اعتبرت صحيفة "النهار" ان ما لم يذهب كثيرون الى توقعه حصل امس في فضيحة مدوية لعلها الأسوأ اطلاقاً في ابراز صورة مهينة لدولة "تهرب" اللقاحات من امام مواطنيها بطريق انتهاك الالية التي يفترض انها حاميتها والساهرة على تنفيذها، فاذا بالمفارقة الأشد سلبية على الاطلاق ان تتظهر امام الرأي العام الداخلي وعيون الجهات المالية والصحية الدولية صورة الخرق الأكبر للآلية في مجلس النواب وقصر بعبدا! والانكى من ذلك ان الفضيحة انكشفت أولا لدى البنك الدولي نفسه الذي كان اول من تبلغ المعلومات عن تلقيح نحو 16 نائبا في مجلس النواب الذي "استدعوا" اليه خلافا لكل معايير وإجراءات الآلية الرسمية ومن ثم تكشف الجزء الثاني عبر تسرب المعلومات عن عملية تلقيح جرت في قصر بعبدا، وشكلت فريقاً واسعا الى جانب رئيس الجمهورية وزوجته. اخطر ما أدى اليه انكشاف هذه الفضيحة انها هددت عمليات التلقيح بعد عشرة أيام فقط من انطلاقتها من خلال تهديد البنك الدولي بشكل جدي بوقف تمويل اللقاحات. واذا كان رئيس اللجنة الوطنية للقاح ضد كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري أرجأ استقالته الى مساء اليوم راهنا موقفه بموقف توضيحي حاسم يفصل الأمور بدقائقها، فيمكن القول ان هذه الفضيحة جاءت "لتتوج" سمعة أسوأ سلطة بإحدى اخطر ما اقترفته الجهات المتورطة في فضيحة من شأنها ان تهدد بحرمان اللبنانيين او الكثيرين منهم من اللقاح وتفاقم كارثة الانتشار الوبائي الذي لا يزال على مستويات عالية جدا من الخطورة.
وبينما آثرت وزارة الصحة التزام الصمت وعدم التعليق على الفضيحة المدموغة بموافقتها، خرج نقيب الأطباء شرف أبو شرف عن صمته فأكد وجود العديد من المخالفات في عملية التلقيح، كاشفاً أنّ "أناساً ليست لهم الأولوية أو لم يتم تسجيل أسمائهم على المنصة تلقوا اللقاحات، بينما لا يزال بعض العاملين في المجال الطبي وكبار السن ينتظرون". وإزاء ذلك، دعت مصادر صحية إلى ضرورة "إجراء تحقيق فوري ذي مصداقية أمام المجتمع الدولي عموماً والبنك الدولي خصوصاً، بغية تحديد المسؤوليات تجاه عملية تجاوز الآليات الرسمية المتبعة في عملية التلقيح وكشف المسؤولين عن هذه "الزعبرة"، التي كادت تطيح بالتمويل الدولي لتلقيح اللبنانيين"، مع تشديدها على أهمية "عدم رهن هذا الملف بقنوات الدولة لما يشوبها من شوائب مشهودة في المحسوبية والفساد، وتشريع الباب أمام دخول القطاع الخاص على خط استيراد اللقاح، والعمل على تسريع الوتيرة البطيئة التي تعتمدها وزارة الصحة في توزيع اللقاح على المواطنين والمقيمين".
وبحسب "الأخبار" فان الوقاحة تصل إلى حد الجريمة إذا ما عُطفت على الخلاصة التي توصّل إليها "مرصد الأزمة، في الجامعة الأميركية، واستناداً إلى معطيات الأسبوع الأول من التلقيح، وفيها نحو 50% ممن حصلوا على اللقاح حتى الآن لم يمرّوا عبر المنصّة! المُشرف على "المرصد"، الدكتور ناصر ياسين، حذّر في اتصال مع "الأخبار" من "التداعيات الخطيرة الناجمة عن غياب الشفافية على الهدف المرجو بالحصول على المناعة المُجتمعية بنسبة 80%". إذ وفقاً لتقديرات "المرصد"، وفي حال استمرّت الوتيرة على ما هي عليه، "لن يصل لبنان إلى الغاية المرجوة قبل سنة 2025، وهو أمر في غاية الخطورة خصوصاً لجهة التحورات التي تطرأ على الفيروس والتي قد تستدعي تصنيع لقاحات جديدة".
ورغم محاولة الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر التخفيف من وطأة ما جرى عبر تأكيد أنه لا يخالف شروط الحصول على اللقاح إذ «كلّ أسماء هؤلاء النواب موجودة على المنصّة الرسميّة وبحسب الفئة العمريّة (فوق 75) وقد حان دورهم، وهذا ما فعلناه باعتبار أنّ النوّاب هم الأكثر عملاً في القوانين واجتماعاتهم دائمة، وخوفاً من أن ينقلوا العدوى إلى المجتمع إذا أصيبوا»، فإن «الإدانة» لِما حصل لم تتأخّر وهي جاءت مزدوجة كما كتبت "الراي الكويتية":
أولاً من «فم» رئيس اللجنة الوطنية للقاح «كورونا» عبدالرحمن البزري الذي رفع «بطاقة صفراء» بشهره سلاح الاستقالة.
والثانية من المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي ساروج كومار الذي هدّد بتجميد تمويل حملة التطعيم التي كان البنك وافق في 21 يناير الماضي على إعادة تخصيص 34 مليون دولار (من مشروع صحي مستمرّ لتعزيز النظام الصحي في لبنان) لدعمها، وكانت هذه أول عملية يمولها لشراء لقاحات كوفيد-19.
على خط آخر، دعت مصادر صحية عبر “نداء الوطن” إلى ضرورة “إجراء تحقيق فوري ذي مصداقية أمام المجتمع الدولي عموماً والبنك الدولي خصوصاً، بغية تحديد المسؤوليات تجاه عملية تجاوز الآليات الرسمية المتبعة في عملية التلقيح وكشف المسؤولين عن هذه “الزعبرة”، التي كادت تطيح بالتمويل الدولي لتلقيح اللبنانيين”، مع تشديدها على أهمية “عدم رهن هذا الملف بقنوات الدولة لما يشوبها من شوائب مشهودة في المحسوبية والفساد، وتشريع الباب أمام دخول القطاع الخاص على خط استيراد اللقاح، والعمل على تسريع الوتيرة البطيئة التي تعتمدها وزارة الصحة في توزيع اللقاح على المواطنين والمقيمين”.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.