بين هطول الأمطار الغزيرة المصحوبة بين الحين والآخر بزخات كثيفة من حبات البرد ساحلاً بحراً ، وبين زحف الأبيض من أعالي القمم الى ما دون 600 متر مصحوباً بموجة شديدة من الصقيع جبلاً ، وزعت العاصفة جويس التي تضرب لبنان " بركاتها " على الطبيعة في منطقتي صيدا وجزين ، فعلقت حركتي الملاحة التجارية والصيد البحري في مينائي المدينة ، ورفعت الرياح الشديدة التي هبت على الساحل الأمواج في بحر صيدا الى عدة امتار . فيما تكرر منذ الصباح مشهد تساقط حبات البرد في وسط المدينة ومحيطها على شكل زخات متقطعة تفاوتت كثافتها بين حين وآخر . ورفدت الأمطار الغزيرة التي تساقطت على الساحل مجاري الأنهر ولا سيما الأولي وسينيق والزهراني بمناسيب عالية من التدفق والجريان باتجاه البحر .
وعلى الرغم من فرض العاصفة الشباطية هيبتها وسيطرتها على بحر صيدا متحدية بأنوائها جدران واحجار قلعتها التاريخية ، الا ان العاصفة جويس أغرت بعض هواء السباحة شتاءً بممارسة هوايتهم المفضلة ومغازلتها باستعراض عضلاتهم غير آبهين ببردها وصقيعها وانوائها .
ورسمت العاصفة جويس خطوط تواصل مائية و" ثلجية "بين بعض المناطق حيث زنر ما تساقط من ثلج ممزوج بالماء جانبي الطريق الرئيسة بين شرق صيدا وساحل جزين حتى مشارف بلدة روم اي بدءا من ارتفاع 600 متر لتبدأ من هناك الطرقات تضيق تدريجياً بسبب كثافة تساقط الثلوج وتراكمها مروراً بعازرو وضهر الرملة ووصولاً الى "عروس الشلال" التي اكتملت هذه المرة حلتها البيضاء الموشاة بأحمر قرميد بيوتها القديمة واخضر اشجارها ، فبدت العاصفة " جويس " وكأنها اشبينة جزين التي تلبسها ثوب زفافها الناصع في عرس الطبيعة من حولها وعلى ايقاع هدير شلالها المتدفق بخير السماء المرسل الى الأرض .
وفيما بقيت الطرق التي تربط بين جزين والجنوب عبر كفرحونة ، وبين جزين والبقاع الغربي عبر القطراني وبين جزين والشوف عبر باتر متأثرة بتساقط الثلوج فحيناً تقطع جزئياً أو كلياً وحينا آخر يعاد فتحها من قبل ورش الأشغال والبلديات والتي ابقاها استمرار العاصفة وميلها الى الاشتداد بعد الظهر بحالة تأهب واستنفار دائمين ، تماماً كاستنفار مدافىء الحطب والمازوت في مواجهة صقيع العاصفة استعداداً لما ستحمله من مفاجآت " بيضاء " !.
رأفت نعيم
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.