشف الفاعلين و إظهار الحقيقة مع العلم أن الحقيقة واضحة لكن غطاء المصالح قد لعب دورة، كثرت الإتهامات والظنون و أصبح كل فريق يرمي التهمة على الآخر.
خرجت سوريا من لبنان بعد 30 عاماً من الوصاية الأمنية والسياسية التي فرضتها دمشق و انقسم اللبنانيون إلى معارضة و موالاة و بدأت معركة الإتهامات و بدء الوضع الأمني يتزعزع في لبنان و ذلك مع استمرار مسلسل الإغتيال الذي لم يتوقف عند الشهيد رفيق الحريري بل طال الكثير من الشخصيات نستذكرهم اليوم لأنهم رفاق درب الشهادة مع رفيق الحريري و قد أطلق عليهم اسم شهداء ثورة الأرز(سمير قصير،جورج حاوي،جبران تويني،بيار الجميل،وليد عيدو،أنطوان غانم،وسام الحسن،محمد شطح،وسام عيد،فرانسوا الحاج).
ارتبط اسم الشهيد رفيق الحريري بشكل وثيق بلبنان و بمرحلة إعادة الإعمار ما بعد الحرب الأهلية و بشبكة علاقات دولية نسجها و وظفها لصالح بلده الذي اعتبر أنّ لا أحداً أكبر منه.
بعد مرور 16 عاماً على اغتيال الرفيق لا يزال اللبنانيون يتذكرون تفاصيل ذلك اليوم الذي غيّر مسار البلد الى الأسوء،تزعزع الوضع الإقتصادي والأمني بعد رفيق الحريري فهو الذي كان يبني و يعمر و يعلم و يسعى جاهداً لبناء علاقات خارجية يستطيع من خلالها مد جسور العون للبنان و شعبه.
فضّل رفيق الحريري مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية و قدم الكثير من المساعدات و الدعم،بنى المساجد والكنائس و المدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية و دور العجزة لحماية المسنين،خيره وصل إلى كل بيت في لبنان لذلك كان الحزن على خسارته عظيماً و هذا الحزن يعود ويظهر في الرابع عشر من شباط كل سنة و كأنه شباط 2005 و كأن رفيق الحريري في هذا التاريخ من كل عام يُغتال من جديد.
رحل من كان يسند لبنان بذكائه و حكمته و عدله و رحل معه كل شيء جميل منذ ذلك الحين،رحل الأمن والأمان ورغد العيش والإطمئنان،رحلت الثقة بهيبة الدولة.
تسلّم الأمانة نجله سعد الدين الذي لم يسلم من سموم من لا يريدون لهذا الوطن أن يكون آمناً و هو الآن يعاني الأمرّين لإنقاذ ما تبقّى من لبنان،لبنان الذي أراده رفيق الحريري مرآة الشرق الأوسط.
الرابع عشر من شباط عيداً لحبّ رفيق الحريري فهم ظنّوا انهم سيمحون اسمه بإغتياله لكنهم منحوه عزّاً و محبة من قِبل الناس في لبنان والعالم أجمع و أصبح و منحوه لقب الشهادة ليكون عند الله عظيما.
في ذكرى استشهادك يا رفيق ليتك كنتَ معنا لتقف معنا في أزمتنا،ليتك لم ترحل عنا لتعلمنا كيف سنتخطى هذه الظروف الصعبة،ليتك معنا لترشدنا إلى طريق محبة بعضنا و حثّنا على العيش المشترك و رمي الخلافات جانباً لإنقاذ بلدنا.
الرحمة لروحك الطاهرة أيها الشهيد الحيّ و لرفاقك الذين قضوا معك،عند الله لا يضيع حق والقاضي أحكم الحاكمين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.